مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”:
اذا كانت عشرة ايام من الانتظار الثقيل لم تظهر بعد الاتجاهات العامة في المنطقة، حيث يقف الجميع على حافة الهاوية، بانتظار تحريك احد الاطراف البيدق الاول على رقعة الشطرنج، فان ثمة ثابتة وموقفا لا يختلف عليهما اثنان، الثابتة، نجاح محور المقاومة في «لعبة» الاعصاب المشدودة مع كيان الاحتلال الذي اقر بالامس انه خسر هذه الحرب، والموقف ان الضغوط الاقليمية والدولية لم تنجح في لجم ايران وحزب الله، حيث تحدثت مصادر مقربة منهما «للديار» عن انتهاء اطراف محور المقاومة من تحديد الاهداف الاستراتيجية التي سيتم استهدافها، باسلحة دقيقة، بانتظار «ساعة الصفر» التي قد تكون موحدة او كل طرف على حدة، مع العلم ان غرفة العمليات المشتركة تضم انصار الله الذين قدموا ايضا خطتهم للرد على قصف الحديدة. اما في «اسرائيل»، فان منسوب القلق ارتفع امس خصوصا حيال طبيعة رد حزب الله، لانه سوف يحدد برأي المصادر الامنية والعسكرية الاسرائيلية طبيعة «اليوم التالي» بعدما بات من المؤكد ان الحزب لن يختار استهداف مواقع هامشية في ظل غموض كبير حيال نياته الحقيقية. وقد اجتمع المجلس الوزراي الاسرائيلي المصغر مساء امس في «قبو» «الكرياه» تحت الارض في وزارة الحرب، لدراسة المخاطر المحدقة، وكيفية اطلاع الجمهور على قرب حصول الضربات عندما تتضح المؤشرات الميدانية على قرب حصولها.
قلق بريطاني… وتدخل الماني
وقد عبرت مصادر دبلوماسية بريطانية عن خشيتها من «المجهول» الاتي، ونقلت عنها صحيفة «الفاينانشال تايمز» قولها، المفارقة الحالية تكمن في أن «إسرائيل» وحزب الله وإيران لا يريدون حربا واسعة، ولكن كما ظهر من خلال الاحداث الاخيرة، فإن الأوضاع تنزلق ببطء نحو الحرب! وفي سياق متصل، ومع بلوغ التصعيد ذروته، واثر فشل تدخلات حلفاء واشنطن العرب في ثني قوى المقاومة عن الرد القاسي، دخلت برلين مجددا على الخط عبر جهاز استخباراتها في محاولة لضبط الردود العسكرية تحت سقف معقول تستطيع تل ابيب «هضمه»، الا ان نائب مدير الاستخبارات الخارجية الألمانية أولي ديال، الذي سبق وزار بيروت واجتمع مع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، سمع كلاما واضحا لجهة مسؤولية «اسرائيل» عن التصعيد، وفهم من خلال اتصالاته الاخيرة مع حزب الله انه لمنع انزلاق المنطقة الى حرب واسعة يجب ان تتوجه الضغوط باتجاه الحكومة الاسرائيلية الفاشية لوقف الابادة في غزة، والامتناع عن الاعتداء على سيادة الدول، خصوصا ان برلين تعلم عبر «الاندوف» في الجولان المحتل ان مجزرة مجدل شمس مفبركة، وان ما حصل تسبب به صاروخ اعتراضي من القبة الحديدية. ولهذا فان ما حصل في الضاحية اعتداء ابتدائي لن يمر مرور الكرام.
هجوم غير مسبوق
ووفقا للمعلومات، استنتج الالمان ان ايران غير مردوعة، وان رد حزب الله سيكون غير مسبوق وتحت عنوان استعادة الردع لمنع «اسرائيل» من اعادة الكرة مرة جديدة. وبعد ذلك يمكن العودة الى الحديث عن ترتيبات على الحدود يسبقها وقف المجزرة في غزة. اما اذا ارادت واشنطن ترك نتانياهو يجر المنطقة الى الحرب، فان حزب الله بات على كامل جهوزية لمواجهة الاسوأ، على الرغم من انه لا يرغب بذلك. وهذه الخلاصة التي نقلها الالمان لـ «اسرائيل» وواشنطن كانت كافية بالامس لابقاء حالة الاستنفار على اشدها في كيان الاحتلال، وتاليا ارتفاع منسوب التهديدات.
