الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / الخطيب : لبنان اليوم يمر في مرحلة مصيرية فإما ان نربح جميعا أو نخسر جميعا

الخطيب : لبنان اليوم يمر في مرحلة مصيرية فإما ان نربح جميعا أو نخسر جميعا

مجلة وفاء wafaamagazine

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة في مقر المجلس في الحازمية، قال فيها:

“في البداية، ولمناسبة أربعين الشهداء سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد الشهيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين واخوانهم، نتقدم مجددا من الأمة ومن عوائلهم الشريفة ومن بقية الله الاعظم والمراجع العظام والحوزات العلمية بالتعازي الحارة وبالتبريك سائلين الله لهم علو الدرجات ولعوائلهم بالصبر وعظيم الأجر ونسأل الله تعالى أن تثمر شهادتهم وسائر الشهداء النصر القريب العاجل بإذن الله تعالى
وبعد
قال تعالى: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار (2)) .

تحكي هذه الآية المباركة قصة يهود المدينة وهم ثلاثة أبطن من اليهود: بني النضير وقريظة وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عهد ومدة فنقضوا عهدهم وخانوه كما هو خلقهم وتحكيه سيرتهم التي حكاها الله تعالى في كتابه ( كلما عاهدوا لله عهدا نبذه فريق منهم ) مستندين إلى قوة حصونهم وانها عصي عليه فتحها والوصول إليهم وأنهم في مأمن من تلقي العقاب فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال لأمير المؤمنين: تقدم الى بني النضير فأخذ أمير المؤمنين الراية وتقدم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحاط بحصنهم وغدر بهم عبد الله بن أبي. الذي كان عطل ما اتفقوا عليه مع رسول الله ص من الخروج واخراج ما تحمله الناقة معهم. وكان قد وعدهم النصرة فتراجعوا عن الاتفاق

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه، وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه، وقد امر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا: يا محمد إن الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه.

فلما كان بعد ذلك قالوا: يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا مالنا، فقال: لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل، فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما ثم قالوا: نخرج ولنا ما حملت الإبل، فقال: لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا. فخرجوا على هذا الشرط اي من دون أن يأخذ احد منهم من متاعه شيئا اذلاء صاغرين”.

أضلف :”لقد كان رهانهم ان تمنعهم حصونهم من الله ولكن لم تغنهم من الله شيئا. ونسأل الله تعالى ان يتكرر هذا المشهد على ايدينا هذه الايام حيث يحسبون ان ما يتحصنون خلفه سيمنعهم من نقمة الله على ايدي ابطالنا ومجاهدينا وهذا منهج في التفكير لا يأخذ في حسابه سوى المعطى المادي وموازينه وهو المنهج السائد لدى الاغلب من الأمم
وعلى مدى التاريخ. واضاء عليها القرآن الكريم حين حدثنا عن سيرهم في قصص الأنبياء مع اقوامهم التي تكررت فصولها ولكنها كانت سمة ثابتة من سمات اليهود وهي الاعتماد على مبدأ القوة المادية في تعاملهم مع الاخرين وهذا المبدأ هو السبب في جعلهم لا يكون بعهودهم ونقضهم للمواثيق مع الآخرين الذي هو السمة الاخرى التي تطبع خلقهم. فهم لا يقدمون على عهد أو ميثاق مع الآخرين الا حين يضطرون اليه تغفيلا لمن يعاهدونه وتوطئة للانقلاب عليه حين تسنح لهم الفرصة بذلك. ويرون أن الوقت قد حان لفرض واقع جديد ينسجم مع الظروف الجديدة إذ لا قيمة لديهم للاعتبارات الاخلاقية والقيم المعنوية”.

