الرئيسية / آخر الأخبار / سعد الحريري لم يمرّ في الرياض الى بيروت لإحياء الذكرى 20 لاغتيال والده هل يفتتح خطابه المشاركة في الإنتخابات البلديّة والنيابيّة؟

سعد الحريري لم يمرّ في الرياض الى بيروت لإحياء الذكرى 20 لاغتيال والده هل يفتتح خطابه المشاركة في الإنتخابات البلديّة والنيابيّة؟

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب الإعلامي كمال ذبيان في ” الديار”

قبل عشرين عاما اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في زمن كانت المنطقة تشهد تحولات جيوسياسية، فغزت اميركا العراق واسقطت نظام حزب البعث الحاكم برئاسة صدام حسين في 19 آذار 2003 ، وذهب بعدها وزير الخارجية الاميركية الاسبق كولن باول الى سوريا، والتقى الرئيس بشار الاسد، وطلب منه الانضمام الى المشروع الاميركي في المنطقة، بالخروج من محور المقاومة وقطع التحالف مع ايران وحزب الله ، واغلاق مكاتب حركات المقاومة وفصائلها في دمشق ، وفي مقدمهم حركة “حماس”، لكن الاسد لم يتجاوب للاملاءات الاميركية، لا سيما بمنع وصول السلاح الى حزب الله .

عندها صدر بعد اكثر من عام القرار 1559 في 2 ايلول 2004 عن مجلس الامن الدولي، باقتراح قدمته اميركا برئاسة جورج بوش الابن وفرنسا برئاسة جاك شيراك، وتضمن عدم تعديل الدستور في لبنان للتمديد للرئيس اميل لحود، وكان رغبة ومطلبا سوريا، اختلف حوله الاسد مع الرئيس رفيق الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، اضافة الى بند انسحاب القوات السورية من لبنان وحل الميليشيات وتسليم سلاحها ، والمقصود حزب الله الذي كان يتعرض لحملة داخلية من لبنان، تطالبه بوقف المقاومة بعد التحرير الذي تحقق في 25 ايار 2000.


ففى ظل هذه التطورات حصل اغتيال الرئيس الحريري، الذي جرت حول اسبابه ومن قام به الكثير من الاسئلة والاتهامات، وتشكلت محكمة دولية توصلت الى اتهام افراد من حزب الله بانهم وراء مقتل الحريري، ومنهم من استشهد كعماد مغنية ومصطفى بدر الدين، وبقي حيا سليم عياش الذي لا يعرف عنه شيئا، وقد نفى يومها حزب الله مشاركته في الاغتيال، واعتبر المحكمة الدولية التي تشكلت في قضية الحريري بانها مسيسة وتصنيع اميركي، واعترض على انشائها، وانسحب من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي كان مشاركا فيها.

وبعد اغتيال الحريري لبس عباءة الوراثة السياسية نجله سعد ، وكان بهاء يتطلع اليها، لكن قرارا سعوديا حسم التسمية لصالح سعد ، الذي دعمه الامير بندر بن سلطان وقدمه الى الادارة الاميركية برئاسة بوش الابن، ووقفت فرنسا شيراك الى جانب سعد، الذي دخل العمل السياسي من باب الانتخابات النيابية في ايار 2005 ضمن “تحالف رباعي”، ضم حركة “امل” وحزب الله و”تيار المستقبل” والحزب “التقدمي الاشتراكي”، في ظل انقسام سياسي بين قوى 8 و14 آذار ، وحصلت 14 آذار على الاكثرية النيابية واستأثرت بالسلطة، التي لم يدخلها “العونيون” الذين مثلوا الاكثرية المسيحية في الانتخابات النيابية، وشبه فوزهم بـ “التسونامي”، ليقيم هذا التيار السياسي الذي سمي ” التيار الوطني الحر” تفاهما مع حزب الله في 6 شباط 2006 في كنيسة مار مخايل وسمي على اسمها، لخلق توازن سياسي داخلي، بعد ان رأى حزب الله غدرا سياسيا به، ولم ينجح الرئيس نبيه بري بابعاد شبح الفتنة المذهبية السنية – الشيعية التي تنقلت بين المناطق ، ونشأت بينها خطوط تماس في حرب اهلية باردة، لم تتوقف الا بعد العملية العسكرية التي نفذها حزب الله في 7 ايار 2008 ، ردا على استهداف شبكة الاتصالات اللاسلكية، فكان اتفاق الدوحة الذي اعطى الثلث الضامن في الحكومة لتحالف الثنائي حزب الله و”التيار الوطني الحر” وحلفائهما، وانتخب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية في 23 ايار 2008.


