الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / الراعي: لو كان المسؤولون يصغون لإلهامات الروح القدس لبدّلوا نهجهم وتعاطيهم الشأن الوطنيّ العام

الراعي: لو كان المسؤولون يصغون لإلهامات الروح القدس لبدّلوا نهجهم وتعاطيهم الشأن الوطنيّ العام

مجلة وفاء wafaamagazine

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، عاونه المطرانان حنا علوان وجوزف نفاع والقيم البطريركي في الصرح الاب طوني الآغا، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، الخوري بيار سكر، وحضر القداس عائلة الشهيدين مالك وهيثم طوق ووفد من رابطة سيدة ايليج وحشد كبير من المؤمنين .

وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى الراعي عظةً بعنوان : “روح الربّ عليّ مسحني … وأرسلني” (لو 4: 18)، قال فيها: “هذه الكتابة من آشعيا النبيّ كُتبت سبعماية سنة قبل المسيح. فقال عنها الربّ يسوع أنّها كتبت عنه: “اليوم تمّت هذه الكتابة التي تُليت على مسامعكم” (لو 4: 21). إنّه هو الذّي تنبّأ عنه آشعيا. أجل، تنبّأ عن هويّته: وهي مسحةُ الروح القدس في بشريّته؛ وتنبّأ عن رسالته المثلّثة وهي: النبويّة: أرسلني لأبشّر المساكين؛ والكهنوتيّة: أرسلني لإطلاق المأسورين، وعودة البصر للعميان، وتحرير المظلومين بأجسادهم وأرواحهم ونفوسهم؛ والملوكيّة: وأرسلني لإعلان زمن مرضيّ للربّ (لوقا 4: 18-20). يسعدني أن أحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، عائشين علاقتنا بالمسيح النبيّ والكاهن والملك، وملتزمين بهويّتنا ورسالتنا التي أشركنا فيها بالمعموديّة والميرون. وأوجّه تحيّة خاصّة لعائلتي الشهيدين هيثم ومالك طوق، في ذكراهما السنويّة الأولى. نصلّي في هذه الذبيحة الإلهيّة لراحة نفسيهما ولعزاء قلوب أسرتيهما، ولكي يتمكّن القضاء من تحديد الأراضي بين بشرّي والضنيّة، خدمةً للحقيقة والعدالة بعيدًا عن أي ضغوطات سياسيّة أو طائفيّة على القضاء. ونوجّه تحيّة ترحيب بمجموعة من رابطة سيّدة إيليج”.

واضاف: “الروح القدس الذي ملأ بشريّة يسوع يوم إعتماده في نهر الأردنّ، قاده إلى مجمع الناصرة في ذاك يوم السبت حيث كانت القراءة من نبوءة أشعيا تحقّقت في شخص يسوع كتأوين لها: “اليوم تمّت هذه الكتابة” (لو 4: 21). هذا هو عمل الروح القدس: إنّه يحقّق فينا الآن وهنا كلام الله. فلا نسمعه كلامًا من الماضي، بل كلامًا من الحاضر، موجّهًا إلى كلّ واحد وواحدة منّا. إنّ الروح القدس يعمل فينا بواسطة أسرار الكنيسة حيث يتواصل عمل المسيح الخلاصيّ. فيقدّسنا من خلالها الروح القدس ويجعلها فاعلة فينا الآن وهنا. وفوق ذلك يوزّع علينا الروح مواهب خاصّة، لكي يضعها كلّ واحد وواحدة منّا في خدمة الجماعة، فيساهم الجميع، كوكلاء على نعم الله، في بناء جسد المسيح في الحقيقة والمحبّة (راجع القرار المجمعيّ في رسالة العلمانيّين، 3). هذه الصفحة الإنجيليّة تنطبق على كلّ مؤمن ومؤمنة. فنبوءة “روح الربّ عليّ: مسحني وأرسلني” تتحقّق فينا. فقد نلنا الروح القدس بالميرون، ونناله كلّ مرّة نتقرّب من الأسرار المقدّسة، ولا سيّما سرّي التوبة والقربان. إذن، نحن أيضًا يقودنا الروح ويرسلنا إلى حيث يريد أن نشهد للمسيح في كلّ عمل ومسؤوليّة ومبادرة، كما “قاد يسوع إلى الجليل حيث راح يعلّم في مجامعهم، ودخل المجمع يوم السبت وقرأ نبوءة أشعيا، كلامًا نحقّق فيه ولساعته (راجع لو 4: 14 وما يليها)”.