السباق الاميركي مع الوقت
وامام هذه المعطيات، تلخص مصادر ديبلوماسية الوضع بالاتي «الأميركيون يخشون من تبادل هجمات سيجرهم إلى داخل المناوشات بسبب التزامهم الذي تم التعبير عنه في الفترة الأخير بالدفاع عن إسرائيل. واليوم الإدارة الاميركية تسابق الوقت وتروج ان هناك «مخرج» قبل مسار التصادم مع إيران وحزب الله واسرائيل. وإذا وافق نتناياهو على المضي بصفقة التبادل في الوقت الذي تستخدم فيه الولايات المتحدة جهود الردع، فثمة احتمال لوقف التصعيد الذي قد يجر الطرفين إلى حرب».
ما حدود التدهور؟
ووفقا للاسرائيليين، سيكون الاحتمال الكامن في التدهور مرهونا بأمرين، قوة عملية حزب الله، ونجاحها، وعلى خلفية ذلك طبيعة رد «إسرائيل». ففي الاشتعال السابق مع إيران في منتصف نيسان الماضي، مكن نجاح اعتراض المقذوفات الإيرانية «إسرائيل» من الاكتفاء برد معتدل نسبياً، وتلاشى التوتر خلال فترة قصيرة، اليوم، الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب، لا سيما سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي والاستخبارات العسكرية وقيادة المنطقة الشمالية، تحسباً لأي هجوم لا سيما من قبل حزب الله. وتقدر الاستخبارات الاسرائيلية بأن حزب الله ملزم برد أشد من رد إيران، وقدرت جهات أميركية وإسرائيلية بأن الهجوم سيتركز على المواقع العسكرية، لكنها غير واثقة من حذر حزب الله في مسألة المس بالمدنيين!
خطة التوغل البري «فاشلة»؟
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «اسرائيل هيوم»الإسرائيلية،عن رسالةٍ سريّةٍ موجهة من أعضاء في الكنيست إلى رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، بشأن خطة العمليات التي أعدها الجيش الإسرائيلي بخصوص التوغل البري في لبنان، محذرين من أنّها ستؤدي إلى فشلٍ مأسوي، وأوردت الصحيفة تحذيرًا صادرًا عن النواب عميت هليفي وزئيف الكين واوهاد طال من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، مؤكدين أنّ التوغل البريّ في لبنان حسب خطة الجيش التي اطلعوا عليها، سيؤدي إلى مراوحة في المكان لا حسم.
«الغرق في الوحل»
واكدت «الرسالة» ان قادة جهاز الأمن الإسرائيلي مخطئون بشكلٍ عميقٍ في فهم استراتيجية العدو، والخطة التي أعدها الجيش لإمكان دخول بري إلى لبنان مغلوطة، ولا تستوعب عمليا الأخطاء التي تم ارتكابها في المناورة البرية في غزة، وبموجب الخطة الحالية ستؤدي إلى غرق متواصل وقاس في الوحل اللبناني.
لا يوجد ردع للاعداء
في السياق عينه رأى مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، أنّ الاغتيالات التي نفذّتها «إسرائيل» مؤخرًا في غزّة، وبيروت وطهران، لم تُعزز الردع الإسرائيليّ المتآكل، بل على العكس دفعت المحور الإيرانيّ إلى التهديد بردٍّ قاسٍ، الأمر الذي يؤكِّد ان «اسرائيل» أمام أيّامٍ صعبة.
لا توجد خيارات جيدة
وقال المعهد إنّ سلسلة الهجمات الإسرائيلية، وجرأتها، وتعقيدها، تسببت بصدمة كبيرة للمحور المقابل. ومع ذلك، يجب ألّا ننسى أنّ الردع يعني التأثير في قدرة العدوّ على مواصلة الصراع، أو رغبته فيه. أمّا إصرار المحور على الرد، فيشير إلى أنّ الردع المحقق محدود، ويخلص المعهد الى القول «أمّا انتظارنا لردّ المحور، فهو يثير تساؤلات حقيقية بشأن طبيعة هذا الردع الذي نملكه، فالظروف معقدة، ولا تتوافر أمام اسرائيل خيارات جيدة».
