مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الجمهورية”:
لفحت أجواء التأليف الحكومي رياح إيجابية عشية اللقاءين اللذين سيعقدهما الرئيس المكلّف نواف سلام اليوم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، حيث يعوّل عليهما تذليل اعتراض ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله” على الطريقة التي تمّ التعاطي بها في عملية التكليف والنكوص بالتفاهمات التي سبقتها. وفي هذه الأجواء، شدّد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي بينهما قبل ساعات من زيارة الرئيس الفرنسي للبنان اليوم، على “أنّهما سيقدّمان دعمهما الكامل للاستشارات التي تجريها السلطات اللبنانية الجديدة، بهدف تشكيل حكومة قوية وقادرة على جمع تنوّع الشعب اللبناني وضمان احترام وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وإجراء الإصلاحات الضرورية من أجل ازدهار البلد واستقراره وسيادته”. حسب بيان للرئاسة الفرنسية.
طُويت صفحة أخرى من المسار الدستوري والبروتوكولي لعملية التكليف الحكومي، وانطلق الرئيس المكلّف نواف سلام بعد إتمام المشاورات النيابية غير الملزمة إلى مرحلة تفكيك الألغام، بدءاً من اللغم الأكبر وهو البحث مع “الثنائي الشيعي” حول المشاركة في الحكومة ووفق أي صيغة او قواعد، انطلاقاً من توزيع الحقائب السيادية إلى مستوى التمثيل ومسار التعاطي في إدارة المرحلة المقبلة… على انّ اللقاء الذي سيجمع سلام اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة يُعتبر مفصلياً، بحسب ما وصفه مصدر بارز في الثنائي لـ”الجمهورية”، مؤكّداً “انّ أجواء الاتصالات كانت في الساعات الأخيرة إيجابية، أبدى فيها الرئيس المكلّف مستوى عالياً من الانفتاح والتفاهم والإصرار على الشراكة والجمع لكل المكونات السياسية”. وكشف المصدر انّ هناك تفاهماً حول توجّهات الرئيس المكلّف في التعاطي مع التفاصيل المتعلقة بإدارة الدولة والحكم، قد توصل إلى اتفاق مع الكتلتين الوازنتين في عملية الشراكة. وهذا الأمر سيتظهّر في اجتماع عين التينة اليوم. كذلك كشف المصدر “انّ الكلام السعودي الذي سمعه “الثنائي الشيعي” هو كلام جيد وإيجابي، ويؤكّد انّ اللغة التي اطلقها البعض بنَفَس استقواء وتجاوز، لا يمثل سياسة المملكة العربية السعودية في لبنان ولا تقبل فيه لا من قريب ولا من بعيد”.
بن فرحان في بيروت
وهذا الموقف يُنتظر ان يعبّر عنه وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان الذي عُلم انّه سيزور لبنان الأحد المقبل للتهنئة بإنجاز الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، والبحث مع المسؤولين اللبنانيين الكبار في سبل تعزيز العلاقات اللبنانية- السعودية وتطويرها، والدعم الذي يمكن المملكة ان تقدّمه للبنان في مختلف المجالات.
على انّه وقبل ساعات من وصول ماكرون إلى لبنان اليوم في زيارة عمل، قالت الرئاسة الفرنسية في بيان لها امس انّه وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “أشارا في خلال محادثة هاتفية جرت بينهما، إلى أنّهما سيقدّمان دعمهما الكامل للاستشارات التي تجريها السلطات اللبنانية الجديدة بهدف تشكيل حكومة قوية وقادرة على جمع تنوّع الشعب اللبناني وضمان احترام وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وإجراء الإصلاحات الضرورية من أجل ازدهار البلد واستقراره وسيادته”.
إصرار على الجمع
إلى ذلك أكّدت اوساط سياسية لـ”الجمهورية”، انّ نتيجة اللقاء المرتقب اليوم بين بري وسلام ستكون مؤشراً إلى المنحى الذي ستتخذه علاقة سلام بـ”الثنائي الشيعي” في المرحلة المقبلة، خصوصاً لجهة إمكان انضمام طرفيه إلى الحكومة الجديدة.
وأشارت هذه الاوساط إلى انّ اجتماع عين التينة سيشكّل الخطوة الأولى نحو نقل عملية تشكيل الحكومة من مرحلة الاستشارات البروتوكولية غير الملزمة إلى مرحلة المداولات العملية والفعلية، وذلك من بوابة السعي اولاً إلى معالجة أزمة الثقة التي استجدت مع “الثنائي” من خارج النص. ولفتت الاوساط إلى انّ لدى سلام إصراراً على أن تحظى حكومته بدعم كل المكونات، من دون تهميش اي منها، مؤكّدة انّه سيكون منفتحاً على معالجة اي هواجس تولّدت لدى “الثنائي الشيعي” جراء الملابسات التي رافقت التكليف. ورجحت انّ موقف “الثنائي” مرتبط بما سيطرحه الرئيس المكلّف، والحدود التي يمكن أن يصل اليها في التجاوب مع مطالب “حزب الله” وحركة “أمل”.