فبعد اتفاق الدوحة وحضور قطر في لبنان وسوريا بعد اغتيال الحريري، عادت السعودية اليهما لا سيما سوريا ، فتصالح الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد ومعهما الحريري وجنبلاط في العام 2009 ، وترأس سعد الحريري الحكومة، لكن احداث سوريا في آذار 2011 التي حصلت مع ما سمي “الربيع العربي”، الذي بدأ في تونس نهاية 2010 ، فان الوضع بدأ بتغير في المنطقة مع سقوط انظمة في تونس وليبيا ومصر واليمن وصمود النظام السوري، الذي رأى الحريري ومعه جنبلاط فرصة للانتقام منه واسقاط بشار، وكل منهما لاسباب ثأرية بما يخص مقتل كل من كمال جنبلاط ورفيق الحريري، الا ان رئيس “تيار المستقبل” لم يتمكن ان يكون له الدور الفعال في اسقاط الاسد ومثله جنبلاط، الذي دعم تحركا معارضا في السويداء.

فالحريري عاد الى لبنان وسعى الى تسويات داخلية بالحوار مع حزب الله برعاية الرئيس نبيه بري، واوصل ميشال عون الى رئاسة الجمهورية في نهاية تشرين الاول 2016 ، فاعتبر تصرفه هذا بانه يسهل نفوذ ايران في لبنان والمنطقة، التي كانت تدعم عسكريا الحوثيين في حربهم ضد تحالف تقوده السعودية منذ العام 2015 ، فلم يكن التوجه السياسي للمملكة يتوافق مع نهج الحريري، الذي استدعي الى الرياض وقدم استقالته في 4 تشرين الثاني 2017 منها، وهذا ما خلق ارباكا لبنانيا، فانقذ سعد تدخل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس دولة الامارات المتحدة محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.


التأمت العلاقة بين السعودية التي يدير شؤونها ولي العهد الامير محمد بن سلمان والحريري على “لا ثقة” بينهما، فادى ذلك الى خروج سعد من المملكة بعد تصفية اشغاله وافلاس مؤسساته ليقيم في ابو ظبي، على ان لا يتعاطى في السياسة ويهتم باعماله، فاستقال من رئاسة الحكومة بعد الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول 2019 ، واعلن تعليق العمل السياسي في العام 2022 وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية، وابقى “تيار المستقبل” يعمل بادارة امينه العام احمد الحريري.

وهذا العام كما في اعوام سابقة ، حضر الحريري الى بيروت لاحياء الذكرى العشرين لاغتيال والده، واعلن لمن اتصل به يسأله عن العودة الى العمل السياسي، فكان جوابه “لاقونا عالساحة” ، ويقصد ساحة الشهداء التي تقول مصادر “تيار المستقبل”، انها تتوقع ان يقفز رقم الحشد الى نحو اكثر من خمسين الفا ، في ظل التعبئة التي قامت بها منسقيات التيار في المناطق.

فهل سيكون خطاب الحريري سياسيا ويعلن العودة الى العمل السياسي، مع اقتراب انتخابات البلدية والاختيارية بعد نحو ثلاثة اشهر والنيابية بعد اكثر من عام؟

سيتضمن خطاب الحريري السياسة وفق ما تقول مصادره، وهو بذلك سيعلن العودة للعمل السياسي. وتحدثت معلومات ان رئاسة “تيار المستقبل” قد تكون لعمته بهية الحريري، التي استقبلها الموفد السعودي يزيد بن فرحان، دون ان يعني ذلك ان المملكة قطعت اشارة المرور السياسية مع العهد الجديد وعنوانه الاصلاح، الذي تركز عليه القيادة السعودية التي تقول مصادرها انها انكفأت عن لبنان في مراحل، بسبب الفساد الذي تسبب به السياسيون ومنهم حلفاء لها، ولم يؤمنوا للمملكة حضورا سياسيا ، بل وظفوا علاقاتهم معها لحسابات سياسية فئوية ومصالح شخصية.


وفي الذكرى العشرين لاغتيال الحريري، فان سعد الحريري لم يأت الى الرياض، وهذه اشارة الى ان التواصل ما زال مقطوعا، ولكنه سيستفيد من المناسبة ليقدم جردة حساب سياسية في تقييم لمرحلة العشرين عاما من انخراطه في العمل السياسي، قد يكون فيه نقد ذاتي ومراجعة مع التطورات التي حصلت بعد الحرب “الاسرائيلية”، وسقوط بشار الاسد وانتخاب جوزاف عون رئيسا للجمهورية، لربما تفتح له ابواب ما زالت مقفلة في السعودية، التي استعادت حضورها السياسي والديبلوماسي القوي، حيث عينت لها موفدا بديلا لنزار العلولا وهو الامير يزيد بن فرحان، الذي يتطلع ان يكون للبنان رؤية مستقبلية لاعادة بناء دولته ومؤسساتها بخطة اصلاحية انقاذية.