مجلة وفاء wafaamagazine
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس رأس السنة في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، امين سر البطريرك الأب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان – حريصا الأب فادي تابت، الأب جورج يرق، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، النائب السابق نعمة الله ابي نصر،وحشد من الفعاليات والمؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان “سُمِّي يسوع” (لو 2: 21) قال فيها: “يوم ختانة الطفل يسوع بحسب الشريعة اليهوديّة، “سُمِّي يسوع” (لو 2: 21)، كما سمّاه الملاك عند البشارة لمريم (لو 1: 31)، وعندما ظهر ليوسف في الحلم وانتزع قلقه قال له: “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأنّ المولود فيها هو من الروح القدس. فسمّه يسوع، لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم” (متى 1: 21). اسم يسوع إذًا يعني “الله يخلّص”. في الواقع إنّ يسوع هو مخلّص العالم وفادي الإنسان. فلا بدّ لكلّ شخص من اللجوء إليه لنيل نعمة الخلاص والفداء”.
أضاف: “يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا للاحتفال معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، التي بها نحتفل باسم يسوع المخلّص والفادي، ونبدأ العام الجديد 2025. ويطيب لي بالمناسبة أن أقدّم لكم التهاني بالعيد، أنتم الحاضرين ولكلّ الذين يتبعوننا عبر محطّات التلفزيون في لبنان والنطاق البطريركيّ وفي عالم الانتشار. نسأل الله أن يجعلها سنة خير ونعم، وبركات من لدن الله الذي “منه كلّ عطيّة صالحة”.
وتابع: “لقد حلّت المعموديّة محلّ رتبة الختان بكلّ رموزها: بالمعموديّة ننتسب إلى شعب الله الجديد الذي هو الكنيسة، ونصبح أعضاء في جسد المسيح السرّي. إنّها الولادة الجديدة من الماء والروح، والمشاركة في موت المسيح وقيامته: الموت عن الإنسان القديم، إنسان الخطيئة، والقيامة لحياة جديدة، لإنسان جديد، إنسان النعمة. هذا ما تدلّ عليه رتبة التغطيس في الماء ثلاثًا. وبالمعموديّة، يُعطى الطفل اسمًا. كانت العادة وما زالت أن يعطى المعمّد والمعمّدة اسمًا ثانيًا، اسم قدّيس ليكون شفيعه في الحياة. أمّا اسم “يسوع” فيعني لنا، حسب اللفظة العبريّة-الآراميّة، الانتصار باسمه على الخطيئة والأرواح الشريرة والشفاء منها. فهو بموته افتدى الجنس البشريّ وحرّره من الخطيئة والأرواح الشريرة، وبقيامته أعطى الحياة الجديدة. والمؤمنون والمؤمنات بقوّة نعمته، بالمعموديّة والتوبة والقربان، يحقّقون هذا الانتصار والتحرّر والشفاء (راجع التفسير المسيحيّ القديم للكتاب المقدّس، العهد الجديد 3، إنجيل لوقا، صفحة 92-94″.
وقال: “تحتفل الكنيسة اليوم أيضًا باليوم العالميّ الثامن والخمسين للسلام الذي أسّسه القدّيس البابا بولس السادس سنة 1967، قد اختاره في اليوم الأوّل من كلّ سنة، لأنّ فيه نبدأ سنتنا باسم يسوع. ما يعني أنّ يسوع هو سلامنا، ومصدر القيم التي يرتبط بها السلام. فحيث الحقيقة هناك السلام، وحيث العدالة هناك السلام، وحيث المحبّة هناك السلام، وحيث الحريّة هناك السلام، وحيث إنماء الشخص والمجتمع هناك السلام. اعتاد البابوات على توجيه رسالة بالمناسبة. وهذه السنة يوجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة بعنوان: “اغفر لنا خطايانا، وامنحنا السلام”، ما يعني أنّ الغفران مصدر السلام. في لبنان نقيم اليوم العالميّ للسلام، الأحد الذي يلي رأس السنة، أي الأحد المقبل. فنكتفي اليوم بنقل مقدّمة الرسالة، وهي بعنوان:”سماع صراخ البشرية المهددة”.
ولفت الراعي الى انه “في سنة 2025، تحتفل الكنيسة باليوبيل الكبير، وهو حدث يملأ القلوب بالرجاء. انه سنة النعمة التي تأتي من قلب الفادي، وتجعلنا نصغي الى الصراخ اليائس، صراخ الإنسانية المهدّدة. الله لا يتوقف ابدًا عن سماعه، ونحن مدعوون الى ان نكون صوتًا لمختلف حالات الاستغلال والظلم؛ فيجب ان يشعر كل واحد منا انه مسؤول بطريقة او بأخرى عن الدمار الذي يتعرّض له بيتنا المشترك، وأشير خصوصًا الى عدم المساواة بجميع انواعها، والمعاملة اللاإنسانية تجاه مهجرين، والتدهور البيئي، ورفض أي حوار، والتمويل الهائل لصناعة الأسلحة. هذه كلها عوامل تشكّل تهديدًا حقيقيًا لحياة البشرية جمعاء. اننا مدعوون كلنا، افرادًا وجماعات، لتحطيم سلاسل الظلم واعلان عدالة الله. ولن تكفي بعض الأعمال الخيرية من حين الى آخر، بل هناك حاجة الى تغييرات ثقافية وهيكلية لتحقيق تغيير دائم”.
وقال: “في هذا اليوم، عيد اسم بسوع الذي به نبدأ السنة الجديدة، وكلّ أعمالنا، لتكون موجّهة إلى السلام المبنيّ على الحقيقة والعدالة والمحبّة والحريّة وإنماء الشخص البشريّ والمجتمع، نتطلّع إلى اليوم التاسع من هذا الشهر، حيث يلتئم المجلس النيابيّ لانتخاب رئيس للجمهوريّة. فإنّا نرافقهم بالصلاة من أجل نجاح مشاوراتهم وانتخاب الرئيس الأقدر والأنسب للبنان وللبنانيّين اليوم. ولكن حذار تأجيل الانتخاب لسبب أو لآخر، فإن حصل، لا سمح الله، فقد النواب ثقة اللبنانيّين جميعًا، وثقة الأسرة الدوليّة. فحذار رهن لبنان لشخص أو لمجموعة. فلبنان يخصّ جميع اللبنانيّين لا فئة دون أخرى. وعليه فالمرشّح الذي يحصل على الأصوات المطلوبة في المادّة 49 من الدستور هو رئيس كلّ لبنان وكلّ اللبنانيّين، وتقتضي أوضاع لبنان اليوم مساندته من الجميع”.
وختم الراعي: “فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل إحلال سلامٍ دائمٍ وعادل في ربوعنا، ومن أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة، في التاسع من الشهر الجاري يكون على مستواها، ولخيرها الأكبر. ونرفع نشيد المجد والشكر للآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، الآن وإلى الأبد، آمين. ولد المسيح! هللويا”!
بعد القداس استقبل البطريرك الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية للتهنئة بالأعياد المجيدة.