الرئيسية / آخر الأخبار / شعب المقاومة يستكمل مشهد الانتصار: خيارات العدوّ ضيقة وخطرة

شعب المقاومة يستكمل مشهد الانتصار: خيارات العدوّ ضيقة وخطرة

مجلة وفاء wafaamagazine

 

فاجأ شعب المقاومة العدوّ الإسرائيلي، ومعه الولايات المتحدة، أمس، بزحفه لتحرير ما تبقى من قراه المحتلة، وأظهر تصميمه واستعداده للتضحية في مواجهة المخططات التي تستهدفه في وعيه وإرادته وخياراته، مسقطاً الرهانات على ارتداعه، ومربكاً المراهنين في الداخل على خضوعه للأمر الواقع الذي أراد «المجتمع الدولي» فرضه عليه. أتى هذا الزحف بعدما حاول العدو أن يطبع وقف النار باعتداءاته وتكريس احتلاله لعدد من القرى الحدودية، محاولاً الإيحاء بأن يده هي العليا، وبهدف خدش صمود المقاومة وبيئتها التي أفشلت أهدافه الاستراتيجية. كما هشَّم الصورة الهشّة التي أُريد زرعها في وعيه الجمعي، واستبدلها بمشهد أعاد صورة الأيام المجيدة لتحرير عام 2000 ونصر عام 2006.

ليس أمراً عابراً أن يأتي زحف شعب المقاومة لتحرير قراه المحتلة بعدما أعلن العدو عزمه على عدم الانسحاب منها، والأهم بعدما أيّدت الولايات المتحدة القرار الإسرائيلي بالانقلاب على الاتفاق، وبعدما انكشف مجدداً وهم الرهان على الخيارات الدبلوماسية و«المجتمع الدولي». فكانت النتيجة أن اكتمل مشهد نصر ستكون له مفاعيله النفسية والسياسية في رسم المشهد الداخلي اللبناني. ويمكن إجراء تمرين ذهني في استشراف الخيارات الإعلامية والسياسية التي سيحاول من خلالها أعداء المقاومة احتواء مفاعيل هذا الحدث الذي أصبح نقطة تحوّل في المشهدين اللبناني والإقليمي.

تحوَّل هذا الفتح الشعبي الى انتصار جديد في معركة الإرادات. إذ سلب تل أبيب وواشنطن ما كانتا تراهنان عليه بتحويل الاحتلال الى ورقة ضغط وابتزاز على لبنان والمقاومة وبيئتها. لذلك ليس من المبالغة وصف الزحف الشعبي والنتائج التي ترتّبت عليه حتى الآن بالحدث الاستراتيجي التاريخي، في مواجهة سيناريوات وتقديرات كانت تهيمن على الفضاء الإعلامي والسياسي، ورهانات العدوّ بالتأسيس لمستوى جديد من الردع يترك ظلاله على شعوب المنطقة.

في السياق نفسه، تجد قيادة العدو نفسها أمام خيارات ضيقة وخطرة. فإن تراجعت ونجح أهل المقاومة في فرض إرادتهم تكون قد وقعت في فخ السيناريو الأسوأ، وهو مشهد عودة الجنوبيين الى قراهم في وقت لا يزال أغلب المستوطنين في المناطق المحاذية للبنان خارج مستوطناتهم. وإن قررت ارتكاب مجازر بحق المدنيين، فقد يؤدي ذلك الى خروج الأمور عن السيطرة والتدحرج نحو سيناريو لا يريده أيٌّ من الأطراف، فضلاً عمّا يمكن أن يترتّب على ذلك من تداعيات تطاول استكمال المخطط الأميركي في الداخل اللبناني عبر أكثر من عنوان.

في المقابل، إذا نجح العدو في ثني الجنوبيين عن قرارهم يكون قد نجح في قلب المشهد رأساً على عقب، على الأقل مؤقتاً. وسيتحول هذا الحدث الى فرصة تُعزّز دوافعه لتمديد احتلاله. وستنطلق الأبواق التي تتربص بالمقاومة في الداخل اللبناني لترفع من وتيرة التشكيك في الانتصار وفي المقاومة وبيئتها. وفي أية حال، فإن تصميم شعب المقاومة على جرف الألغام الأمنية والسياسية (وليس الالتفاف عليها) وركوب المخاطر، شكَّل تحدياً حاسماً لخيارات العدو وأربك تقديراته وأثار مخاوف قيادته من اليوم الذي يلي.
في الخلاصة، أكمل زحف شعب المقاومة مشهد الانتصار عندما انتفض على القرار الأميركي الإسرائيلي بتمديد الاحتلال، وبدّد الصور الزائفة التي كان المغرضون والمتربّصون يعملون على زرعها في وعيه، وحفر بدلاً منها صورة مغايرة تليق بتضحياته، وكرَّس من جديد دوره الفاعل في رسم المشهد اللبناني بعدما حاول البعض تهميشه، فضلاً عن شطبه. وإذا ما كان العدو، بكل ما يملك من قوة تدميرية هائلة، أحد أطراف موازين القوى في الساحة اللبنانية، فإن المقاومة وشعبها يشكّلان الندّ الموازي.

 

 

الاخبار