مجلة وفاء wafaamagazine
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، قال فيها:”اليوم، المحن كبيرة ومعقدة وواقع المنطقة يفرض علينا بناء سياسات وعي وبرامج قوة نشطة مقرونة مع الصبر والحذر والمصلحة الوطنية التي تعزز القيمة الإنسانية والوجودية للخلق والناس، خاصة أن واقع الإنسان وحقوقه وقيمة الخلق لا حظ لها بسياسات الطواغيت، سيما أميركا وإسرائيل والأطلسي، وهذا يفترض بناء القوة والثقة بالله، وتأكيد الهوية العلمية العملية وفق شروط واحتمالات وبرامج تضعنا في مركز القوة والتنبؤ والفعل وإدارة العقول والأولويات والقيمة الحياتية والمعيشية والثقافية وأدوات القوة بطريقة، تؤكد قدرتنا على امتصاص الصدمات، وثباتنا القوي في مواقع المحن الكبيرة، فضلا عن اعتمادنا سياسة المبادرة والمفاجأة التي تتفق مع القيمة الوجودية للإنسان.وهذا ما أوصانا به مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي لا يقبل الكسل والفشل والجهل والانكسار والاستسلام، وهنا بالذات يريد منا أمير المؤمنين أن نكون كالجبال التي لا يهزها شيء”.
وتابع:”في هذا المجال، يتحول القتال والشهادة وساحات الصمود وميادين الثروة والأسواق ومصالح القيم النوعية محرابا لله سبحانه وتعالى، وفق مشهدية “أكبر فرائض الله” على الإطلاق، وهو ما عبرت عنه المقاومة بمسيرتها وواقع تضحياتها الهائلة، ونباهتها لأرضية العالم والإقليم الذي تتسابق إليه سكاكين الطغيان الدولي والإقليمي”.
واستطرد : “إسرائيل في هذا المجال كيان طاغ وثكنة إرهابية لا يجوز التسامح مع طغيانها، أو الغفلة عن غدرها، أو التنازل أمام إرهابها، والمقاومة في هذا المجال قوة سيادية وقدرة تاريخية وواقع جذري في عالم المصالح الوطنية، التي تجمع المسيحية والإسلام”.
واعتبر المفتي قبلان أن “اللحظة الآن للبلد وحاجته السياسية الأكيدة، وبكل وضوح وصراحة أقول: لبنان بلد صغير إلا أنه ملعب دولي إقليمي، ومزيد من التضامن والشراكة الوطنية ينقذ هذا البلد، وبالعكس المزيد من الانقسام والخصومة يضع البلد بين أنياب واشنطن ومجموعتها، ومصالح اللبنانيين تكمن بحل داخلي لا خارجي”.
أضاف :”وليكن واضحا للجميع وخاصة في الداخل أن لعبة الاستقواء مفلسة، والثقافة الإسلامية – المسيحية تقبل الشراكة الوطنية، والتنوع وضمان الخصوصيات وبحر الدم من حولنا في طول المنطقة وعرضها عبرة لنا، ولذلك يجب أن نحمي لبنان من لعبة الانقسام وأنياب الخارج، وبلا استقرار سياسي لا قدرة للبنان على النهوض، والحل يختصره اتفاق سياسي على شخصية رئاسية تجمع العائلة اللبنانية وتحقق مصالحها بعيدا عن لعبة الأمم ومحارق فتنها”.
ووجه المفتي قبلان الى “شركائنا في هذا البلد، سيما للتيار الوطني الحر وللقوات اللبنانية وللكتائب ولباقي القوى”: أن هذا البلد يتسع للجميع، والاتفاق السياسي يحمي البلد، أما الإصرار على القطيعة فإنه يزيد من حظوظ اللعبة الدولية، ويضع الجميع في وجه الجميع، والباطون يتساقط ولكن الأوطان تبقى”.
وأكد أن “الحل باختصار هو التلاقي والتفاهم والحوار واستعراض الهواجس لتأكيد الأمان الوطني دون أي خطأ سياسي انتحاري، والمصلحة الوطنية ليست حكرا على المسيحية أو الإسلام، ولبنان لا يستطيع تحمل تبعات لعبة المفاجآت، والتحريض السياسي والطائفي أكبر قاتل لبلدنا وناسنا. والرئيس نبيه بري اليوم هو ضمانة وطنية وميثاقية لتقطيع أخطر لحظة سياسية في تاريخ هذا البلد المريض”.
ووجه المفتي قبلان الخطاب “لسوريا الشقيقة وشعبها” بالقول:”اللحظة للتاريخ، وبناء الأوطان يقوم بالشراكة والتعاون، بل بتأكيد الشراكة التاريخية بين البلاد العربية والإسلامية، ولا نريد لسوريا وشعبها إلا الخير والاستقرار والمصلحة الوطنية والذي لا شك فيه أن واشنطن وتل أبيب تريد ضرب المنطقة ببعضها البعض، وهنا الخطر سيكون هائلا لأن أي انقسام طائفي ومذهبي، وأي فتن داخلية سيحرق المنطقة وسيكون المستفيد الأول إسرائيل والتي تعتبر أكبر ثكنة إرهابية في الإقليم.
والحل اليوم عند الدول الإسلامية والعربية، المملكة العربية السعودية وباكستان وإيران وتركيا ومصر والعراق وغيرها للتلاقي ودون ذلك المنطقة ستحترق، وواشنطن هي موقد فتن وخراب”.
كما وجه خطابه للحكومة اللبنانية :”الدولة غير موجودة، رغم كوارث الحرب، ونكبة الدمار والركام، ودفاتر الشروط وأخواتها انتهت منذ زمن إلا إذا كان هناك من يريد معاقبة الطائفة الشيعية على خياراتها السيادية ولهفتها الوطنية! آن الأوان لحماية لبنان وشراكته الجامعة وإلفته العابرة للطوائف، والجيش اللبناني مدعو لتأكيد القيمة السيادية في وجه تل أبيب، والمقاومة هي سند ظهير، وقوة لم تستطع تدميرها أكبر حملة أطلسية إسرائيلية، والحفاظ عليها قيمة وطنية بحجم قيمة بقاء لبنان، وما نمر به لحظة مصيرية للمنطقة والعالم، والعين على أكبر تضامن وتكافل وتعاون شامل بين قوى وأحزاب لبنان”.