واردف: “لا يمكن فصل حياتنا عن إلهامات الروح وتوجيهاته. فما أجمل أن نلتمس باستمرار أنوار الروح قبل أيّ عمل أو موقف: “هلّم أيّها الروح القدس، واملأ باطن قلوب مؤمنيك”. فتأتي أعمالنا ومواقفنا شاهدة للحقيقة والمحبّة التي يملأنا بها المسيح الربّ: فكلام الإنجيل يملأ عقولنا من الحقيقة، وتناول جسد الربّ ودمه في القربان يغذّي قلوبنا بالمحبّة. على أساس الحقيقة والمحبّة تُبنى الجماعة العائليّة والكنسيّة والإجتماعيّة والوطنيّة”.

واشار الى الازمات التي يعيشها المواطنون، وقال: “زارنا في مطلع هذا الأسبوع وفد من الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانيّة، وكلّمونا عن مشكلة التعاقد وتداعياتها على أوضاعهم المعيشيّة في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها الأساتذة كما سائر اللبنانيّين. وأجرينا اتصّالًا بمعالي وزير التربية، فأكّد لنا أنّه يدرس طلبات التفرّغ، مع أمل إنهائه وطرحه على مجلس الوزراء في القريب العاجل. كما زارنا أوّل من أمس وفد من الأجراء المتقاعدين في القطاع العام والمصالح المستقلّة، يتألّف من نقيب المصالح المستقلّة في الإتحاد العمّالي، ومن ممثّل عن كهرباء لبنان، وممثّل عن الضمان الإجتماعيّ، وممثّل عن تجمّع الأجراء المتقاعدين، وممثّل عن وزارة الشؤون الإجتماعيّة. وقد شرحوا لنا مطالبهم، وأهمّها الإسراع في دراسة مجلس النوّاب لأربعة مشاريع قدّمها السادة النوّاب طوني فرنجيّة، وفيصل كرامي، وشربل مسعد، وفراس حمدان، وبخاصّة الإستفادة من المعاش التقاعديّ أسوةً بالقطاع العام”.

واضاف: “زارنا أمس الأوّل وفد من العسكريّين المتقاعدين من الأسلاك العسكريّة كافّة وشرحوا لنا معاناتهم في رتبتي مؤهّل أوّل ومؤهّل على التقاعد. فمع إحترامهم ومحبّتهم لمؤسّساتهم العسكريّة، الملاذ الآمن للوطن والمواطن، وقد ضحّوا في سبيلها بزهرة شبابهم، يعتبرون ذواتهم مظلومين. فحقوقهم مضمونة في القانون، المرسوم 1595 صادر في 25/4/1984 وحكم صادر عن مجلس شورى الدولة، ومذكّرة صادرة عن رئاسة الحكومة، وحكم آخر رقم 234/2016-2017، صادر بتاريخ 15/12/2016 يعلن لهم الإستفادة من تعويضات صفائح البنزين، وقرارات أخرى صادرة عن مجلس شورى الدولة. فلا يجوز عدم تنفيذ قرارات هذا المجلس، وإلّا ما الحاجة إليه”.

وتابع: “إنّ إنجيل اليوم الذي يعلن الهويّة المسيحيّة والرسالة موجّه إلى كلّ مؤمن ومؤمنة، بل إلى كلّ إنسان. فالروح القدس يعمل في كلّ واحد منّا، وبخاصّة في الذين يتعاطون الشأن السياسيّ العام، من أجل حسن بنيان الجماعة الوطنيّة، القائمة على التنوّع في الوحدة. فلو كان المسؤولون السياسيّون عندنا يصغون لإلهامات الروح القدس، ولمعنى وجودهم، ولأهميّة هويّتهم ورسالتهم، لبدّلوا نهجهم وتعاطيهم الشأن الوطنيّ العام، ولسارعوا إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة، حفاظًا على حسن سير المجلس النيابي لكي يستعيد دوره كهيئة تشريعيّة، ومجلس الوزراء، لكي يستعيد صلاحياته الدستوريّة كاملة، ولكانوا تحمّلوا مسؤوليّاتهم تجاه شعبنا الفقير والمحروم من أبسط حقوقه الأساسيّة في المأكل والعمل والغذاء وتأسيس عائلة مكتفية، ولقاموا بالإصلاحات اللازمة لكي ينهض الإقتصاد، ويتوقّف نزيف الهجرة”.

وختم الراعي: “فلنصلِّ، إلى الله كي يستجيب دعاءنا وصلوات شعبنا، ويحقّق أمنياتنا، لمجده تعالى، أمين”.