الرئيسية / آخر الأخبار / قاسم: الحرب لم تنتهِ بعد مع إسرائيل

قاسم: الحرب لم تنتهِ بعد مع إسرائيل

مجلة وفاء wafaamagazine

كلمة سماحة الشيخ نعيم قاسم لمناسبة عيد المقاومة ‏والتحرير 25-05-2025:‏

‏نحتفل اليوم بِعيد المقاومة والتحرير للسنة الخامسة والعشرين، هذا العيد الذي تَوج مكانة لبنان في ‏المنطقة ‏والعالم، هذا العيد الذي استطاع أن يَقلب المعادلة وينقل لبنان من الضعف إلى القوة، هذا العيد ‏الذي جعل ‏اللبنانيين يعيشون الكرامة والعزة والسيادة على أرضهم.‏في هذا اليوم سأتحدث بِثلاثة مواضيع:‏

الأول: عن عيد المقاومة والتحرير

الثاني: عن الوضع الحالي

الثالث: عن الانتخابات البلدية

أولاً، حول عيد المقاومة والتحرير: ‏ما الذي حصل حتى نمت هذه المقاومة العظيمة واستطاعت أن تُحقق ‏هذا الإنجاز الكبير؟إسرائيل احتلت فلسطين، وبدأت تعتدي على لبنان وعلى دول عديدة في المنطقة، لم يكن أمام لبنان إلا أن ‏‏يُواجه بالمقاومة، لأن جيشه لم يكن قادراً على دفع العدو الإسرائيلي، وكل الظروف الدولية كانت تُساند ‏هذا ‏العدو، فإذاً كانت نشأة المقاومة طبيعية جداً مع شعبٍ أبيٍّ لا يقبل الذل ولا الاحتلال ولا أن يكون ‏مُستسلماً ‏لهذا العدو.‏جاءت المقاومة الفلسطينية لِتكون رأس حربةٍ من موقع لبنان، وكذلك ساندها قوى وطنية وإسلامية، ‏وبالتالي ‏بدأت تنمو هذه المقاومة في الستينيات والسبعينيات بشكلٍ مباشر، وبرز الإمام موسى الصدر كإمام ‏للمقاومة ‏وقائد لِهذه المسيرة المقاومة في السبعينيات بإنشاء حركة أمل، حركة المحرومين، لِمواجهة ‏العدو الإسرائيلي ‏بشكل منظم في سنة 1974، خلال هذه الفترة وجدنا أن إسرائيل تحت عنوان “عملية ‏الليطاني” لإبعاد ‏المقاومة الفلسطينية واللبنانية من الحدود، قامت باحتلال قسم من الأرض اللبنانية، في ‏سنة 1978 صدر ‏قرار عن مجلس الأمن الدولي عنوانه ورقمه “425” يدعو إسرائيل إلى أن تنسحب من ‏الأراضي اللبنانية، ‏لم تنسحب إسرائيل سنة 1978، وأنشأت ما سُمي وقتها “دولة لبنان الحر” برعاية ‏إسرائيل من خلال الرائد ‏سعد حداد في 18 نيسان سنة 1979، وهذا الإنشاء هو خطوة أولى من أجل ‏اقتطاع قسم من لبنان، ومن أجل ‏التهيئة لإقامة المستوطنات لاحقاً، بعد فترةٍ من الزمن غيروا الاسم أصبح ‏‏”جيش لبنان الحر” في سنة ‏‏1980، ثم سُمي بِجيش لبنان الجنوبي في سنة 1984.‏كل هذه الخطوات في التسمية وفي التعديل مع سعد حداد ومن بعده من أجل أخذ قطعة من الأرض، هذا بدأ ‏‏في سنة 1978.‏ثم حصل الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982 ووصل إلى العاصمة بيروت، وهذا الاحتلال ادّعى بأنه يُريد ‏‏إخراج منظمة التحرير الفلسطينية والفلسطينيين من لبنان، حصل هذا الخروج إلى تونس، وبالتالي كان ‏‏يُفترض أن الهدف الإسرائيلي تحقق، ولكن إسرائيل بقيت، حاولت أن تفرض اتفاق 17 أيار سنة 1983، ‏‏وكاد هذا الاتفاق أن يسري بعد أن وُقع من قبل المجلس النيابي، لكن هناك مقاومة حقيقية على المستوى ‏‏الشعبي والعلمائي والوطني، استطاعت هذه المقاومة بالتعاون مع سوريا وقتها أن تمنع إسرائيل من عقد ‏هذا ‏الاتفاق المُذل الذي يُعطيها ما تُريد.