مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار” :
مر اليوم الثالث من “هدنة غزة” بهدوء لافت شبه كامل على الحدود الجنوبية اللبنانية مع إسرائيل بما اثبت الارتباط “الميداني” غير المعلن وغير المعترف به لا من إسرائيل ولا من “حزب الله” بالصلة المباشرة للتهدئة في الجنوب بمجريات تنفيذ مراحل الهدنة الإنسانية الموقتة في غزة .
وبدا من خلال جولة ميدانية لـ”النهار” على امتداد الحدود ان أبناء البلدات والقرى الحدودية الجنوبية امضوا عطلة نهاية الأسبوع، في سباق مع الوقت قبل 24 ساعة من موعد انتهاء الهدنة في غزة، تحسبا لاحتمال عودة السخونة الى جبهة الجنوب.
ولكن الهدوء استمر لليوم الثالث مسيطراً على جانبي الحدود، بعدما توقف تبادل كل اشكال القصف المدفعي والصاروخي، مما ساهم في عودة الحياة والحركة جزئياً إلى شرايين المنطقة. وبدت الحركة المرورية والتجارية ناشطة داخل جديدة مرجعيون مركز القضاء وعدد من قراها، على غرار مدينة بنت جبيل مركز القضاء، فيما وخلافاً لبنت جبيل، فان الهدوء الذي عاشته بعض البلدات المواجهة للمواقع الإسرائيلية ولاسيما منها مارون الراس والضهيرة وعين ابل وطير حرفا والجبين ومروحين في قضاءي بنت جبيل وصور، كان حذراً، واقتصر حضور الأهالي على تفقد بيوتهم وممتلكاتهم، ومن ثم العودة من حيث أتوا.
ومع اتجاه الأنظار الى رصد ما بعد الهدنة ميدانيا، يطل الأسبوع الجديد في الداخل على استعادة تحريك ملف الازمة الرئاسية المجمد منذ فترة طويلة نظرا الى الاستعدادات لعودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف #لودريان الى بيروت منتصف الأسبوع سعيا إلى تحريك متجدد لمساعي بلاده في شأن الازمة اللبنانية .
وفيما بدا واضحا ان أي معطيات جادة ومثبتة حيال الأفكار الجديدة التي قد يحملها لودريان لم تتوافر بعد، فان الجديد المثبت حيال زيارته يتمثل في انه يضطلع هذه المرة بمهمة من شقين هما الشق الرئاسي الأساسي في مهمته والشق الطارئ المتصل بالضغط الفرنسي المتعاظم لمنع انزلاق لبنان نحو حرب مع إسرائيل. وهو امر سيجعل الترابط مؤكدا بين الجانبين الرئاسي والأمني
وعلمت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان المبعوث الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان سيتوجه الى السعودية قبل زيارته الى لبنان يوم الاربعاء. وقد قرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ارسال لودريان في هذا التوقيت لانه مقتنع بان الضرورة الآن ملحة اكثر من اي وقت لكي تسرع القيادات اللبنانية الى ملء الفراغ الرئاسي لان ما بعد السابع من تشرين الاول وحرب غزة، فان الوضع القائم في #جنوب لبنان لا يمكن ان يبقى على ما هو، اي في حالة ستاتيكو وان على لبنان ان يستعد لمفاوضات ستحصل بالتأكيد على القرار 1701 ولا يمكن ان يستمر الفراغ الرئاسي . فموضوع الجنوب اللبناني سيكون في وقت قريب مطروحا مع المفاوضات على الحدود البرية وعلى القرار 1701. وثمة خطر ان تقرر اسرائيل ايجاد حل بشكل او آخر لحدودها الشمالية ، وان ذلك يعني ان على المسؤولين اللبنانيين ان يستعدوا للتحضير لذلك. وكل ذلك يتوقف على ما يحصل حيال #القضية الفلسطينية وعلى لبنان ان يستعد كي لا يكون خارج المفاوضات اذا حصلت.
الى ذلك فان فرنسا تواظب على البعث برسائل لـ”حزب الله” وايران حول عدم تصعيد الحرب على الجبهة اللبنانية ولكن الجديد ان باريس تعتبر ان قضية جنوب لبنان ستطرح قريبا للتفاوض.
ويزور ماكرون المنطقة بعد زيارته الى الامارات للمشاركة في COP28 وقد يزور السعودية لاجراء محادثات مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان . وتلتقي وزيرة خارجيته كاترين كولونا مع وزيري خارجية السعودية ومصر في برشلونه غدا، وهي اجرت اتصالا برئيس الحكومة القطري للافراج عن الرهائن مع “حماس” وادخال المساعدات الانسانية الى غزة وتمديد الهدنة في غزة والعمل بالتوازي من اجل وقف اطلاق نار ولو ان رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يعارض ذلك .
وفي اطار التحركات الديبلوماسية والسياسية المتصلة بالوضع على الحدود الجنوبية التقى السبت الرئيس التركي رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إسطنبول. وتناول البحث الوضع في المنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان وتركيا.