وتابع :”ولذلك، ولأنه مبدأ متأصل فيهم تراهم أبرع الأمم فيه إذ لا يوجد تبن لهذا النهج كمبدأ لا أخلاقي. وفي هذا الشكل السافر أكثر منهم فهم يشكلون مدرسة متميزة فيه واليهم يعود تأسيس ما يسمى بالحضارة المادية السائدة على اختلاف مدارسها واتجاهاتها الفكرية وإن بدت متباينة لكنها تقوم على أساس مبدئي واحد وهو التنكر لكل ما هو اخلاقي ومعنوي فهم ورثة هذا النهج لمن سبقهم واليهم يعود تطوره واشاعته بين الامم وبهذا استطاعوا أن يمسكوا بزمامها ويتحكموا بمؤسساتها بما فيها الاممية التي تبين بشكل واضح انها ليست سوى أداة لخدمة مصالحهم واهدافهم بعد ان احكموا نظام السيطرة على العالم بإحكام السيطرة على النظام المالي ووسائل الاعلام التي تمثل الهواء الذي يتنفسه العالم يمنعونه من يشاؤون ويبيحونه من يشاؤون. ويقع العالم أسرى هذه النظام الذي تتحكم به الصهيونية العالمية التي تحكم رأس المنظومة الغربية ممثلة بالطاغوت الأمريكي الذي يتسيد العالم كعبيد لا يملكون من أمرهم شيئا خاضعين لإرادته لأنهم ينطلقون في تفكيرهم من نفس الثقافة التي روضتهم على ان الإله الذي يمسك بالعالم هو القوة المادية ولا سبيل للانفكاك منها كما هي الاساليب التي يروض فيها السادة العبيد فيمسخون شخصيته ويعطلون فيها اهم اداة للتغيير والانعتاق
التي عبر عنها في الثقافة القرآنية بالإرادة حيث قال سبحانه وتعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الارادة الفاعلة التي ربط الله ارادته بها لا الارادة الساكنة والمضمرة اي ان يحول الارادة من الارادة المجردة الى الارادة الفاعلة. فالتغيير يبدأ من الإنسان نفسه ولا تقوى قوة في العالم على الوقوف أمام إرادة التغيير”.

واستطرد الخطيب :” فالتحرر يبدأ بالإرادة ثم بتحويلها إلى عمل والى حركة وقد تبدأ بفكرة ثم إرادة وعندما تجتمع الارادات تتحول إلى طاقة هائلة كما هو الطوفان الذي يهدم كل شيء يقف في طريقه ان أكثر حركات التحرر الانساني في التاريخ بدأت بشخص واحد كما هي حركات الأنبياء والرسل..واستطاعت ان تنتصر على أقوى الانظمة واعتاها وان تغير مجرى التاريخ وتؤسس لمرحلة جديدة من مراحله والثقافة قائمة على الاخلاق والقيم الإلهية التي هي قيم انسانية فطرية”.

أضاف :”ان المقاومة اليوم هي حركة رفض للواقع القائم الذي أريد فيه تطبيع العالم على العبودية لقوى الهيمنة التي تتزعمها الصهيونية العالمية برفض ثقافة القبول بالأمر الواقع ورفض ثقافة التدجين الذي يستدعي الاصطدام به وبذل التضحيات في سبيل الخلاص والتحرر لان القوى المهيمنة لن تتخلى عن هيمنتها بسهولة وستواجه قوى التحرر بكل الاساليب من التضليل الإعلامي واستخدام القوى المرتبطة بها لمحاولة شق الصف الداخلي بكل الاساليب القذرة من تشويه صورة المقاومة وافتعال الفتن بين الفئات المختلفة بإخافة بعضها من بعض على طريقة فرق تسد لإجهاضها وافشالها”.

وقال :”وللأسف ان هذه المحاولات تجد لها الأرضية المناسبة في مجتمعاتنا المتنوعة دينيا ومذهبيا وقوميا فتجد لها آذانا صاغية سرعان ما تنساق مع الدعاية المغرضة مما يصعب المهمة على المقاومة التي تحمل مشروعا وطنيا لتحرير الأرض المغتصبة من قبل العدو الذي يحتل الأرض وينتهك السيادة ويمثل خطرا على الجميع فينتهز البعض الفرصة للتخلص من إخوانه ومواطنيه وشركائه في الوطن ويعد المشاريع للانقضاض عليه ويحرض الداخل والخارج للتخلص منه وهو في الواقع انما يفري لحمه والمستفيد الوحيد هو العدو بدل ان تكون فرصة لتمتين الوحدة الوطنية”.