‏المقاومة استمرت في عملها، وحزب الله بدأ يتكون بشكل رسمي وشعبي في سنة 1982، وبالتالي خاض ‏مع ‏المقاومين الآخرين عمليات دائمة ومنفردة وفي أماكن مختلفة من جنوب لبنان وحيث يتواجد العدو ‏‏الإسرائيلي في كل منطقة الاحتلال.‏تحت ضربات المقاومة انسحبت إسرائيل سنة 1985، يعني بعد ثلاث سنوات من الاجتياح الإسرائيلي، ‏‏انسحبت إسرائيل إلى الجنوب اللبناني إلى ما سُمي وقتها ” الشريط الحدودي اللبناني”، هذا الشريط ‏الحدودي ‏اللبناني مساحته 1100 كيلومتر مربع، يعني 55% من مساحة جنوب لبنان، يعني حوالي ‏‏11% من مساحة ‏لبنان 10452 كيلومتر مربع.‏من سنة 1985 إلى سنة 2000، وقت التحرير، الشريط الحدودي مُحتل من قبل العدو الإسرائيلي، والعنوان ‏‏الوحيد للمواجهة والأساسي للمواجهة هو المقاومة.‏خرجت أصوات كثيرة في لبنان تتحدث عن أن العين لا تُقاوم المخرز، وتُحاول أن تُثبط العزائم، وتقول بأن ‏‏المقاومة لا تستطيع أن تُغير الواقع، ولنذهب إلى الديبلوماسية ونتعاطى من خلال السياسة لِنخرج ‏إسرائيل، ‏ليس لدينا خيار إلا أن نُخرج إسرائيل بالسياسة والديبلوماسية، لكن من سنة 1978 مع القرار ‏‏425 لم تخرج ‏إسرائيل.‏إذاً كان لا بُد من استمرار العمليات وتحمل التضحيات والعطاءات والدماء، خلال هذه الفترة كان القتال ‏قتالاً ‏حقيقياً على العملاء وعلى العدو الإسرائيلي باللحم الحي وبالإمكانيات المُتواضعة وبالقدرات ‏البسيطة، ‏وتحركت المقاومة في كل مكان، وآزرها الناس بِطرق مختلفة وتحملوا الكثير وكان منهم من ‏أُسر في معتقل ‏الخيام وفي معتقلات الكيان الإسرائيلي، لكن كان هناك تصميم حقيقي وإرادة حقيقية من ‏أجل مواجهة هذا ‏العدو بالمقاومة لِيخرج من الأرض، لا يُمكن أن نُسلم له، مع العلم أن الإمكانيات متفاوتة ‏جداً والقدرات ‏متفاوتة جداً، لكن يوجد إرادة المقاومة وتصميم المقاومة، مع هذا التصميم وجد الإسرائيلي ‏أنه لا يستطيع أن ‏يستقر على الأرض اللبنانية، لا جيش لبنان الجنوبي ينفعه ولا دباباته وطائراته ‏واعتداءاته يُمكن أن تُمكنه من ‏أن يبقى مُحتلاً على الأرض اللبنانية، فبدأ من 1999 يتنافس رؤساء الوزراء المحتملين، أي باراك ونتنياهو، ‏كان هناك انتخابات في سنة 2000، فبدأوا يتبارون بلائحة انتخابية تتحدث عن الانسحاب من جنوب لبنان. ‏حاولوا قبل الانسحاب أن يعقدوا اتفاقًا، لم يتجاوب لبنان، حاولوا من خلال سوريا التي كان لها سيطرة على ‏الواقع اللبناني، لكن سوريا لم توافق على أي اتفاق. اعتبروا أن بعض التأجيل يمكن أن يساعد، لكن لم ينجح ‏الاتفاق لا مع لبنان ولا مع سوريا حول وضع لبنان. ‏وإذ بالإسرائيلي يخرج قبل الموعد المتوقع، ويُنهي خروجه في 24 أيار، ونُعلن 25 أيار يوم التحرير، خرج ‏في الليل، حتى إنه ترك العملاء من دون أن يخبرهم، وعندما دخل الشباب ودخل الأهالي إلى المراكز ‏المختلفة، وإلى الثكنات المختلفة، وجدوا في بعض الأماكن الأطعمة لا زالت ساخنة، لأن من كان يأكل لم ‏يكن يتوقع أن يحصل هذا الانهيار بهذه السرعة، ولم يخبر الإسرائيلي عملاءه بأنه سيخرج من لبنان، بل ‏أصبح الإسرائيلي يتفاخر أنه خرج من دون أن يعرف المقاومون، وبالتالي حمى جنوده عند هذا الخروج ‏بهذه الطريقة.