مجلة وفاء wafaamagazine
كتب كمال ذبيان في “الديار”:
كشف وزير الحرب للعدو الاسرائيلي يواف غالانت، وفي سجاله مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، بان الاخير رفض اقتراحه لشن حرب على لبنان في 11 تشرين الاول الماضي، اي بعد اربعة ايام على عملية طوفان الاقصى التي نفذتها كتائب القسام في حركة حماس، ودخل حزب الله مساندا لها في اليوم التالي اي في 8 تشرين الاول، لردع العدو الاسرائيلي من ان يقوم بحرب وصفها غالانت بالاستباقية، وهو ما يتكرر دائما في الكيان الصهيوني، بان يبادر جيش الاحتلال الاسرائيلي بعملية عسكرية على مسافة لا تتعدى شمال الليطاني، ويبعد قوات الرضوان عن الشريط الحدودوي لمسافة ما بين 5 و10 كلم، وهذا هو الحل الوحيد لاعادة الهدوء الى الجبهة الشمالية مع لبنان، وعودة المستوطنين الى منازلهم والمؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية الى العمل.
وكان العدو الاسرائيلي يعطي فرصة للحل السياسي والديبلوماسي، واوكل المهمة الى الموفد الرائاسي الاميركي اموس هوكشتاين الذي اتى بجولات عديدة الى لبنان و “اسرائيل”، من اجل ترسيم الحدود البرية وتنفيذ القرار 1701 بانتشار الجيش مع القوات الدولية جنوب نهر الليطاني، وانسحاب قوات حزب الله من المنطقة، لكن اقتراحه فشل وجوبه بالرفض، لان لبنان رسّم الحدود مع فلسطين منذ العام 1923 وهو ما ورد في اتفاقية الهدنة، وليس بحاجة الى ترسيم بري، بل الى استعادة ارضه المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر، وانسحاب الاحتلال الاسرائيلي من 13 نقطة تحفظ عنها لبنان اثناء ترسيم الخط الازرق.
وعندما اتخذ حزب الله قرار فتح جبهة الجنوب مع الجيش “الاسرائيلي” بقصفه مواقع عسكرية في مزارع شبعا المحتلة، انما مارس ايضا حربا استبقاية او عملية عسكرية مسبقة، وهذا ما سبق واعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عندما قال ان جبهة الجنوب فتحت لمساندة غزة، وفي الوقت نفسه كيلا يغامر العدو الاسرائيلي بعملية عسكرية في الجنوب. وجاء اعلان غالانت ليؤكد ما استشرفه حزب الله بعد عملية طوفان الاقصى، فقام بالرد الاستباقي، وهذا ما فعله في سوريا عندما شارك في القتال الى جانب النظام السوري، لمنع تمدد الجماعات الارهابية من تنظيمي “داعش” و “النصرة” نحو لبنان، بعد ان دخلوا القصير وسيطروا على الزبداني عند الحدود اللبناينة – السورية، فارسل حزب الله قواته المسلحة الى سوريا، وحصلت المعارك فيها ضد الارهابيين، الذين تمكنوا من السيطرة على عرسال وحصلت المواجهة فيها بعد سنوات من قتل ضباط وجنود من الجيش وقوى الامن الداخلي، واختطاف عناصر منهم، فكانت عملية “تحرير الجرود” في العام 2017 وانهاء وجود المجموعات الارهابية، التي ما زالت لها خلايا نائمة تكشف عن نفسها بعمليات او تكتشفها مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي.
فالحرب خاضها لبنان عبر حزب الله في سوريا وعند الحدود معها، وهو فتحها في الجنوب قبل ان يقوم العدو الاسرائيلي بعملية عسكرية واسعة ما زالت واردة ، لكن حزب الله حضر لها وفق ما يكشف مصدر في الحزب، الذي يشير الى ان “قواعد الاشتباك” يحافظ عليها حزب الله ولا يريد توسعة الحرب، وهو فتح المعركة العسكرية لاشغال الوية وفرق لجيش الاحتلال عن غزة، كما لمنع العدو من محاولة القيام بحرب استباقية حاول الدخول فيها. وما زال البعض من قادة العدو العسكريين والسياسيين يدفعون باتجاه خوض حرب استباقية على لبنان وقام جيش الاحتلال بمناورات وخضع لتدريبات، لكن نتانياهو لا يريد اتخاذ القرار السياسي في الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ، وهو لم ينته من الجبهة الجنوبية في غزة، وما زالت المقاومة فيها تقوم بعمليات ضد جيش الاحتلال وفي مناطق اعتبرها “محررة”، فكيف له ان يأتي بجيشه الى الشمال الذي لا يضمن ان يحقق فيه انتصارا لم ينجزه في غزة، ولا يستطيع فعله في لبنان، بحيث وصف غالانت حروب نتانياهو بـ “الهراء”، واستهزأ منه ودعاه الى القبول بصفقة وقف الحرب وتبادل الاسرى، فرد عليه نتانياهو بأنه يقف في خط العدو اي محور المقاومة، ووصفه بـ “الخائن”.
فالحرب “الاسرائيلية” التدميرية على غزة التي دخلت شهرها 11 ، وتوقع لها غالانت ان تطول لاكثر من سنة وربما اكثر، وان انعكاساتها على الكيان الصهيوني بدأت تظهر بالانقسام السياسي داخل الحكومة، وتباين في الرأي داخل المؤسسة العسكرية و “الشاباك” و “الموساد”، اضافة الى الخسائر البشرية واخرى الاقتصادية والهجرة المعاكسة من الكيان، والذي وصل عدد المهاجرين الى نحو مليون، وسقوط العدو الاسرائيلي اخلاقيا وانسانيا وحقوقيا امام الرأي العام العالمي، ودانت المؤسسات الدولية من الامم المتحدة والمحكمة الجنائية جرائم العدو ووصفتها بالابادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
فالهزيمة التي لم يعرفها العدو الاسرائيلي سابقا بات يعيشها، وان تفوق بالدمار والقتل، الا ان اخطر ما ينتظره هو الحرب الاهلية بين صفوف المستوطنين الذين تسربت الكراهية الى صفوفهم، وهو ما كشفه الوزير السابق بني غانتس الذي رسم صورة سوداء لما ينتظر الكيان، الذي يكبر فيه دور الاحزاب الدينية التي تدعو الى محو الشعب الفلسطيني، وتدعو الى ان لا تصل “اسرائيل” الى “الخراب الثالث” الذي يقودها اليه نتانياهو، وهو يعني زوال اغتصاب فلسطين.