مجلة وفاء wafaamagazine
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، خدمة قداس الميلاد في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور جمع من المؤمنين.
وبعد قراءة الإنجيل ألقى عظة بعنوان “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”. وقال: “نعجب لأمر هذا الشعب الذي لا يحاسب ممثليه رغم المآسي التي عاشها والآلام التي ذاقها والخسائر التي تكبدها، ولا يبتعد عن الأحزاب التي تتغنى بالطائفة والمذهب فيما الله بعيد عن تصرفات زعمائها ومناصريهم. الإنسان الذي يطلب الله يرذل المديح والإكرام وصدارة المجالس، ويبتعد عن المهاترات والمحاصصات والمكاسب، يحب ويعطي ويضحي متيقنا أن الله أمين، يرى ما في الخفية وينمي ثمر الزرع، طبعا إذا كان الزرع مغروسا في حقل الرب، ومسقيا من عرق الجهاد في سبيل الحق والعدل والصلاح والخير للجميع”.
وأضاف: “رجاؤنا، في ميلاد المخلص، أن تزهر المحبة في نفوس أبناء هذه الأرض، ويسكن السلام القلوب لكي يعم الحق والعدل والخير والإخاء. عل هذا الميلاد، الذي يأتي في عام كان حافلا بالأحزان والمآسي، يعلمنا أن سيادة الله تختلف عن سيادة البشر. نصلي كي يهبنا الرب رئيسا، بعد طول مخاض، مملوءا بالنعمة الإلهية، يكون نجما ساطعا في غياهب هذا البلد، ينتشله من كبوته، منقيا مؤسساته من كل درن الفساد والإستزلام، عاملا على إرساء مبدأ العدالة والمواطنة الحقيقية. رجاؤنا أن يكون لنا رئيس تبدأ معه مسيرة إنقاذ هذا البلد من التراجع والتحلل”.
وتابع: “متغيرات كثيرة تحصل في المنطقة، ولبنان يقف على عتبة حقبة جديدة نأمل أن يصار خلالها إلى إعادة بناء المؤسسات واستعادة العافية الإقتصادية والمالية. هذا يستلزم ذهنية جديدة ورؤية واضحة تعالج ترهل الدولة وتفكك إداراتها. نحن بحاجة إلى وعي سياسي وقرار حكيم. نحن بحاجة إلى إعادة بناء الدولة بعيدا من التسويات وتقاسم المراكز والمغانم، وإلى تطبيق الدستور بأمانة، وفصل السلطات مع تعاون وثيق فيما بينها، فلا تتداخل الصلاحيات ولا تطغى سلطة على أخرى فتضعفها. إن ما ساهم في انهيار مجتمعنا غياب دور القضاء وانعدام المحاسبة، فسادت الفوضى، وكثر الظلم، وغابت العدالة. لذا يجب إصلاح القضاء وتحصينه وإبعاده عن السياسة، أو بالحري كف يد السياسيين عنه ومنع تدخلهم في عمله، من أجل إعادته إلى صفائه ورسالته، بعيدا من المحاصصة والمصالح. إن القضاء العادل الفاعل وحده قادر على المحاسبة والمعاقبة ورفع الظلم ومحاربة القمع والتسلط والفساد. الجرائم كلها، الإغتيالات، والإنهيار المالي، وهدر ودائع اللبنانيين ومدخراتهم، والسرقات، والحروب، وتفجير مرفأ بيروت مع ما خلفه من خسائر بشرية ودمار، كلها بقيت بلا محاسبة ولا عقاب. إن لم تكشف الحقيقة لن تندمل الجراح ولن تشفى الآلام. ومهما تأخرت العدالة لا بد آتية. أملنا ألا يطول الإنتظار وأن يترافق العهد الجديد مع كشف كل الحقائق ومعاقبة كل المجرمين. نأمل أيضا أن يتعظ الجميع من دروس الماضي والحاضر، وأن ينصرفوا إلى القيام بواجباتهم دون مراوغة أو تأجيل، وأن يدعوا الجيش يقوم بواجبه دون تلكؤ، ودون تشكيك بقدرته، أو اتهامه بشتى الإتهامات. الجيش درع الوطن وحصنه، فليعط التوجيه اللازم ويترك لعمله، وله كل الشكر والتقدير”.
وختم: “نسأل الرب أن يحفظكم جميعا ويعيد عليكم هذا العيد المبارك وقد تغيرت الظروف وتحسنت الأوضاع، وساد منطق الدولة التي يحتكم إليها الجميع بثقة، وعاد المحتجزون والمخطوفون والمأسورون إلى ذويهم، وبينهم أخوانا المطرانان بولس ويوحنا. كما نسأله أن يرشد خطانا جميعا إلى سر المغارة، حيث نلقي عنا كل فكر متعال وشهوة ضارة، فيسر المسيح المتجسد بتقدمتنا التي تفوق هدايا المجوس، قلوبنا المليئة محبة وتواضعا ورجاء صالحا”.