‏هذا انتصار كبير جدًا للمقاومة، هذه علامة عظيمة للشعب العزيز المجاهد المعطاء المضحي، الذي استطاع ‏أن يكسر إسرائيل في أول انتصار وخروج إسرائيلي من أرض محتلة من دون قيد ولا شرط. لم يكن هناك ‏اتفاق، ولم يحصل اتفاق. حتى يساعدوا الإسرائيلي على أن يعقد اتفاقًا بطريقة ملتوية، رفضت الأمم المتحدة ‏ومجلس الأمن أن يرسلوا قوات طوارئ دولية إلا أن يكون هناك تفاهم ما برعاية أممية، لم يتفاهم معهم أحد.‏راهنوا أنهم إذا انسحبوا في 25 أيار وما قبله، فإن مشاكل معينة ستحصل بين المقاومين وشعب المقاومة، ‏وتحصل هناك مشاكل طائفية بين المسلمين والمسيحيين، أيضًا ستحصل عمليات اغتيال، سيكون هناك ‏مشاكل وتعقيدات، هذا يثير الفتنة الداخلية في لبنان، ويعقّد الأمور على المقاومة وعلى لبنان.‏لم تحصل ضربة كف واحدة، سلّم الإخوة العملاء الذين اعتقلوهم إلى الدولة اللبنانية للمحاكمة، ذهبوا إلى ‏الأهالي وطمأنوهم أنهم لا يريدون منهم شيئًا، لا يتحمّل الأهل وزر أولادهم حتى لو كانوا مقتنعين بما يفعل ‏هؤلاء الأولاد، هم لم يشاركوا في الحرب ولا في المعركة، ومن هرب تركوه يهرب. لم تكن هناك دماء، ولا ‏مشاكل، ولا فتنة مذهبية، ولا فتنة طائفية في داخل المنطقة الحدودية. بقي منتظرًا مجلس الأمن حوالي سنة ‏تقريبًا إلى أن قرّر قوات طوارئ دولية، يعني اعرفوا عندما حصل انسحاب إسرائيلي من طرف واحد، بقي ‏الجنوب من دون قوات طوارئ أكثر من سنة، والسبب هو محاولة الضغط علينا، على المقاومة، على الدولة ‏اللبنانية، حتى يجري حلولًا تتناسب مع إسرائيل، وعندما رأوا أنه لا يوجد إمكانية أرسلوا قوات الطوارئ ‏الدولية.‏هذا إنجاز عظيم جدًا للمقاومين. يوم التحرير، عيد التحرير، غيّر مسار المنطقة سياسيًا وثقافيًا وجهاديًا، ‏ونقلنا من الإحباط إلى الأمل، ومن الخنوع إلى المقاومة، ومن الذل إلى العز، ومن الهزيمة إلى النصر: “وَلَقَدْ ‏سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”.‏ما هي “الزوادة” التي حصلنا عليها ببركة هذا النصر؟ انتقلت المقاومة من كونها مشروعًا قابلًا لتحقيق ‏التحرير والنصر إلى دعامة ثابتة للبنان المستقبل القوي. أي في البداية كانت المقاومة فكرة يمكن أن تنجح ‏وقد لا تنجح، قد تحقق إنجازات وقد لا تحقق إنجازات. لكن مع عيد المقاومة والتحرير، مع طرد إسرائيل من ‏دون قيد أو شرط بعد 22 سنة من الاحتلال، لا يمكن بعد ذلك أن يُناقش بأهمية المقاومة ودور المقاومة.‏المقاومة صنعت تحرير لبنان، المقاومة صنعت استقلال لبنان الجديد، المقاومة استطاعت أن ترفع من مكانة ‏لبنان إلى القوة، وإلى المكانة، وإلى الدور المهم في المنطقة. المقاومة هي التي استجلبت كل القوى الأجنبية ‏لتعلم أن لبنان لا يمكن التعاطي معه إلا على قاعدة الند للند.‏هذا إنجاز عظيم، المقاومة والتحرير. عيد المقاومة والتحرير، مرحلة مختلفة تمامًا عن المرحلة التي كانت ‏سابقًا.‏في السابق كنّا نتحدث عن أهمية المقاومة، أما بعد عيد المقاومة والتحرير، أصبحت المقاومة مكوّنًا أساسيًّا ‏من مكوّنات لبنان، لأن مشكلة العدو الإسرائيلي لا زالت موجودة وهو دائمًا يقوم بالاعتداء.