مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”:
ولأن لا موانع او حواجز تقف امام أهل الارض، عبر اهالي الجنوب اللبناني يوم أمس الى قراهم، رغم أنف العدو «الاسرائيلي» ودباباته وعناصره، الذين حاولوا الانقلاب على اتفاق وقف النار ورفضوا الالتزام بمهلة الستين يوما.
وبقبضاتهم العارية وقف الجنوبيون بوجه الدبابات والقوات المحتلة المدججة بالسلاح، ما اجبرها على الانسحاب من عشرات البلدات، لتبقى تلك التي لا تزال محتلة لا تتجاوز اصابع اليدين، مع ترقب المزيد من الانسحابات في الساعات المقبلة.
وبعد ان فشلت كل الجهود الديبلوماسية في اجبار جيش العدو على الالتزام باتفاق وقف النار، والانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية مع مرور مهلة الستين يوما، ارتأى أهل الارض ان يجبروه على التراجع بالقوة، فاذا به لا يصمد ولو لساعات، حتى بعد فتحه النار بوجههم، ما ادى الى استشهاد 22 على الأقل وجرح العشرات.
التحرير متواصل
واكدت مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي» ان «تحرير كل القرى من قبل الاهالي متواصل، ولن يتوقف حتى تحرير آخر شبر من الاراضي المحتلة» ، معتبرة في حديث لـ «الديار» ان «ما حصل يوم الاحد انتصار كبير، ثبّت اكثر من اي وقت مضى معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وبالتالي سيكون له اثره على كل الاستحقاقات السياسية المقبلة».
واعتبرت المصادر ان «ما شهدناه اكد المؤكد ، لجهة ان لا اتفاقات ولا ضمانات ولا تعهدات تنفع مع العدو «الاسرائيلي»، الذي لا يلتزم بأي منها ،وانه لا ينفع معه الا مقاومته والتصدي له بالقوة». واضافت المصادر:»الكثيرون طالبوا بترك «لبنان الرسمي» والمجتمع الدولي يتصرفان لضمان انسحاب «اسرائيل» بانتهاء مهلة الستين يوما، ولكن وبعدما تبين ان هناك عجزا على المستويات كافة، كان لا بد لاهالي القرى والبلدات ان يتحركوا لدحر المحتل».
الوضع الميداني
وأفادت المعلومات حتى اولى ساعات مساء الاحد أن البلدات التي دخل اليها الأهالي في القطاع الشرقي بعد انتهاء مهلة الستين يوما هي: كفرحمام – كفرشوبا – حلتا – الخيام – عين عرب – الوزاني – دير سريان – القصير – قنطرة – الطيبة – عدشيت القصير – بني حيان – طلوسة – محيبيب – عيناثا – بنت جبيل – مارون الراس – يارون – جباب العرب – عيتا الشعب – رامية – بيت ليف .
اما القرى التي تحررت امس الاحد في القطاع الغربي: شيحين – الزلوطية – ام التوت – البستان – مروحين – الجبين – يارين – الضهيرة – شمع – البياضة – طير حرفا – علما الشعب – الناقورة .
أما البلدات التي لا يزال جيش الاحتلال يحتلها فهي:كفركلا – عديسة – رب ثلاثين – مركبا – حولا – ميس الجبل – بليدا – عيترون.
المواقف الرسمية
وكانت القوى والمرجعيات السياسية هي التي واكبت تحركات الاهالي على الارض منذ ساعات الصباح. فتوجه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لأهل الجنوب ، مؤكدا ان «سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة، وأنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم».وقال: «أشارك اهلنا في الجنوب فرحة انتصار الحق، وادعوهم إلى ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة».
اما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فاعتبر ان «معمودية الدم التي جسدها اللبنانيون الجنوبيون، تؤكد بالدليل القاطع أن «إسرائيل» تمعن بإنتهاك سيادة لبنان وخرقها لبنود وقف إطلاق النار، داعيا المجتمع الدولي والدول الراعية لإتفاق وقف النار «للتحرك الفوري والعاجل، لإلزام «إسرائيل» بالإنسحاب الفوري من الاراضي اللبنانية ، التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان».
كذلك فعل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الدول، الذي حثّ الدول التي رعت تفاهم وقف النار الى «تحمّل مسؤولياتها في ردع العدوان، واجبار العدو «الاسرائيلي» على الانسحاب من الاراضي التي يحتلها، وهذا ما ابلغناه الى المعنيين مباشرة، محذرين من أن أي تراجع عن الالتزام بمندرجات وقف النار وتطبيق القرار 1701 ستكون له عواقب وخيمة».
اما حزب الله فواكب الاهالي عبر نوابه وقيادييه برحفهم الشعبي الى قرى وبلدات الصف الاول، وقال النائب عن الحزب حسين الحاج حسن:»المقاومة تراقب وتتابع، وعندما ترى أنه من الضروري أن يكون لها موقف سيكون لها موقف، المطلوب هو ضغط حقيقي وقوي ومستدام ومتتابع، لإجبار العدو على الانسحاب من كل شبر من أرضنا، وبقاء العدو في شبر واحد يعني استمرار الاحتلال، ويعني مسؤولية الجميع تحرير هذا الشبر الواحد من الأرض اللبنانية، وخصوصا الدولة اللبنانية بكل مسؤوليها وكل مؤسساتها».