نصرالله يربح الحرب النفسية
في هذا الوقت، وبعدما اقرت المؤسسة الأمنية الاسرائيلية بأن الانتظار فعلاً هو جزء من عقاب وحسابات حزب الله، كما جاء على لسان السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، حاول وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت التاثير نفسيا في اللبنانيين، وغرد قائلا «ان مَن يلعب بالنار يُبشّر بالدمار، وأضاف إذا استمر حزب الله في عدوانه فسنحاربه بشكل شديد جدا. من جهتها نقلت مصادر صحفية اسرائيلية عن جيش الاحتلال تقديراته بأن الحزب يبدو ملتزماً بالرد أكثر من إيران، وأنه سيرد أولاً، كما اشارت الى أن المؤسسة الأمنية في «إسرائيل» تتفق مع نصر الله الذي قال ان حالة الانتظار والطوارئ في «إسرائيل» مكسب للحزب قبل أن تبدأ الهجمة الثأرية… ولهذا يحاول الجيش جاهدا الا تؤدي «لعبة» الوقت الى المساس بجاهزية الاستعداد للضربة.
لغز حزب الله
وفي دلالة على التخبط الاسرائيلي، يشير المحلل العسكري في صحيفة «هارتس» عاموس هارئيل، الى ان حزب الله ما يزال لغزاً مجهولاً. وقال» إن واشنطن ترسل رسائل لطهران من خلال سفارة سويسرا فيها، تزامناً مع دفعها مدمرات للمتوسط، لكن الذي يقرر طبيعة التدهور هو رد حزب الله ومدى نجاحه وقوة الرد الإسرائيلي عليه.
استدراج اميركا للحرب
في هذا الوقت، تتصاعد حالة التململ من ظل حالة الانتظار في «اسرائيل»، ويزداد النقاش حول «الضربة الاستباقية». وفي هذا السياق، راى سفير «إسرائيل» الاسبق في واشنطن مايكل أورن في مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» امس، إن الحل يكمن في ضربة استباقية تقوم بها أميركا ضد إيران، معتبراً أن الهجوم افضل من الدفاع. واورن، المقرّب من اليمين الحاكم، يجسد استراتيجية نتنياهو الذي يرغب باستدراج الولايات المتحدة الى حرب مباشرة مع إيران. وقال «ان ضربة أميركية في إيران ستدفعهم الى طاولة المفاوضات».
السجال حول الضربة الاستباقية
في المقابل، راى الجنرال المتقاعد اسحاق بريك ان من يدعون لضربة استباقية لا يفقهون ما يقولون لأن تبعاتها خطرة جداً، فهي تعني حرباً إقليمية من شأنها أن تلحق ضرراً استراتيجياً بـ «إسرائيل». وقال الجنرال المعروف بـ «نبي الغضب» الإسرائيلي، في حديث للقناة 13 إن الحل يكمن في وقف الحرب فوراً، ونزع فتيل التوتر، ومنع المغامرة، والمخاطرة باندلاع حرب مع إيران ومحور المقاومة، لأن إسرائيل غير مستعدة لحرب معها الآن. منبهاً ومحذراً بأن مثل هذه الحرب ستحطّم إسرائيل. كما حمل على قادة الجيش، واتهم بتسويق معلومات كاذبة للإسرائيليين عن تدمير قوة «حماس».
«الصفقة» هي الحل؟
بدوره، أكد الرئيس السابق للقسم الأمني- السياسي في وزارة الأمان الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد أن المطلوب الآن لوقف حالة الانتظار والشلل الاقتصادي والتوتّر الأمني الخطر وتآكل قوة الردع والهيبة وقف الحرب في غزة، والذهاب لصفقة تعيد المخطوفين والنازحين توقف النزيف الديبلوماسي والاقتصادي، والتعاون مع الولايات المتحدة لترتيب موضوع الحدود مع لبنان، وربما التطبيع مع السعودية.
خطر حرب الاستزاف
من جهته، حذر محلل الشؤون الديبلوماسية في القناة 12 العبرية نداف أيال من التورط في حرب طويلة، وقال «بينما نحن في انتظار حرب… تبقى الخشية في ان نكون أمام خطر حرب استنزاف طويلة، كما يحصل بين روسيا وأوكرانيا».