‏كل الفضل فيما حصل، في التحرير، في الإنجاز، في النصر، هو لله تعالى أولًا، وقد قال سيد شهداء الأمة، ‏السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، في بنت جبيل: “إن هذا النصر هو نصر إلهي”، حقيقةً هو ‏نصر إلهي، لأن القلة انتصرت على الكثرة، لأن المؤمنين انتصروا على المنحرفين والكافرين والبعيدين عن ‏طاعة الله، لأن العدالة انتصرت على الظلم وعلى الانحراف. هذا فيه تأييد إلهي، فضلًا عن الأمور الغيبية ‏التي لا نعلمها والتي أحسسنا بها من خلال إنجازات العمليات النوعية والعمليات المقاومة التي حصلت في ‏جنوب لبنان وحققت هذا الانتصار العظيم.‏الفضل يعود إلى من أطلق المقاومة، الإمام موسى الصدر، إمام المقاومة في لبنان. ويعود إلى القادة الملهمين: ‏سماحة الشيخ راغب حرب رضوان الله تعالى عليه، والأمين العام الأسبق سماحة السيد عباس الموسوي ‏رضوان الله تعالى عليه، والقائد الملهم الحاج عماد مغنية، قائد الانتصارين، والجوهرة العظيمة، جوهرة ‏المقاومة الساطعة التي أصبحت علمًا لكل المقاومين والأحرار في العالم، سماحة السيد حسن نصر الله ‏رضوان الله تعالى عليه، الذي نقل المقاومة وقادها إلى انتصاراتها وإلى مكانتها وإلى تعميمها على مستوى ‏كل المنطقة.‏للمرة الأولى نجتمع من أجل إحياء عيد المقاومة والتحرير بعد 25 سنة ولا يكون سماحة السيد بيننا، هذه ‏غصّة في القلوب، ولكنها أيضًا حالة من الطمأنينة، أنه في عليائه يراقب ويتابع وأننا على العهد مستمرون ‏بحمد الله تعالى.‏لا بدّ هنا من تحية الشهداء والجرحى والأسرى الذين قدّموا، والأهل الذين حضنوا، وكل الذين ساهموا في ‏المقاومة، الجيش والشعب والمقاومة، كلهم معنيون بهذا الإنجاز وبهذا التحرير العظيم.‏لا بدّ أن أذكر في اللحظات الأخيرة الشهيد أحمد يحيى أبو ذر الذي استُشهد في اليوم 24، وأصابته القذيفة في ‏اليوم 21، وهو الذي قال على فراش الشهادة: الحمد لله الذي أراني الحُسنيين، النصر والشهادة. رأى النصر ‏بخروج إسرائيل واستشهد بعد ذلك. ‏هذه النماذج العظيمة هي التي أدّت إلى التحرير، هي التي أدّت إلى هذه العزّة.‏هنا لا بدّ من شكر فخامة الرئيس المقاوم، الرئيس العماد إميل لحود، الذي استطاع أن يقدّم العمل الإيجابي ‏والمساعد للمقاومة وكل التسهيلات التي أوصلتنا إلى هذا النصر. والشكر أيضًا لرئيس مجلس الوزراء ‏الأسبق، الرئيس سليم الحص رحمه الله، الذي قال بصراحة: هذا الإنجاز العظيم الذي حققه لبنان بتحرير ‏أرضه من نير الاحتلال، الفضل فيه للمقاومة الباسلة ووقوف الشعب اللبناني وراءها. كان جريئًا وكان ‏واضحًا وكان داعمًا للمقاومة. ‏واليوم لا بدّ من توجيه شكر خاص لقائد الجيش، العماد رادولف هيكل، الذي أصدر بيانًا يعبّر عن وطنيته ‏ووطنية الجيش ومكانته ودوره. هو قال: هذه مناسبة تاريخية بإنجازاتها، والتحرير إنجاز وطني. أنا أؤكد له ‏وللجميع: سنبقى دائمًا في مقولة وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة من أجل أن نصنع المستقبل ونصنع ‏التحرير.‏خمسة استنتاجات يمكن أن نستنتجها من عيد المقاومة والتحرير:‏أولًا، إن المقاومة نشأت لضرورة في المواجهة، لأنه لا يمكن أن يبقى لبنان بلا مواجهة لهذا العدو، ‏والمقاومة هي الحل الطبيعي عندما لا يكون الجيش قادرًا، وهي السند للجيش عندما يكون قادرًا.‏ثانيًا، نقلت لبنان من الضعف إلى القوة.‏ثالثًا، المقاومة تبيّن أنها الخيار الوحيد للتحرير.