موقف فرنسي وحيد!
وفيما غاب اي موقف رسمي من «اللجنة الخماسية» التي تراقب قرار وقف النار، والتي كان يفترض فيها ادانة عدم التزام «اسرائيل» بالانسحاب مع انتهاء مهلة الستين يوما، كما غاب اي موقف اميركي رسمي، افادت الرئاسة الفرنسية بأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طلب في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء «الاسرائيلي» بنيامين نتانياهو «سحب قواته التي لا تزال منتشرة في لبنان». وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن «رئيس الجمهورية شدد أمام نتنياهوعلى أهمية الا يقوض أي شيء جهود السلطات اللبنانية الجديدة لاستعادة سلطة الدولة على كامل أراضي بلادها».
من جهتها، أصدرت قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان «اليونيفيل» بيانا عبّرت فيه قلقها «البالغ، إزاء التقارير التي تفيد بعودة المدنيين اللبنانيين إلى القرى، التي لا يزال الجيش «الإسرائيلي» متواجداً فيها ، ووقوع إصابات نتيجة للنيران الإسرائيلية».
واشارت الى انه «بناء على طلب القوات المسلحة اللبنانية، ينتشر جنود حفظ السلام التابعون لليونيفيل في المناطق، التي حددتها القوات المسلحة اللبنانية في مختلف أنحاء منطقة عمليات البعثة، لمراقبة الوضع والمساعدة في منع المزيد من التصعيد. ومع ذلك، فإن إدارة الحشود تقع خارج نطاق ولايتنا». وشددت على «الأهمية الحاسمة للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 ، وترتيبات وقف الأعمال العدائية من خلال الآليات المعمول بها. ويشمل ذلك الانسحاب الكامل للجيش «الإسرائيلي» من لبنان، وإزالة أي أسلحة أو أصول غير مصرّح بها جنوب نهر الليطاني، وإعادة انتشار القوات المسلحة اللبنانية في جميع انحاء جنوب لبنان، وضمان العودة الآمنة والكريمة للمدنيين النازحين على جانبي الخط الأزرق».
الحكومة هذا الاسبوع؟
اما على خط تشكيل الحكومة، فرجحت مصادر مواكبة لحركة الرئيس المكلف ان «تؤثر التطورات الميدانية على عملية التشكيل والاستحقاقات المقبلة، وعلى رأسها البيان الوزاري»، مرجحة في حديث لـ»الديار» ان يكون هناك تشدد من قبل القوى السياسية بشروطها ومطالبها، ما قد يدفع الرئيس المكلف للاعلان عن تشكيلته كحد اقصى نهاية هذا الاسبوع، حتى ولو لم تكن ترضي جميع الاطراف، محاولا الاستفادة من الزخم الدولي، الذي لا يزال موجودا، والذي قد يتلاشى في حال تأخر التشكيل».
وخلال عظة الاحد، اشار البطريرك الماروني بشارة الراعي الى ان «الشعب اللبنانيّ وضع آماله وثقته بشخص رئيس الجمهوريّة العماد جوزف عون، ورئيس الحكومة المكلّف القاضي نوّاف سلام. وبخاصّة في ما قاله فخامة الرئيس في خطاب القسم «بأنّه يقوم مع المجلس النيابي ومجلس الوزراء بالمداورة في وظائف الفئة الأولى في الادارات والمؤسسات العامة»، وما قاله دولة الرئيس بأنّه يؤلّف الحكومة وفقًا لنصّ الدستور والطائف، حيث لا يوجد أي تكريس لوزارة باسم أيّ طائفة من الطوائف»، معربا عن امله في «تجاوز هذه المسألة وفقًا للنصوص وروحها ، وبأن يتمّ فصل مسألة الميثاقيّة عن المحاصصة. فنقول نعم للميثاقيّة القائمة على المساواة بين المسلمين والمسيحيّين في العيش المشترك ووظائف الفئة الأولى، وبذات الروح قدر الإمكان في ما دونها. ونقول: لا للمحاصصة بين الأحزاب والتكتّلات النيابيّة، لأنّها تفتح الباب واسعًا أمام تدخّل السياسة بالإدارة، وتخلق برلمانًا مصّغرًا تنتفي معه المساءلة والمحاسبة من قبل مجلس النواب، وتُنتهك القاعدة الدستوريّة بفصل السلطات. لقد آن الأوان لنثق بعضنا ببعض، ونعمل معًا على إصلاح الخلل في البلاد، والقيام بالإصلاحات الضروريّة المنتظرة».
اما عضو تكتل «التنمية والتحرير» قاسم هاشم، فأوضح أن «الاتصالات جارية بين الرئيسين نبيه بري والمكلف نواف سلام، لإنهاء المسوّدة لتأليف الحكومة، وقال إن الحركة متواصلة والأمور متقدّمة إيجابيًا في هذا الملف»، مؤكدا «أن وزارة المال ستكون من حصّة الثنائي».