
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء”
ثمة سيل من الرسائل كانت قد سبقت زيارة نائبة المبعوث الأميركي للشؤون الشرق أوسطية «مورغان أورتاغوس» إلى لبنان، وثمة تسريبات ألمحت إليه العديد من المصادر بأن المبعوثة الأميركية أتت وتحمل عنواناً واحداً لزيارتها، وهو إما تجريد سلاح «حزب الله» أو الويل والثبور وعظائم الأمور على لبنان أن ينتظرها.
صحيح أن الزيارة اكتسبت دبلوماسية مخففة «ألطف» من حيث اللهجة، قياساً على ما سبقها من زيارات سابقة للبنان، إلّا أنها حملت في الحقيبة الدبلوماسية أكثر من لغم بصواعق متعددة لناحية مقاربة «واشنطن» للمشهد اللبناني على ضوء تطورات المنطقة من جهة، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية بضوء أميركي من جهة ثانية.
لعلّ أبرز ما أثارته «أورتاغوس» مع الرؤساء الثلاثة هو موضوع اللجان الدبلوماسية للتفاوض مع الكيان الإسرائيلي حول الملفات الإشكالية لا سيما «ترسيم الحدود، والانسحاب من جنوب لبنان، بالإضافة إلى ملف الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية».
وهذا ما فسرته العديد من الأوساط: «بالممر المموّه أو المقنع لبدء تطبيع تدريجي مع الكيان الإسرائيلي»، ما دفع بأركان الدولة إلى توحيد أجوبتهم، والتمسّك بحق لبنان في سيادته على أرضه، وتطبيق القرار 1701، مع تفريغ رئيس الجمهورية لمضمون الطلب الأميركي باللجان، وطرح اللجنة العسكرية التي كانت قد فاوضت عبر الأمم المتحدة وبوساطة أميركية على الثروات المائية وترسيم الخط الأزرق بعد انسحاب الاحتلال عام 2000.
ومع تراكم الأجواء التشاؤمية حول مسار المشهد الأمني بقيت العديد من الملفات مرتبطة بالشروط الأميركية لتنفيذها أو المساعدة على حلها «كإعادة الإعمار ودعم لبنان من بوابة الاقتراض عبر صندوق النقد الدولي الذي سيحضر اجتماعاته في الواحد والعشرين من نيسان الجاري وفد لبناني برئاسة وزير المالية ياسين جابر».
وبين هذا وذاك، تبقى نتائج الزيارة غير مضمونة الإيجابية رغم بث كميات من المواقف المتفائلة حولها باعتبار أن «أورتاغوس» أتت إلى لبنان ضمن أجندة مرتبطة «بسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط ومنها لبنان».
في هذا الاتجاه تساءلت مصادر عديدة عن كم اللقاءات التي أجرتها المبعوثة الأميركية مع الفرقاء اللبنانيين ولا سيما أن علامة فارقة سجلت في الزيارة الجديدة وهي «لقاء أورتاغوس برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لحظة وصولها لبنان وقبل لقاء الرؤساء الثلاثة، وربما هذا يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الاصطفافات السياسية خلف المشروع الأميركي المترتب على نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان».
من هنا يمكن استخلاص أكثر من رؤية ذات دلالة على ما أفصحت عنه «أورتاغوس» في خلواتها التي سبقت لقاءاتها برئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، مع تقاطع المواقف بين أركان الدولة حول لائحة الطلبات الأميركية المعطوفة على المصلحة الإسرائيلية، وما أخفته من خلال هذه اللقاءات عن الإعلام بعد إحجامها عن الإدلاء بأي تصريح في المقرات الرئاسية الثلاثة، سوى ما أبدته طبعا خلال اللقاء المتلفز على إحدى القنوات اللبنانية وإسهابها في توصيف الشراكة المطلوبة بين «بيروت وواشنطن»، وانعدامها في الوقت نفسه إذا لم ينفذ لبنان ما طلب منه بدءاً من السلاح إلى الإصلاحات المالية والإدارية وليس انتهاءً بحسم تموضع لبنان الجيو-سياسي في المنطقة.
في الخلاصة يمكن فهم كل هذا المشهد المستند على نتائج الزيارة المبهمة حتى الآن أن «أورتاغوس» تعمّدت أن تمسك العصا الأقل غلاظة في نبرتها هذه المرة بيد وجزرة الترغيب ونقل لبنان من واقع المدين إلى حال الاكتفاء مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل ما ترمي إليه الزيارة من تأمين لمصلحة إسرائيل أمنيا قبل وبعد كل شيء.
