
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء”
ثمة تساؤل يدور حول ما يجري من مستجدات تشهدها المنطقة خاصة فلسطين، لبنان وسوريا. ما يضع المرحلة المقبلة على فوهة بركان التطورات العسكرية المبني على محاولات الفرز الطائفي على قاعدة: فرّق تسدّ.
ومع أن المنطقة لاقت المتغيّرات السياسية وخاصة في سوريا بارتياح، تبعا لمقدمات ما بنت عليه «إدارة أحمد الشرع» وما تبعها من ملحقات أدخلتها «إدارة ترامب» على أجندة برنامجها الخارجي من روسيا وأوكرانيا، وصولا الى الصين، وما بينهما إيران. إلّا أن ما يجري اليوم يدفعنا للتوقف عند محطات، استبشرت فيها المنطقة خيرا، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وقبلها لبنان، بعد أشهر طويلة حافلة ومحمومة بجنون «نتنياهو» وفريقه الوزاري، الذين اتخذوا شكل إبادة وتطهير عرقيّ في أكثر من مكان، إلّا أن الصحيح أنّ خاتمة الحرب التي أعقبت عملية «طوفان الأقصى»، لا تبدو نهائية، أقله حتى الآن، ليس بسبب الخروقات التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان فحسب، بل ما تدفع بها حكومة الاحتلال نحو التهديدات بالعودة إلى القتال في أيّ لحظة، وتبعا لما تراه سببا مزعوما لذلك.
وتبني المصادر السياسية المواكبة على ما يجري في غزة، في وقت يترنح فيه اتفاق وقف إطلاق النار على مخاضات تبدو مصيرية على وقع جهود يبذلها الوسطاء لإنقاذه ومنعه من التهافت، بالاستناد إلى المؤشرات التي تؤكد عدم وجود نيّة حقيقيّة لدى كيان «إسرائيل» بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، بعد أن وصل التصعيد الإسرائيلي لحد وقف إدخال المساعدات إلى القطاع، مع تهديد متجدد من رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» بالعودة إلى القتال.
هذا المشهد ينسحب على الواقع اللبناني، والذي بدوره لا يبدو أفضل حال، مع استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار وتفخيخ القرار 1701 من دون رادع أو تحريك ساكن من قبل لجنة الإشراف الخماسية حول ما يجري. إذ أن كيان الاحتلال يعمد على توسيع النطاق لتمدده الجغرافي بما سمي بالنقاط الخمس والتي أتت، خلافا لما نصّ عليه الاتفاق، بضرورة الانسحاب الكامل من كل الأراضي اللبنانية، الأمر الذي يجعلها قوات احتلال بحكم الأمر الواقع مع العمل على تكريس حرية الحركة داخل لبنان؛ حيث يعطي لنفسه ضرب وقصف واستهداف ما يدعيه اهدافا لحزب الله ساعة شاء، وفي أية منطقة لبنانية حتى خارج نطاق عمليات القرار الأممي وصولا إلى أقصى البقاع الشمالي.
وترى المصادر المطّلعة، أنه ومع المشهدين اللبناني والفلسطيني يتصدر المشهد السوري بعد تطورات المناطق، والفوضى الدموية التي يشهدها الساحل السوري حيث تؤكد المصادر نفسها أن الأصابع الإسرائيلية غير بعيدة عما يجري من سفك للدماء ومجازر مروعة، تأتي في سياق ما صنّفه «نتنياهو «جبهة قتال جديدة بعد سقوط «نظام بشار الأسد». إذ أن النوايا المبطنة لدى «تل أبيب « أبرزت المخاوف المضمرة، بعد تلويح «نتنياهو» ووزير دفاعه «يسرائيل كاتس» بالتدخل العسكري في سوريا، تحت عنوان حماية الطائفة الدرزية.
وبالتالي، وأمام ما تقدّم يبدو أنّ كل الجبهات لا تزال مفتوحة بصورة أو بأخرى، وأن كل احتمالات العودة الى الحرب أيضا مرجحة في أية لحظة، في تصميم على ما يبدو أنه يندرج في الأجندة الجديدة للكيان الاسرائيلي القائمة على نسف كل التسويات والاتفاقات، التي وصفتها المصادر، بالمبتورة تبعا لما يعتريها من خلل في تحصين البنود التي أتت بمجملها لمصلحة «إسرائيل»، مستغلة التوثب الأمريكي المدفوع بدعم عسكري ومادي للكيان وفق تثبيت معادلة يحاول الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» تعويمها مجددا ضمن ما يسمّى بالصفقات الإبراهيمية. ليبقى السؤال المطروح:
هل تنجح «إسرائيل» بمسعاها التفكيكي للمنطقة وفق مصالحها المتماهية مع طموح ترامب في السيطرة على كل مدخرات وخيرات وثروات العرب والمسلمين؟