عون وسلام
وكان سلام اختتم استشاراته النيابية غير الملزمة في يومها الثاني بعد لقاء عدد من النواب امس، وغادر مقرّ المجلس النيابي من دون الإدلاء بأي تصريح. فيما نقل عنه النائب جهاد الصمد قوله: “أمام الخلاف القائم هناك حلّان فقط إمّا التفاهم أو التفاهم”.
ومن المنتظر ان يلتقي سلام اليوم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بعد انتهاء لقاءيه مع بري و”حزب الله”، وذلك في اول لقاء بينهما بعد التكليف.
وقال عون أمام شيخ العقل الطائفة الدرزية سامر ابي المنى في بعبدا: “نأمل ان يوفق الله رئيس الحكومة المكلّف بتشكيل حكومة بأسرع وقت، ما يساهم في إعطاء إشارة إيجابية للخارج ونبني جسور الثقة”، وأضاف: “امامنا فرص كبرى، فإما ان نستغلها، او نذهب الى مكان لا نريده، بسبب اننا لم نساعد أنفسنا لكي يساعدنا الآخرون”. وامل “أن يعي جميع المسؤولين دقّة الوضع وحجم الفرص المتاحة امامنا. كل ذلك يتوقف على خيارنا: هل نريد مصلحة شعبنا؟ هذه هي الطريق الواجب علينا سلوكها. اما الارتكاز على المصلحة الشخصية فنتيجته الخراب”.
غوتيريش في لبنان
في غضون ذلك، وصل الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش مساء امس إلى لبنان على رأس وفد أممي، في زيارة لتهنئة رئيس الجمهورية بانتخابه، ولقاء المسؤولين الكبار والاطلاع على الاوضاع في لبنان مع اقتراب نهاية هدنة الـ60 يوماً في الجنوب والبدء بتنفيذ القرار الدولي 1701.
وقال غوتيريش إنّ زيارته تأتي “تعبيراً عن التضامن العميق مع لبنان وشعبه الذي عانى من أزمات وأحداث داخلية واقليمية متلاحقة أرخت بآثارها السلبية عليه”. وأكّد انّ الأمم المتحدة ستدعم بكل ما تملك من قدرات القطاعات اللبنانية كافة، ليعود لبنان بلد السلام والجمال والازدهار في المنطقة، وستبذل كل الجهود لتمكين الدولة اللبنانية من تحقيق الانتعاش الاقتصادي. كما شدّد غوتيريش على أنّ قوات “اليونيفيل” ومكاتب الأمم المتحدة في لبنان ستواصل العمل بكل قوة لدعم لبنان واستقراره.
الضغط على إسرائيل
ووفق مصادر سياسية مواكبة، وفي خضم الورشة المفتوحة لتشكيل حكومة جديدة، يبدو الاستحقاق الأول لهذه الحكومة، والأكثر أهمية، هو طريقة التعاطي مع المرحلة التي ستلي انتهاء المهلة الخاصة باتفاق وقف النار، في 27 من الجاري. وهذا الاستحقاق تعتبره المصادر أبرز العناصر الضاغطة على رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف للإسراع في عملية التأليف، إذ ليس مناسباً أن يحلّ هذا الموعد، ولا تكون الدولة اللبنانية التي يُعاد بناؤها جاهزة لمواجهة تحدّي إسرائيل، في التزامها وقف النار والانسحاب من كل الأراضي التي تحتلها، تمهيداً لرسم خطة متكاملة لإعادة إعمار البلدات التي تمّ تدميرها في شكل واسع جداً وإعادة الأهالي إليها.
وكشفت المصادر لـ”الجمهورية”، أنّ الجانب اللبناني الرسمي، وعلى رغم من الانشغالات الداخلية، يحرص في هذه الفترة على عدم إضاعة الوقت، ويحافظ على مستويات عالية من الاتصالات والتنسيق مع دول اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، ولا سيما منها الولايات المتحدة وفرنسا، لممارسة الضغط على إسرائيل لكي تلتزم تماماً تنفيذ بنود الاتفاق بكاملها، في الموعد الذي بات على مسافة 10 أيام. وقد تلقّى لبنان الرسمي تطمينات في هذا الشأن، خصوصاً أنّ إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب ستنطلق في مهماتها، يوم الاثنين المقبل. لكنه، في المقابل، نقل طلباً بضرورة التزام الجانب اللبناني استكمال نشر الجيش في المناطق المحدّدة.