
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء”
على وقع الخروقات اليومية التي يمارسها كيان الاحتلال ضد لبنان جوا وبرا، حاصدة المزيد من الشهداء، يبرز الموقف المستجد لوزير حرب الاحتلال «يسرائيل كاتس» عن رغبة كيانه البقاء في المواقع الخمسة التي أبقاها ضمن احتلاله، بعد وقف إطلاق النار وانتهاء الهدنة الممدّة في الثامن عشر من شباط الماضي. لاقاه كلام موازٍ لنائبة المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الاوسط «مورغان اورتاغوس» عن البدء بتأليف لجان عمل دبلوماسية ستعمل على حل معضلة «النقاط الخمس» عن طريق الحوار السياسي ما يعني أن الاتجاه الذي تدفع إليه واشنطن هو ترويض تدريجي لتطبيع تسعى إليه «تل أبيب» بدعم أميركي مباشر.
ترى الأوساط المتابعة: «أن النقاط الخمس المحتلة من الجيش الإسرائيلي وما تبعها من تمدّد نحو بعض القرى، وخاصة كفركلا وتل نحاس مع إقفال طريقين دون تواجد عسكري فيهما بين الضهيرة واللبونة في القطاع الغربي، وكفركلا – العديسة في القطاع الشرقي، إضافة إلى المساحة النارية التي تتحكّم بمدخلي حولا ومركبا قبالة وادي هونين. باتت اليوم أكثر من عشر نقاط بعد احتلال إسرائيلي آخر لمزارع المجيدية وبسطرة والقسم الشمالي اللبناني في الغجر، بالإضافة إلى شريط طولي بين كفركلا والعديسة والبطيشية، فضلا عن مزارع شبعا السبعة اللبنانية وتلال كفرشوبا المحتلتين منذ العام 1967».
لذا تأتي الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار والقرار 1701 واستمرار الغارات وأعمال الجرف والقضم وحرق الثروة الحرجية على الحافة الأمامية، في ظل مطالبة لبنان المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط على الكيان الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي المحتلّة، ووقف الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار ومندرجات القرار الأممي، في وقت لا تحرك فيه لجنة الإشراف الخماسية ساكنا. وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في كلمته في القمة العربية في القاهرة، وتبعه كلام واضح ومباشر من رئيس مجلس النواب نبيه بري مفاده: «إن لبنان لم ولن يتخلّى عن شبر واحد من أرضه معتبراً أن التعافي للوطن يبدأ من الجنوب، مطالبا بالتفاف وطني حول حماية السيادة على أن يكون هذا الأمر منطلقاً لأي توافق داخلي».
وبحسب بعض التقارير الأمنيّة، فإن النقاط الخمس التي يتم التركيز عليها، هي: «تلة الحمامص التي تبعد كيلومترا عن الخط الأزرق، وتقع في أعلى مرتفع جنوب بلدة الخيام، وتشرف على مستعمرة المطلة معيان باروخ وكفر يوفال. والدواوير التي تقع على طريق مركبا حولا وتقابلها مستعمرة مرغليوت شرق وادي هونين وجل الدير التي تقع جنوب شرق بلدة عيترون، وتشرف على مستوطنتي افيفيم والمالكية ولديها رؤية لعمق الجولان السوري المحتل، وجبل بلاط الذي يقع بين راميا ومروحين ويشرف على مستعمرتي زرعيت وشوميرا وعلى جزء من الجليل الغربي وتلة اللبونة التي تبعد 300 متر عن الحدود، وهي على امتداد المنطقة من خراج علما الشعب والناقورة، وهي عبارة عن مجموعة غابات حرجية كثيفة تشرف على الجهتين اللبنانية والفلسطينية المحتلتين وتقابلها مستعمرتا شلومي وحانيتا في الداخل الفلسطيني المحتل».
مصادر مطّلعة طرحت العديد من التساؤلات أبرزها ما يتعلق بالحل بالنسبة إلى لبنان في حال قرّر الاحتلال البقاء في هذه النقاط، مشيرة إلى أنه على الصعيد السياسي للعهد الجديد، فإنه فور انسحاب إسرائيل من الجنوب وبقائها في هذه النقاط، حصل اجتماع في القصر الجمهوري، بحضور رئيس الجمهوريّة ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نواف سلام، حيث صدر بيان يؤكد أن لبنان يعتبر هذه النقاط محتلّة وسوف يقدم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، كما يتحدث البيان عن ضرورة أن تلعب الدول الضامنة والراعية لتنفيذ القرار 1701 دوراً أكثر تأثيراً لجهة إجبار كيان إسرائيل على الانسحاب، وعن حق لبنان باستعمال كل الوسائل المتاحة لتحرير أرضه دون أن تتطرق للمقاومة تصريحا بل تلميحا.
وتلفت المصادر إلى أن لبنان سيعتمد على الضغط والأسلوب الدبلوماسي والاتصالات الدولية، مع الدول الراعية لهذا الاتفاق والمجتمع الدولي، لانسحاب الاحتلال من هذه النقاط، أما بالنسبة إلى المقاومة فقد أعلن أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطاب التشييع للسيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، أنها ستطلب من الحكومة والدولة اللبنانية تحمل مسؤولياتها لهذه الناحية، وتحتفظ بحقها باستعمال السبل التي تمتلكها لتحرير هذه الأرض دون تحديد توقيت، تاركا للتقديرات والتحليلات مساحة لذلك.
من هنا يتضح أن ما يحاك للبنان من بوابة الجنوب، قد يكون أكبر بكثير من التكهنات، مع جنوح الوضع الميداني نحو التفلت التدريجي وقد يصل الى عودة الحرب والمواجهة . وهذه المرة قد يكتسب لبنان بثلاثيته الجيش والشعب والمقاومة شرعية الدفاع عن السيادة التي تكفلها مواثيق الأمم الدولية. فهل تمهد «تل أبيب» لجولة جديدة من الحرب استنادا على ما تزعمه حماية للشمال الفلسطيني المحتل وسكان المغتصبات الفلسطينية؟