مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
أيا يكن مضمون الكلمة التي سيلقيها في الثالثة عصر اليوم الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، فان مقدماتها الشكلية والإعلامية كما التمهيد “الميداني” لها عكس قدرا كبيرا من التركيز على طابعها المفصلي لكونها الاطلالة الأولى لنصرالله منذ عملية “طوفان الأقصى” في غلاف غزة والحرب التي اشتعلت عقبها بين إسرائيل وحركة “حماس” في غزة وتمددت شظاياها الى جنوب لبنان الذي صار جبهة ميدانية ولو لم تشتعل معه “بعد” حرب شاملة. ومن نافل القول ان أي تسريبات جدية حول مضمون الكلمة لن تسبقها حفاظا على الطابع السري المفصلي المتروك لصاحب المناسبة لكي يعلنه. ولكن ذلك لم يمنع تقصي بعض التقديرات الجدية حيالها والتي ترجح، تبعا لكل الظروف الموضوعية التي سبقت القاء هذه الكلمة والتطورات الميدانية التي تواكبها، ان ترسم لها حدان عريضان: الحد الأول ذهاب الأمين العام ل”حزب الله” الى اقصى التحذيرات والتهديدات لإسرائيل التي تقارب التهديد بحرب تتجاوز بكثير ما أصابها في هجوم “طوفان الأقصى” ومن ثم المواجهات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في حال الاعتداء على العمق اللبناني وتجاوز خطوط المواجهة الحالية. والحد الثاني تحديد المسار الميداني الذي يتولاه “الحزب” منذ 8 تشرين الأول “نصرة لغزة وفلسطين” والاطلالة على المشهد العام للمواجهة الجارية عبر “وحدة الميادين”.
تبعا لذلك بدا واضحا ان الحزب أراد اطلاق التمهيد الناري المتناسب مع ما أراد اطلاقه من رسائل السيد نصرالله في كلمته اليوم، فشن البارحة، عشية القاء الكلمة، أوسع هجماته المركزة على طول خطوط المواجهة الحدودية مع إسرائيل مستهدفا كل المواقع العسكرية الإسرائيلية المواجهة واحصت وكالة رويترز 19 هجوما متزامنا شنها “حزب الله” على مواقع إسرائيلية على الحدود مع لبنان . كما ان الحزب ادخل للمرة الأولى سلاح المسيرات في هجماته على المواقع الإسرائيلية اذ اعلن مهاجمة مقر قيادة الكتيبة الاسرائيلية في ثكنة زبدين في مزارع شبعا بواسطة مسيرتين إنقضاضيتين هجوميتين مليئتين بكمية كبيرة من المتفجرات مؤكدا انهما اصابتا أهدافهما بدقة عالية. يضاف الى ذلك ان “حماس” – فرع لبنان انخرطت مجددا في الهجمات فاعلنت تبنيها اطلاق 12 صاروخا على مستوطنة نهاريا في شمال إسرائيل. واكد الحزب في بيان مسائي انه “تزامنا مع الهجوم بالمسيرات على ثكنة زبدين هاجمنا 19 موقعا ونقطة إسرائيلية في وقت واحد باستخدام الصواريخ الموجهة والقذائف المدفعية والأسلحة المباشرة وحققنا فيها إصابات مباشرة “. وعدد المواقع والنقاط التي استهدفت.
وشهدت القطاعات الشرقي والوسط والغربي اعنف أيام المواجهات منذ اندلاعها في الثامن من تشرين الأول الماضي ووسّع الجيش الإسرائيلي من رقعة اعتداءاته للمرة الثانية خلال أسبوع وطاول للمرة الأولى منذ حرب تموز 2006، الاطراف الغربية لبلدة يحمر – الشقيف، حيث سقطت قذيفتان مدفعيتان على طريق الوادي المؤدية الى النهر في منطقة مفتوحة وعلى مسافة قريبة من المنازل السكنية من دون وقوع اي اصابات. وساد توتر كبير في محيط يارون وعيتا الشعب وتساقطت عشرات القذائف وسط تحليق للطيران الاسرائيلي في أجواء المنطقة كما تعرضت بلدات برج الملوك والقليعة ومرجعيون واطراف دبين للقصف، وقام الجيش الإسرائيلي بإلقاء القنابل الفوسفورية على أطراف البلدات الحدودية إبل السقي ومركبا وحولا. وأفادت وسـائـل إعـلام اسرائيليـة، بأن “25 صاروخاً و قذيفة استهدفوا مواقع للجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع لبنان في التوقيت نفسه “.
وتحدثت تقارير عن تطور اخر شهدته المواجهات امس تمثل بقصف إسرائيلي في اتجاه رأس الناقورة طاول منطقة الطفافات البحرية وهي المرة الأولى التي تكون فيها هذه المنطقة مستهدفة لا سيما أن منطقة الطفافات هي التي بقيت عالقة في ملف ترسيم الحدود البحرية. وسقط في القصف الإسرائيلي على وادي السلوقي قتيلان وجريح .
