مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
فيما كانت إسرائيل تمعن في تدمير قرى لبنانية ونسف منازل لبنانيين في الجنوب على رغم اتفاق وقف العمليات العدائية بينها وبين «حزب الله»، وبعدما أعلنت أنّها ستؤخّر انسحاب ما بقي من قواتها المحتلة داخل لبنان خلافاً لبنود الاتفاق، كانت الأحزاب والتيارات اللبنانية تشغل نفسها بمطالب وشروط لقنص وزارات دسمة، وتؤخّر انطلاقة العهد والحكومة المزمع تشكيلها، ضاربة عرض الحائط آمال اللبنانيين في فجر جديد من التعاطي المسؤول وغير التقليدي لإعادة بناء الدولة المهترئة على أسس إصلاحية حقيقية.
فجر الاثنين المقبل، تنتهي مهلة الـ60 يوماً لانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خلف الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل، غير انّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن أمس أنّ الجيش الإسرائيلي لن يُكمل انسحابه من جنوب لبنان ضمن الفترة الزمنية المحدّدة.
وفي موقف لافت، أعلنت الولايات المتحدة أنّ تمديد وقف إطلاق النار في لبنان أمر ضروري للغاية، معبّرة عن رضاها عن بدء الجيش الإسرائيلي في الانسحاب من المناطق الوسطى من لبنان.
وأكّد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، بريان هيوز، على أهمية تمديد وقف إطلاق النار بشكل موقت لضمان عدم قدرة «حزب الله» على تهديد لبنان أو جيرانه. وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة تعمل بشكل وثيق مع شركائها الإقليميين لإتمام هذا التمديد، مع التأكيد على التزام الرئيس الأميركي بضمان سلامة المواطنين الإسرائيليين وعودة الأمور إلى الاستقرار في لبنان.
اتصالات أميركية مع لبنان وإسرائيل
وأكّد مصدر مطلع لـ«الجمهورية»، انّ اتصالات رفيعة المستوى تولاها مسؤولون أميركيون في اليومين الماضيين مع كل من لبنان وإسرائيل، لحصر عدم الإنسحاب في إطار تقني وزمني ضيّق، وبالتالي لمنع انهيار وقف إطلاق النار.
وكشف مصدر أميركي لـ«الجمهورية»، أنّ مسؤولين إسرائيليين أبلغوا مسؤولين في واشنطن بأنّ تل ابيب لا تزال ملتزمة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ولكنها بحاجة إلى وقت إضافي للانسحاب الكامل من لبنان.
ومحاولات فرنسية
كما علمت «الجمهورية»، انّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دخل على الخط بقوة، وطلب من نتنياهو التزام تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من لبنان ضمن المهلة المحدّدة، والاّ في أسرع وقت.
وعلمت «الجمهورية»، انّ إسرائيل كانت أبلغت قبل أيام لجنة المراقبة الأميركية- الفرنسية- العربية تذرّعها بأنّ الجيش اللبناني لا يداهم ويدمّر منشآت تابعة لـ«حزب الله» جنوب الليطاني بناءً على معلومات تقدّمها إسرائيل إلى اللجنة.
الحزب يحمّل الضامنين المسؤولية
وقالت مصادر قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية»، إنّ الحزب إذ يحذّر من خطورة وعواقب هذا الانتهاك الإسرائيلي الخطير للاتفاق، غير انّه عملياً لا يعتبر اتفاق وقف إطلاق النار لاغياً، ويترك أمر مواجهته للدولة اللبنانية وللدول الراعية والضامنة للاتفاق.
وفي بيان صدر يوم الخميس، قال «حزب الله» إنّ أي «خرق» للاتفاق لن يكون مقبولاً، لأنّه سيكون «انتهاكًا صارخًا للاتفاق، واعتداءً على السيادة اللبنانية وبداية فصل جديد من الاحتلال». ودعا الحزب الحكومة اللبنانية والمراقبين الدوليين إلى عدم السماح «بأي ذرائع أو أعذار لإطالة الاحتلال».
رفض لبناني
وفيما زعمت إسرائيل أنّها لا تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار، وأنّ الانسحاب يعتمد على «تنفيذ الجيش اللبناني الاتفاق بشكل كامل وفعّال»، بما في ذلك انسحاب «حزب الله» شمال نهر الليطاني، وهو ما ترى إسرائيل أنّه لم يُنجز بعد، رفض لبنان القرار الإسرائيلي، مؤكّداً انّه انتهاك لوقف إطلاق النار، وطالب بتدخّل أميركي للضغط على إسرائيل لتأمين انسحابها.
ميدانياً، واصل الجيش الإسرائيلي سلسلة خروقاته في مناطق جنوبية حدودية، حيث أفيد عن توغل القوات الإسرائيلية فجر الجمعة إلى بلدة بني حيان، حيث قامت بإحراق عدد من المنازل. كما توغلت القوات الإسرائيلية ليلاً إلى بلدة القنطرة، وأحرقت عدداً من السيارات وخرّبت مسجد البلدة. ولاحقاً، توغل الجيش الإسرائيلي الى أطراف بلدة عيترون وأحرق عدداً من المنازل فيها. وفي المقابل واصل الجيش اللبناني انتشاره في المناطق التي ينسحب منها الإسرائيليون، فدخل أمس إلى عدة قرى منها بلدتا الجبين وشيحين في قضاء صور.