غياب الاستراتيجية لدى نتانياهو
اما وزير الأمن السابق في حكومة الاحتلال، رئيس حزب «يسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، فقد انتقد حكومة نتنياهو، ودعا لضرورة التخلص من وعي ومفاهيم الماضي من أجل منع كارثة جديدة بعد «طوفان الأقصى». في حديث للإذاعة العبرية الرسمية، قال ليبرمان إن حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو هي الأكثر فشلاً في تاريخ حكومات اليهود منذ 2000 عام، لافتاً الى استمرار النزيف بكل الجبهات والمستويات، ومع ذلك فإنها لا تتحمّل مسؤولية عن الكوارث التي وقعت منذ السابع من تشرين. ولفت الى ان المستويين السياسي والعسكري في «إسرائيل» ما زالا عالقين في السادس من تشرين، فيما يتصّرف نتنياهو بتباطؤ، ويحاول كسب الوقت، وإطالة أمد الحرب حتى يصل الى موعد الانتخابات العامة دون أي استراتيجية عامة. واضاف «علينا تغيير طريقة التفكير، ومنع الكارثة الاتية.
تصفية النووي الايراني!
وقال ليبرمان» قوة العدو تتعاظم، ولا أفهم لماذا ينتظر الجميع صواريخ إيرانية تسقط على إسرائيل. ما ثبت صحته في الماضي هو الضربة الاستباقية» لان الإيرانيين نجحوا في توحيد كل الجبهات، ونحن غير قادرين على بناء خطة إستراتيجية منفصلة لكل واحدة من أذرع إيران.. وعلينا تصفية مشروعها النووي، ونحن نملك قوات ملائمة كمّاً وكيفاً، ويحظر علينا السماح لهم مواصلة مراكمة القوة.
المواجهات جنوبا
وفيما دوت سفارات الانذار في يافا،اعلنت المقاومة عن8 عمليات بالامس، ابرزها قصف منصات للقبة الحديدية ومرابض مدفعية وآليات عسكرية وانتشار آلياته في منطقة خربة منوت بالجليل الغربي ردا على استهداف المنازل الآمنة وخصوصا في بلدة الدوير. وكذلك استهدفت المقاومة تجمعًا لجنود العدو في موقع المرج بمسيرة انقضاضية وأصابوه إصابة مباشرة وأوقعوا فيهم إصابات مؤكدة. في هذا الوقت شنت طائرات العدو8 غارات أعلنت وزارة الصحة إصابة 3 أشخاص بجروح في غارة شنتها طائرة مسيّرة إسرائيلية على بلدة يارين، وكانت مقاتلات حربية شنت فجر امس غارة عنيفة على منزل مأهول بالسكان في بلدة الدوير، ودمرته بالكامل ولم تسفر الغارة عن إصابات، لكنها تسببت بتحطم عشرات المنازل وألواح الطاقة الشمسية في محيط المنزل المستهدف، كما اغار الطيران الحربي الإسرائيلي على أطراف بلدة المنصوري في قضاء صور، ما أدى الى اضرار جسيمة في الممتلكات والمزروعات والبنى التحتية.
الاستعداد للاسوأ
في هذا الوقت، وتحسبا للسيناريوهات الاسوأ، واصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اجتماعاته في السراي، في اطار مراجعة جهوزية الوزارات والادارات اللبنانية والمؤسسات المعنية في حال حصول اي طارئ. وفي هذا الاطار، استقبل وفدا من «نقابة مستوردي المواد الغذائية» في لبنان برئاسة هاني بحصلي الذي اكد انه ليس هناك من تهافت على الاصناف، والبضاعة متوافرة للجميع. ونقل عن رئيس الحكومة تاكيده استمرار الجهود الديبلوماسية لعدم اتساع الحرب. واضاف انه في حال حصول حرب فان اهم شيء هو عدم اغلاق المرفأ او حصول حظر لكيلا يؤثر ذلك في الحركة اللوجستية لانها اهم شيء، وحاليا من ناحية التموين الغذائي لا مشكلة في لبنان». وفي موضوع ارتفاع الاسعار وعدم السماح لاحد برفع اسعاره قال « نعمل كنقابة وتجار لتوزيع بضائعنا في كل المناطق اللبنانية كي تكون بضائعنا موزعة في حال حصول حرب لا سمح الله». وردا على سؤال قال: الوضع ليس مستقرا وهذا ما اثر في الاوضاع السياحية، ولكن بالرغم من ذلك فان اللبنانيين ما زالوا متفائلين ولا يزال بعضهم يأتي وان كان بأعداد قليلة ونأمل ان نتابع الموسم هذا الصيف.