مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار” :
على طريقة “هبة باردة وهبة ساخنة ” لا يزال الوضع المتفجر في الجنوب يحتل صدارة الاهتمامات والأولويات ولو ان التحركات المتصلة بالملفات السياسية الداخلية تقدمت نسبيا في الآونة الأخيرة وحجبت الأضواء بعض الشيء عن تطورات الميدان الجنوبي. وفي ظل الربط القسري للوضع في الجنوب بتطورات الحرب في #غزة تراجعت موجة تفاؤل ساورت الكثير من الجهات الرسمية والسياسية اللبنانية حيال التوصل الى اتفاق هدنة في غزة بعدما تظهرت الصعوبات المتعاقبة التي تعترض هذه الهدنة كما في ظل سقوط المشروع الأميركي لوقف النار في #مجلس الأمن في حين رسمت الجولة السادسة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في المنطقة منذ عملية “#طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الماضي معطيات مشدودة للغاية بدا لبنان معنيا بها ولو ان الديبلوماسية الساخنة التي تشهدها عواصم عدة في المنطقة تتمحور حول محاولات وقف الحرب في غزة ولا يطرح فيها الملف اللبناني مباشرة. وتلفت أوساط ديبلوماسية معنية في هذا السياق الى انه بات من المستبعد حصول أي اختراق إيجابي في الجهود الكثيفة المتواصلة للتوصل الى هدنة في غزة اقله قبل عيد الفطر الامر الذي ينسحب بتوقعات سلبية حيال تواصل او تصاعد المواجهات عند الحدود اللبنانية ال#إسرائيلية اذ ان أي تحريك للجهود الديبلوماسية حيال الوضع في الجنوب لا يبدو مجديا قبل عودة الموفد الأميركي اموس #هوكشتاين الى مهمته المكوكية بين بيروت وتل ابيب، ولا تشير المعطيات الى امكان هذه العودة قريبا بما يعكس عدم امتلاك هوكشتاين الوقائع والضمانات الكافية بعد للتحرك نحو تحقيق نتائج ملموسة في تهدئة الوضع الميداني جنوبا وتبريده تمهيدا لاطلاق المفاوضات حول الملف الحدودي بين لبنان وإسرائيل كلا .
ومع ذلك فان واشنطن ما انفكت تشدد على موقفها المحذر من اتساع الحرب الى لبنان. وفي هذا السياق اكد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية #سامويل ويربيرغ امس لـ”النهار”، ان بلاده لا تدعم الحرب في لبنان وقال “موقفنا واضح: نحن لا ندعم الحرب في لبنان ونركز على استكشاف جميع الخيارات الديبلوماسية مع شركائنا الإسرائيليين واللبنانيين لاستعادة الهدوء وتجنب التصعيد”. وأضاف “مواطنو لبنان وإسرائيل يجب أن يعيشوا في سلام وأمان، وهذا يعد في أقصى الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة وينبغي أن يكون أولوية قصوى لكل من إسرائيل ولبنان”.
وأضاف “نحن قلقون من أن التبادلات النارية على طول الخط الأزرق تزيد من خطر التصعيد. لبنان يجب ألا يكون منصة لشن هجمات ضد إسرائيل أو ملاذاً للإرهابيين. القيام بذلك يؤدي فقط إلى زيادة احتمال وقوع العنف المدمر الذي يضر بالشعب اللبناني، الذي بغالبيته العظمى لا يرغب في الانجرار إلى الصراع. نحن وشركاؤنا كنا واضحين: يجب على “#حزب الله ” والفاعلين الآخرين عدم محاولة استغلال الصراع الجاري. الدمار المحتمل للبنان وشعبه قابل للتجنب”.(الحديث ص ٣) .
واما في الجانب اللبناني فجدد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي التأكيد “أن الحكومة مستمرة في اتصالاتها الديبلوماسية دوليا وعربيا لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان”، مشيرا الى”أن نتائج هذه الاتصالات تبدو حتى اللحظة ايجابية، من دون اغفال مسألة اساسية، وهي أنه لا يمكن الرهان على اي موقف ايجابي او ضمانة يقدمها العدو الاسرائيلي”.
وفي موضوع التعويضات قال: “إن العدوان الاسرائيلي واعمال تدمير المنازل والمنشآت في الجنوب مستمرة،ومن المستحيل في ظل هذه الظروف، القيام باي خطوة لاحصاء الاضرار وتحديدها او كلفتها. وكل ما يتم اشاعته في هذا الاطار غير صحيح، خصوصا وأن الجميع يعلم الامكانات المحدودة للدولة، التي بالكاد قادرة على تأمين الحاجات الاساسية، وتسعى جاهدة على خط مواز لتأمين الحد الادنى من الدعم المطلوب للنازحين من قرى الجنوب”.