ومع توجه الانظار الى كلمة نصرالله اليوم وجه المتحدث بإسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري رسالة إلى الأمين العام لـ”حزب الله” قائلا “نحن جاهزون”. وفي إيجازه الصحافي اليومي، توجه هغاري إلى نصرالله، مؤكداً أن “الجيش الإسرائيلي على استعداد تام للرد بقوة على أي شخص يحاول تقويض الوضع الأمني في الشمال”، مشدداً على “أننا مستعدون بقوة على الحدود الشمالية”. وأشار إلى أنه حتى الساعة الأخيرة “هاجم الجيش مواقع على الحدود اللبنانية أطلقت منها صواريخ باتجاه إسرائيل”، مبيناً أن “الفرق على الحدود تعرضت لهجوم أيضا في الساعة الماضية”.
“بغنى عن حرب “
وعلق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي على الوضع في لبنان فقال: “سننتظر ما سيقوله نصرالله غداً ورسالتنا له ولأيّ طرف آخر بأنّ عليه ألّا يوسّع الصراع والبيت الأبيض لم يرَ دليلاً على أنّ “حزب الله” مستعدّ لاستخدام القوة الكاملة”.
وبدوره اعتبر وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو خلال زيارة لجنوب لبنان أن هذا البلد “بغنى عن حرب” مع اسرائيل . وقال خلال تفقده الكتيبة الفرنسية في قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل)، إن “لبنان بغنى عن حرب، هذا أقل ما يمكن أن نقوله”. وأضاف “ناهيك عن أن هذه الحرب يمكن أن يكون لها آثار تصعيدية كبيرة على المنطقة بأكملها”. واعتبر لوكورنو أنه في مواجهة التوترات الحالية، لا أحد لديه مصلحة في “توقف” مهمة اليونيفيل، معتبراً أن الأخيرة تمثّل “الحل”. وأضاف: “إذا كان من وقت نحتاج فيه إلى المراقبة والردع لتجنب التصعيد، فهو الآن”. وأعرب عن أسفه لسماع “من هنا وهناك أن اليونيفيل يجب أن توقف دورياتها”، من دون أن يحدد الطرف الذي يقصده.
وكان الناطق الرسمي بإسم اليونيفيل أندريا تيننتي اعلن ان القوات المسلحة اللبنانية “أبلغتنا صباح اليوم (امس) أن سكان المنطقة وجدوا جثتي الشخصين اللذين أصيبا يوم أمس بالقرب من الخط الأزرق في منطقة الوزاني”. مشيرا بذلك الى الراعيين اللذين تعذر على الجيش واليونيفيل ايجادهما ليل الأربعاء وتبين امس انهما قتلا بالنيران الاسرائيلية . وأضاف “الإقتراب من الخط الأزرق هو أمر حساس للغاية على الدوام، ولكنه يصبح أكثر حساسية في الوضع الحالي. الخط غير محدد في العديد من الأماكن وقد يكون من الصعب معرفة مكانه بالضبط على الأرض. إننا نحثّ الناس بشدة على الابتعاد لتجنب العبور عن طريق الخطأ، الأمر الذي قد يكون له عواقب مأسوية”.
وفي الداخل شدد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على انه ” يجب الا تصل الحرب الى لبنان لأنها ستقضي على البلد ويجب أن نفعل المستحيل لمنعها وسأترك افتراضات وتحليلات وقوع الحرب للمحلليين ولكن ما يمكنني ان اقوله اليوم انه لا يمكن ولن نسمح ان ينجر لبنان إلى حرب”. واضاف جعجع ” “قرار الحرب والسلم مخطوف من قبل “حزب الله” وإيران، ولكن هذا القرار بحسب الدستور يجب أن يكون مع الحكومة اللبنانية، ولذلك على حكومة تصريف الأعمال اليوم اتخاذ الترتيبات اللازمة لإخراج لبنان الرسمي من هذا الأمر والمطالبة بتطبيق 1701.
وأشار الى ان “هناك تشويه حول القضية الفلسطينية، لأن هناك من يتاجر بها. ماذا فعل محور الممانعة للقضية الفلسطينية؟ ماذا فعلوا منذ 80 سنة حتى الآن؟ القضية الفلسطينية “مش بالحكي”، وأرى أنها تتمثل بإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، ونحن قلباً وقالباً مع القضية الفلسطينية”. واعتبر ان “ما حصل في 7 تشرين الأول بطولة كبيرة، ولكنه انقلب بشكل غير مباشر لدعم الحكومة الإسرائيلية والوقوف إلى جانبها بعد أن كانت تواجه معارضة كبيرة من الداخل والخارج”.