مستقبل «حزب الله» وعلاقته بوقف النار
وفي تقرير إسرائيلي، ورد أنّ «أهم تغيير حدث هو أنّ «حزب الله» لم يعد تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل، لكنه لا يزال يشكّل إزعاجًا كبيرًا»، وانّ «إزالة «حزب الله» تمامًا ليست واقعية»، و«إسرائيل ستُظهر العزيمة اللازمة لمنع «حزب الله» من إعادة بناء قوته».
وأكّد التقرير أنّ إسرائيل، رغم التزامها بمغادرة جنوب لبنان، تعمل على إنشاء محيط أمني داخل الأراضي اللبنانية، مشيرًا إلى أنّ «إسرائيل لا تنوي السماح للأفراد بالعودة إلى هذه المنطقة».
تعقيدات تشكيل الحكومة
في ملف تشكيل الحكومة، بات مستبعداً ولادة حكومية في الأيام القليلة المقبلة، نتيجة كثرة طلبات الأحزاب والتيارات السياسية وشروطها للاستيزار مقابل منحها الثقة للحكومة العتيدة.
وأشارت مصادر الرئيس المكلّف نواف سلام «إلى انّه لم يطلب موعداً من رئيس الجمهورية جوزاف عون، في انتظار استمكال ورشة التشاور والتقييم وجوجلة الخيارات، إنما هذا لا يعني أنّ العلاقة بينهما ليست ممتازة، وهو سيطلب الموعد عند الانتهاء من مفاوضاته لتشكيل الحكومة.
وأضافت، أنّ الرئيس المكلّف لا يزال يُفسح في المجال أمام التوافق. ولفتت إلى أنّ عون وسلام لا يعترضان على منح حقيبة «المال» للطائفة الشيعية إنما ليس لـشخصية حزبية.
وقالت مصادر عليمة لـ«الجمهورية»، انّ عملية التوافق تبدو صعبة، وانّ الأمور عادت إلى المربّع الأول بعد رفض سلام الخضوع لأي املاءات او شروط من اي جهة، وانّه لن يسقط في فخ المحاصصات، كما لن يتخلّى عن مبدأ وحدة المعايير بين الجميع في اختيار تشكيلته الوزارية.
الزيارات الديبلوماسية: رسائل دعم واستقرار
على الصعيد الديبلوماسي، كان لبنان محط أنظار ديبلوماسية خليجية خلال الأيام الماضية. فبعد زيارة وزير الخارجية السعودي، حلّ وزير خارجية الكويت عبدالله علي اليحيا والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي في بيروت. وأكّدت الزيارة على:
• تعميق العلاقات اللبنانية-الخليجية، إذ شدّد الرئيس عون على ضرورة تعزيز التعاون مع دول الخليج، لا سيما بعد تشكيل الحكومة.
• إلتزام خليجي بدعم لبنان، إذ أعلن الوفد الخليجي عن إعداد برنامج تنموي للبنان بعد تنفيذ الإصلاحات، مؤكّداً أنّ استقرار لبنان وسيادته يمثلان أولوية لدول الخليج.
الوفد زار أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكّد على ضرورة التمسك بتطبيق القرار 1701 وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي اللبنانية، إلى جانب الالتزام بتنفيذ اتفاق الطائف.
عودة الحريري
وفي تطور آخر، كشفت مصادر سياسية عن عودة مرتقبة للرئيس سعد الحريري إلى بيروت في 12 شباط، عشية الذكرى العشرين لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري. وتتوقع المصادر أن يُلقي خطاباً قد يحمل إعلاناً عن عودته إلى الساحة السياسية، مع استعداد تيار المستقبل للانتخابات النيابية المقبلة.
لبنان على مفترق طرق
وسط كل هذه التحركات، يبقى لبنان أمام تحدّيات كبرى. فالتوافق السياسي الداخلي لا يزال هشاً، والبلاد تعيش على وقع احتلال وانهيار ودمار وأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة. ومع ذلك، فإنّ التحركات الخليجية والدولية الأخيرة تحمل بصيص أمل للبنانيين بأنّ الدعم الخارجي قد يساعد في تخطّي الأزمات إذا ما أُرفق بإصلاحات جدّية على المستويات كافة.
الأيام المقبلة ستكون حاسمة في مسار لبنان، فإما أن يتمكن من استغلال هذا الزخم الديبلوماسي والسياسي لتأليف حكومة تُحدث صدمة إيجابية لدى الرأي العام اللبناني والدول المهتمة بمساعدة لبنان وإعادة بناء دولته، على أسس إصلاحية، أو أن يبقى عالقاً في أزماته، يترقب الحلول دون أن يراها تتحقق على أرض الواقع.
سفارة الإمارات تفتح أبوابها
وفي خطوة تواكب التحولات الإيجابية في لبنان، أعادت سفارة دولة الإمارات في بيروت ممارسة مهامها بشكل رسمي.
وأكّد عمر عبيد الشامسي وكيل وزارة الخارجية الاماراتية، أنّ إعادة افتتاح السفارة يمثل خطوة مهمّة ضمن دفع التعاون بين البلدين إلى آفاق جديدة، ما يعكس التزام دولة الإمارات بدعم الاستقرار والتنمية في لبنان.
وأشار إلى أنّ إعادة افتتاح السفارة تعكس العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين، وتعزز من فرص التعاون في مختلف المجالات، مما يسهم في تحقيق التنمية والازدهار لكلا البلدين والشعبين الشقيقين.