يشار الى انه بناء على إقتراح وزارة الاشغال العامة والنقل، وطلب مجلس الوزراء، أوعزت وزارة الخارجية والمغتربين امس الى بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة في نيويورك، تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الامن الدولي حول اعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية عبر التشويش على انظمة الملاحة وسلامة الطيران المدني في أجواء مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت؛ منذ بدء الحرب على غزة. وقد جاءت هذه الشكوى إستكمالا لحملة توثيق الخروقات والانتهاكات الاسرائيلية، وتكملة لسلسلة الشكاوى المرفوعة سابقا.
اجتماع بكركي
اما في المشهد السياسي الداخلي وفيما تغرق البلاد ومعها سفراء المجموعة الخماسية في إجازة سياسية طويلة حتى ما بعد عطلتي عيدي الفصح والفطر ترددت أصداء الاجتماع الأخير لممثلي الأحزاب والتيارات المسيحية في بكركي الذي عقد الخميس وسط معلومات تؤكد ان الوثيقة التي ستصدر عن الاجتماعات صارت شبه ناجزة وان بكركي ترغب أولا في الوقوف على آراء وتوجهات سائر الجهات اللبنانية عليها قبل إقرارها . ولهذه الغاية اصدر امس المكتب الإعلاميّ لراعي أبرشيَّة أنطلياس المارونيّة المطران انطوان بو نجم بيانا توضيحيا اكد ان التّشاور إنطَلَقَ برعاية البطريرك مع القِوى السِّياسيَّة المسيحيَّة كمرحلة أولى، “على أن يتوسَّع الحِوار بعدَها ليشمَل كُلّ القِيادات الرُّوحيَّة والمرجعيَّات السِّياسيَّة اللُّبنانيَّة والِقوى المجتمعيَّة الحيَّة كمرحلة ثانية” . وشدد على ان “المُبادَرة هي مُبادرة وطنيَّة جامِعَة بإمتياز، وتبتعِد عن أيّ مُقاربة طائفيَّة أو سِياسيَّة ضيِّقة، وهي بعيدَة عن أيّ إنحياز لأيّ فريق سِياسيّ، بل هي تتقاطَع في ثوابِتها مع كل الإرادات الطيِّبة التّي تعمل لخَلاص لُبنان”. ولفت الى “أن البطريركيَّة المارونيَّة هي المرجعيّة الوحيدة المعنية بتَظهير المُحاولات والنتائِج لهذه المُبادرة الوطنيَّة الجامِعَة، في اللَّحظة والشَّكل اللَّذين تراهُما مناسبين”.
وعكست مواقف لممثلي الأحزاب في اجتماعات بكركي على اختلافهم هذا الاتجاه اذ أعلن عضو “تكتل لبنان القوي” النائب سليم عون أنّ “الاتفاق تمّ على وثيقة بكركي خلال الاجتماع المسيحي، وستبصر النور قريبًا”وأكّد أن “ورقة بكركي هدفها الإجماع على الثوابت بين كل الأطراف، وليست للمواجهة مع الطرف المسلم”، مشيرًا إلى أنه “في الشكل فقط لا إجماع إنما في المضمون فالجميع متفق على النقاط نفسها”.
وابرز ممثل حزب “#القوات اللبنانية ” في الاجتماع النائب فادي كرم “إيجابية” اجتماع بكركي ، مشيرًا إلى أن “الأطراف متّجهون نحو التفاهم”، موضحا “ان البطريرك الراعي سيضع الوثيقة الوطنية بين أيادي الأطراف اللبنانية كافة، والطرف الذي يعرقلها يساهم في عرقلة مؤسسات الدولة”. ورأى أن “على المشاركين أن يكونوا مبدئيين ووطنيين لمصلحة البلد وليس على حساب التفاهمات والتسويات”.
في المقابل ، تطرق نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم امس الى الملف الرئاسي فقال ” بالنسبة إلينا كحزب الله في الوقت الذي نواجه فيه العدو الإسرائيلي في الجنوب نقول في الداخل لنا أولوية بانتخاب الرئيس، يسأل البعض أين أولويتكم وأنتم تتمسكون بمرشح واحد؟ نقول لهم ماذا نقول لأؤلئك الذين يقولون لنا سنطرح مرشحاً يستفزكم؟ أو من يعمل ليكون المرشح في جيبه يديره كما يشاء. بالتأكيد مرشحنا مرشح وطني يستطيع أن يؤدي الأغراض المطلوبة بينما المرشحون المطروحون لا يستطيعون القيام بالطمأنة وبإدارة البلد بشكل موحد. مع ذلك نحن دائماً نقول نحن حاضرون للحوار والتشاور وفق الآليات الصحيحة والمناسبة للوصول إلى نتيجة”.