وأكد اردوغان “ضرورة العمل على تحقيق هدنة مستدامة في غزة ووقف العمليات العسكرية تمهيدا للانتقال الى العمل لتحقيق السلام المستدام”. وقال”إن أكثر الدول تأثرا بحرب غزة هو لبنان، ونتمنى استمرار الهدنة لكي يبقى لبنان آمنا وهادئا”.
بدوره قال الرئيس ميقاتي” إننا نعوّل على مساعي الدول الصديقة لاحداث خرق في جدار الازمة القائمة والعمل على احلال السلام، وعودة الهدوء الى جنوب لبنان”.
وفي حديث لمحطة تركية قال ميقاتي”إن قواعد الاشتباك عند الحدود الجنوبية بين لبنان واسرائيل تبقى كما هي لكن لا توجد ضمانات دولية يمكن أن نطمئن اليها”.
وقال”في هذه النفسية الاجرامية الموجودة لدى العدو الاسرائيلي بِقتل الاطفال والنساء والشيوخ والتهجير والتدمير، فأي ضمانات يمكن أن تعطى ونحن نرى هذا العدوان على غزة القائم يوميًا ولا أحد يكترث لذلك ولا أي ردات فعل دولية”.
اضاف” لا نريد حرباً ونحن طلاب سلام، لكن في الوقت نفسه لا نريد لأحد أن يدنس الأرض اللبنانية”. وقال:”نحن نساند القضية الفلسطينية مساندة كاملة، ولكننا نحاول قدر المستطاع تجنيب لبنان الدخول في معارك دموية”.
الموقف الكنسي
اما في المواقف الداخلية البارزة فتوجه امس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى السياسيين قائلا : “نحن لا نقبل، أيّها المسؤولون السياسيّون، أكنتم في الحكم أم خارجه، بمواصلة انتهاك الدستور وتحديدًا المادة 49، على حساب قيام الدولة والمؤسّسات، وأنتم لا تنتخبون عمدًا رئيسًا للجمهوريّة منذ سنة وشهر، والأوضاع الإقليميّة الدقيقة للغاية تفرض وجود حماية للدولة، والرياح تتّجه إلى ترتيبات في المنطقة! فلا نقبل برهن انتخاب الرئيس لشخص أو لمشروع أو لغاية مرتبطة بالنفوذ . لا نقبل بحرمان الدولة من رأسها، ولا بنتائج الحرمان… فلا نقبل، ولو ليوم واحد، بتغييب الرئيس، وبالتالي بفوضى الحكم، وكثرة الرؤوس، ومرتع النافذين” . واضاف “نحن لا نقبل بمحاولات المسّ بوحدة الجيش واستقراره والثقة بنفسه وبقيادته، لا سيما والبلاد وأمنها على فوّهة بركان. ينصّ الدستور في المادّة 49 على أنّ “رئيس الجمهوريّة هو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة”. فكيف يجتهد المجتهدون لتعيين قائد للجيش وفرضه على الرئيس العتيد؟ اذهبوا فورًا إلى الأسهل وفقًا للدستور، وانتخبوا رئيسًا للجمهوريّة، فتنحلّ جميع مشاكلكم السياسيّة، وتسلم جميع مؤسّسات الدولة.”
وبدوره لفت ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الى حلول عيد الإستقلال “مرة أخرى فيما البلد بلا رأس، وهو يتخبط في مشاكل لم يجد المعنيون لها حلولا منذ سنوات، أضيف عليها شبح الحرب التي لا طاقة للبنان على تحملها في ظل تداعي الدولة وانهيار الإقتصاد، ولا يريدها معظم اللبنانيين الذين عانوا من ويلات الحروب ودفعوا أثمانا باهظة من حياتهم وممتلكاتهم ومستقبل وطنهم، ولا يريدون أية مقامرة بمصيرهم بل يتطلعون إلى اليوم الذي ينتخب فيه رئيس للبلاد تبدأ معه مسيرة نهوض البلد من كبوته التي طالت، وتبدأ عملية إصلاح شامل تقضي على الفساد والتطاول على السيادة والدستور، واستباحة الحدود، وكبح الحريات واستغلال القضاء، وتحصر قرارات الدولة في يد الدولة، وتعيد للمواطن كرامته وللدولة هيبتها وللقانون سيادته. عندها فقط يعود للإستقلال معناه ويشعر اللبنانيون أنهم يمسكون مصيرهم بيدهم لأن دولتهم، بكافة عناصرها، هي الحاكم الوحيد، والناطق الوحيد باسمهم، والراسم الوحيد للسياسة الداخلية والخارجية”.
وقال ” لا بد من التشديد على أهمية دور جيشنا، وضرورة الالتفاف حوله، وعدم العبث بكل ما يتعلق به كونه المدماك الأخير الصامد. كما لا بد من التشديد على وعي المواطنين وواجبهم في محاسبة ممثليهم كي يقوموا بالدور الذي انتخبوا من أجل القيام به” .