مجلة وفاء wafaamagazine
كشفت دراسة جديدة، أنّ المراهقين قد يكونون قادرين على نقل الاضطرابات النفسية لبعضهم البعض. وفقًا لبحث نُشر في مجلة الطب النفسي JAMA Psychiatry، فإنّ طلاب الصف التاسع الذين لديهم أصدقاء يعانون من اضطرابات نفسية، هم أكثر عرضةً للإصابة بها لاحقًا في حياتهم.
تبيّن الدراسة أنّ هذا الارتباط يظل قائمًا حتى عند أخذ العوامل الأسرية ومناطق السكن في الاعتبار.
وقال الباحثون في جامعة هلسنكي الفنلندية في ورقة البحث: «تشير نتائج هذه الدراسة إلى أنّ الاضطرابات النفسية يمكن أن تنتقل بين شبكات أقران المراهقين».
ووجدت الأبحاث السابقة، أنّ الاضطرابات النفسية قد تمتد إلى أفراد العائلة وحتى الأصدقاء داخل الشبكات الاجتماعية. وقام الباحثون في فنلندا بفحص بيانات لأكثر من 710,000 فنلندي من 860 مدرسة ثانوية، لتحديد ما إذا كان وجود صديق يعاني من اضطراب نفسي يؤثر على احتمالية إصابة الشخص باضطراب مماثل.
تمّ تشخيص حوالى 47,000 شخص من المجموعة باضطراب نفسي ما بحلول الصف التاسع، وتمّ تشخيص 167,000 آخرين – أي ما يعادل 25% من الإجمالي – خلال فترة متابعة لاحقة في الحياة.
ووجد الباحثون أنّه كانت هناك زيادة بنسبة 5% في إجمالي خطر تشخيص الإصابة باضطراب نفسي إذا كان لدى الشخص أكثر من زميل واحد مصاب باضطراب، ولكن لم يكن هناك خطر متزايد بالنسبة لشخص واحد مصاب. وكان الارتباط قويًا بشكل خاص في السنة الأولى من المتابعة، حيث زادت المخاطر بنسبة 9% إذا كان لدى الشخص زميل واحد مصاب، و18% إذا كان لديه أكثر من زميل مصاب.
وكتب الباحثون: «وجدنا ارتباطًا بين وجود أقران مصابين باضطراب نفسي خلال فترة المراهقة وزيادة خطر تلقّي تشخيص باضطراب نفسي لاحقًا في الحياة. كان هذا الخطر أكثر وضوحًا في السنة الأولى من المتابعة. وأظهر الارتباط علاقة استجابة للجرعة، مع ارتفاع المخاطر عندما يكون هناك عدد أكبر من الأفراد المصابين في شبكة الأقران».
وفقًا لميكايلا جيمس، الباحثة في الصحة النفسية في جامعة سوانسي في المملكة المتحدة، هناك اتجاه متزايد نحو ضعف الصحة والرفاهية بين الشباب.
«على وجه الخصوص، زادت مشكلات الصحة النفسية، بما في ذلك الصعوبات العاطفية والسلوكية، حيث أثرت الصعوبات العاطفية على 13-15% من الأطفال في 2017-2018 وأثّرت على 29% من الأطفال في 2021-2022. علاوة على ذلك، انخفضت مؤشرات الرفاهية والاستقلالية والكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، تكشف النتائج عن تدهور في الصحة البدنية بين عامي 2014 و 2022، كما يتضح من انخفاض القدرات في السباحة وركوب الدراجات. كما أصبحت العادات الغذائية غير الصحية، مثل انخفاض استهلاك الفاكهة والخضروات وزيادة استهلاك الوجبات الخفيفة السكرية، أكثر شيوعًا».
هناك آلية محتملة أخرى، خاصة بالنسبة لاضطرابات مثل الاكتئاب، وهي العدوى التفاعلي المباشر. بالنسبة لبعض الاضطرابات، مثل اضطرابات الأكل، قد يحدث الانتقال من خلال التأثير الاجتماعي للرفقاء، والذي يكون المراهقون عرضةً له بشكل خاص.
واقترحت جيمس: «نشهد حاليًا العديد من الاضطرابات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. لذلك، من الضروري للغاية إعطاء الأولوية لتطوير وتنفيذ تدخّلات فعّالة ومستدامة، وتوزيع التمويل، وتركيز السياسات التي تعالج المهارات البدنية مثل السباحة وركوب الدراجات، والفرص التي تعزز الثقة والاستقلالية في النشاط البدني، وتعزز الصحة العامة والاندماج الاجتماعي. ومن الضروري أيضًا الاعتراف بأنّ الوباء والقيود المصاحبة له يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذه القضايا. إنّ تخصيص الصحة العقلية بهذه الطريقة يمثّل مشكلة. هناك العديد من العوامل التي تلعب دورًا هنا، بخاصة في واقعنا المعاصر».
وكتب الباحثون: «إجراءات الوقاية والتدخّل التي تأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة للأقران على الصحة العقلية في مرحلة الحياة المبكرة، يمكن أن تقلّل بشكل كبير من عبء مرض الاضطرابات النفسية في المجتمع. وهناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحوث لتوضيح الآليات التي تفسّر هذه الارتباطات التي تمّت ملاحظتها».