مجلة وفاء wafaamagazine
أقامت ثانوية البرج الدولية احتفالا برعاية وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى وحضوره، بعنوان “أسرة سليمة….وطن سليم”في إطار تكريم الممثلة السورية القديرة نادين الخوري والشاعر اللبناني الكبير نزار فرنسيس فضلا عن المربيين الفاضلين شريف سليم وحسن بديع عمار.
بعد كلمة لرئيس مجلس إدارة المدرسة مفيد الخليل اكد فيها “وجوب حماية المجتمع والأطفال الصاعدة من القيم الدخيلة الهدامة”، واثنى فيها على “جهود وزير الثقافة في مواجهة حملات الترويج لهذه القيم”، كانت كلمة للمرتضى قال فيها:”شاء منظمو هذا المهرجان أن يجعلوا له عنوانا يجمع بين الربيع والأسرة والوطن والسلامة، أو السلام، لإيمانهم بأن الربيع الحقيقي لا تحتضنه الأرض ولا النفوس، إلا إذا تحول الوطن إلى أسرة تنشد السلام الدائم لأبنائها. “
اضاف المرتضى:” لعل من أغلى قيمنا، نحن أهل هذه البقعة من وسط الشرق، أن حياتنا الاجتماعية ما زالت الأسرة خليتها الأولى. يمسك الجيل منا بأيدي الجيلين من سابق ولاحق، من أهل وأولاد، وربما أجداد وحفدة، بأواصر وداد واعتزاز بالانتماء، لا إلى النسب بطبقاته الضيقة، بل إلى أعماق جذور الوجود الإنساني الممتد في داخلة التاريخ، والباسط غصونه على امتداد الأزمنة. حتى إنه، كلما اتسع فضاء الأغصان وتراخت بعدا، ازداد تعلقها بالجذع لضمان الثبات والبقاء، كأن كل أسرة عندنا أرزة دهرية خضراء، تحت ظلالها يلتقي في موعد واحد على معنى أخضر واحد، كل من الوطن والأسرة والربيع.”
تابع المرتضى:” لكن العائلة لا تشكل قيمة مفردة بنفسها، بمعزل عن القيم الأخلاقية التي تنشئ عليها أجيالها. وفي هذا الخصوص أسمح لنفسي بأن أتجاوز هنا التذكير بتفاصيل ما شهدناه العام الفائت من معركة حقيقية على جبهة القيم، مكتفيا بأن أشير إلى التكاتف الواسع الذي أبداه معظم اللبنانيين، أفرادا وجماعات، وإلى حرصهم الشديد على الذود عن أخلاقيات أجيالهم، تكاتفا وحرصا لولاهما ما كان لثوابت تراثنا أن تنتصر.”
واردف: “أما السؤال الذي يرفع علامة استفهامه إشارة حمراء مؤذنة باقتراب الخطر فهو: كيف لنا أن نجعل وطننا المتعدد أسرة واحدة، “تلم بنيها عند كل مصاب” كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي؟ وأما الجواب فسهل وصعب في الآن نفسه. ذلك أن الأساس في الوجود الوطني والإنساني هو التنوع الذي يؤدي حكما، بفعل مبدأ الحرية، إلى اختلاف هنا وثمة في الاعتقاد والسلوك، وفي العادات والتقاليد، وفي فهم تراكمات الماضي، ومجريات الحاضر والآتي على السواء. هذا هو الوجه المضيء من الجواب. أما التحدي الصعب فيمكن في القدرة على جعل التنوع لغة حوار ولقاء، تماما كحروف الأبجدية التي تتفاوت رسما ونطقا، وتفرغ من معانيها فرادى، لكنها إذا اجتمعت وشد الحرف منها أزر أخيه، صارت كلمة فجملة فنصا فكتابا، أو رسالة يوصف بها لبناننا كما تعلمون. فإنما من السهل جدا أن نكون أفرادا أو حتى مكونات وعائلات، لكن المهم هو أن نتحول إلى أسرة متكاتفة”.
تابع:” هذا يبدأ من فهم تحديات الواقع، في التاريخ والجغرافيا، وتحديد أسباب الخطر الحقيقية على كياننا، وتأليب عناصر القوة وفي صدارتها المقاومة لمواجهة التحديات، حتى تحقيق الانتصار. وهل من خطر داهم على وجودنا أكثر من هذا العدو المتربص بنا الى الجنوب من حدودنا الذي يشكل بالفعل خطرا لا علينا فقط بل على العالم كله، بسبب العنصرية السوداء التي تسيطر على فكره وسياساته وأدائه العدواني الإجرامي؟ وهل بمقدورنا أن نحفظ وطننا إلا بوحدتنا والإلتفاف حول مقاومتنا لقهر هذا العدو المغتصب؟ فلماذا لا نتحد حول مقاربات وطنية تؤمن لمجتمعنا السلام من العدوان الذي لن ينفك حتى يدمر صيغتنا المناقضة لهويته… فإما نحن وإما هو ….ونحن ولبنان وصيغتنا اللبنانية باقون… اما هو وعنصريته واجرامه وكيانه فالى زوال باذن الله”.
اضاف: “أيها الأصدقاء، للصراع في الوجود قواعد تمليها طبيعة الحياة. فقد يعبر وطن ما في مرحلة من التنابذ بين بنيه، أو العدوان الخارجي عليه، أو الاحتلال الأجنبي لأراضيه، لكنه إذا كان بحق أسرة، فسرعان ما يسترجع اتحاده وحريته وقوته ليصير كالبرج في أوج السماء. أو كما الأجيال في برج هذه الثانوية الزاهرة، التي تحتفي اليوم بمطلع الربيع ويوم المرأة، على مشارف الشهر الفصيل، لتقول لنا أخيرا: إن ربيع لبنان سيكون حتما في برج السلام، حين نصير أسرة منتصرة على مظاهر التفرقة، حافظة لتنوعها وحرية أفرادها، ولكن مجتمعة على مواجهة الأخطار باستثمار كل عناصر قوتها المادية والمعنوية، وصولا إلى النصر الأكيد والقريب بإذن الله”.
ختم بتوجيه التقدير إلى المكرمين ، ثم قام بتسليم درع إلى كل منهم لانجازاتهم ثقافيا وتربويا.