أضاف :”ان لبنان اليوم يمر في مرحلة مصيرية، فإما ان نربح جميعا أو نخسر جميعا. لن يكون هناك رابح واحد. كما لن يكون هناك خاسر واحد. فنحن جميعا في سفينة واحدة إذا خرقها أحد فسيغرق الكل. وان حافظنا عليها وصلنا جميعا إلى شاطئ الأمان. فحذار من ان نترك لاحد خرق سفينة الوطن ولتبقى صورة التضامن الوطني الرائع الذي عبر عنه الشعب اللبناني هي الصورة المعبرة عن لبنان وشعبه.

حتى نعبر هذا البحر الهائج بأمان. ثم لنسلك بعد ذلك سبيل الحوار لحل التباينات السياسية والمخاوف الطائفية التي لا سبيل إليها الا ببناء الدولة القوية والعادلة التي تستطيع الحفاظ على سيادتها وكرامة شعبها المنتهكة والمهددة من العدو الصهيوني الذي يمارس عدوانه الهمجي اليوم على بلدنا وشعبنا ويدمر بيوتنا ويقتل أهلنا ويطمع في بلدنا الذي يمثل بتعدد طوائفه وتعايش اديانه صورة حضارية تتناقض مع عنصريته ووحشيته وهمجيته.

ولتكن القوى السياسية على قدر المرحلة المصيرية والوجودية التي نمر بها كجمال الصورة التي أعطاها الشعب اللبناني في احتضانه لإخوانه الذين لم يتركوا ديارهم وبيوتهم ويتحملوا ما يتحملون بإرادتهم وإنما كان ذلك من أجل حماية وطنهم وكرامة شعبهم من الوحش الصهيوني الغادر عدو الانسانية وعدو الحياة المجرم والقاتل”.

أضاف :”لقد كان هذا منطقنا دائما منطق الأخوة والمحبة لجميع اللبنانيين.وسيعود أهلنا واخواننا إلى قراهم ومرابعهم التي يستشهد أبناؤهم وأهلهم في سبيلها بمجرد وقف إطلاق النار الذي سيضطر العدو اليه كارها بفضل المقاومين الشرفاء ودماء الشهداء الزاكية”.

وقال :”إن أهلنا يبذلون هذه التضحيات الكبرى ويتحملون هذه الاثمان الكبيرة لأنهم احبوا هذه الأرض، فلن يستبدلوها بغيرها. وليخسأ الذين يثيرون مخاوف اخواننا ومواطنينا المضيفين من التغيير الديموغرافي الذين يفترضون ان العدو سينتصر فهذا لن يحصل وان المقاومة تثبت كل يوم قوتها وقدرتها وثباتها وعجز العدو ان يحتل شبرا من ارضنا.
واكرر ما أردده دائما، ان هذه المقاومة التي نشأت بسبب عجز القوى السياسية عن بناء الدولة التي من أولى مهماتها وواجباتها الدفاع عن سيادتها وعن كرامة شعبها وليس هي مهمة فئة من أبنائها وإنما هي مهمة الدولة والشعب اللبناني جميعا . ولسنا زاهدين بأبنائنا حتى نضحي بهم وإنما لم يترك لنا الخيار بعد ان اهملت الدولة والقوى السياسية دورها في الدفاع عن سيادتها. فنحن أكثر الناس تمسكا بالدولة التي يقع على عاتقها القيام بهذا الواجب هذه الدولة لم تعجزها المقاومة وسلاحها فقد كانت عاجزة قبل المقاومة فهل الاجتياحات الاسرائيلية للبنان كانت بسبب هذه المقاومة ام انها نشأت بسبب الاحتلال”.

وختم :”اليوم أيضا في المشاكل التي يعاني منها أهلنا الضيوف كما يعاني أهلنا المضيفون أليس بسبب ضعف الدولة واداراتها؟ لماذا لم تصل حتى الآن المساعدات إليهم خصوصا الموجودين في البيوت ونتلقى الشكاوى وطلب المساعدات بشكل واسع. وهناك سؤال عن المساعدات وكيف توزع وعن وجود بعض المساعدات كالطحين قد بيع إلى بعض الأفران وما حكي في الإعلام عن وجود اطنان مكدسة في المطار لم توزع. يذكرنا هذا بالطحين الذي أودع سابقا في المدينة الرياضية وقد كان عرضة لمياه الأمطار”.