‏رابعًا، انتهت قدرة إسرائيل على التوسع في لبنان، لم تعد قادرة على أن تقضم في لبنان أو أن تتوسع في ‏لبنان، حتى ولو قامت بأعمال متعددة.‏خامسًا، زمن الانتصارات الذي افتتح بهذا الانتصار العظيم في أيار سنة 2000 أحدث تحوّلًا في فلسطين ‏المحتلة، وانطلقت مجددًا المقاومة المسلحة، وصنعت المعجزات، واستطاعت أن تُربك هذا العدو، وأن تجعله ‏على طريق الزوال إن شاء الله تعالى.‏عيد المقاومة والتحرير هو المقدّمة التي صنعت كل ما بعده، وبالتالي أنا اليوم عندما أسمع إحدى الأخوات ‏من خلال التلفزيون، عندما تكون من دون بصر بسبب “البايجر”، وزوجها شهيد، ولها ابنان، وتتحدث بكل ‏جرأة وقوة وعزيمة وصبر، وتقول: أنا مستعدة لأعطي أكثر، ما الذي يمكن أن أعطيه أنا حاضرة، وهي ‏راضية لما وصلت إليه. ما هذه المرأة العظيمة؟ ومثلها الكثير الكثير في مجتمعنا، من الذين يقدّمون ويعطون ‏ويضحّون.‏عندما يتحدث هادي، هذا الطفل ابن 11 سنة، يقول: نعاهدكم دائمًا وأبدًا أن نمضي في هذا السبيل، وهو ‏جريح “البايجر”، وقد فقد إحدى عينيه وبعض أصابع يديه، ويتحدث بشجاعة وبجرأة، يرسم للمستقبل أن ‏يكون على درب المقاومة.‏اعلموا، هذا الشعب المعطاء الأبي، هذه العوائل التي تحتضن المقاومة والمقاومين، هؤلاء الناس الذين ‏تصدّوا بصدورهم العارية للعدو الإسرائيلي، هؤلاء الذين يربّون أبناءهم على القوة والعزّة والإيمان والتقوى، ‏ولا يقبلون أن يكونوا مستسلمين أو أذلاء، هؤلاء سينجحون دائماً وسيحققون الأهداف.‏ثانياً، اليوم كيف هو وضعنا؟ المقاومة مستمرة، هي خيار الشعب وخيار المؤمنين بها. المقاومة خيارٌ وشعبٌ ‏وإرادة. ‏إذا كان هناك أحد يناقش: هل ستبقى المقاومة أم لا؟ سنقول له: باقية، وعلى قلبك باقية أنت الذي لا تريدها، ‏وبالدماء وبالعطاءات باقية، وبالعز باقية، وبالانتصارات باقية. باقية بالشموخ، بالكرامة. باقية بالشهداء ‏والجرحى والأسرى. باقية بالعوائل الطيبة، الطاهرة، المؤمنة. باقية بالأطفال الذين يتمنون أن يكونوا في ‏المقدمة من أجل أن يدافعوا عن الكرامة وعن الوطن.‏الذين لديهم هذا الارتباط بالله عز وجل وبالأرض وبالكرامة لا يمكن أن يُهزموا أبداً، والنصر سيواكبهم دائماً.‏هذه المقاومة، إذا أردت تعريفها مجدداً، هي مقاومة دفاعية، هي رفض للاحتلال، هي عدم الاستسلام. ‏المقاومة خيار، أحياناً تقاتل وتردع، وأحياناً تصمد وتمنع، وأحياناً أخرى تصبر وتبقى جاهزة. المقاومة لا ‏يعني أن يكون هناك سلاح متنقل في كل يوم أو يقصف في كل يوم. المقاومة منهج، اتجاه. السلاح أداة ‏تُستخدم وقت الحاجة وبالطريقة المناسبة وبتقدير المصلحة. لذا، المقاومة هي فعل إرادة وشعب وخيار.‏في مواجهة ما حصل من عدوان إسرائيلي، عقدت الدولة اللبنانية اتفاق وقف إطلاق النار بشكل غير مباشر ‏مع الكيان الإسرائيلي، الدولة اللبنانية التزمت، ونحن التزمنا كمقاومة بالكامل. 3300 خرق إسرائيلي، يعني ‏ليس عبارة عن خرق واحد أو اثنين، لكي يُقال خرقوا الاتفاق، بل عدوان، نحن الآن مستمرون في تلقي ‏العدوان الإسرائيلي. التزمنا بالكامل. ‏ليكن واضحاً عند الجميع، لا تطلبوا منا شيئاً بعد الآن، فلتنسحب إسرائيل، وتوقف عدوانها، وتُفرج عن ‏الأسرى، وتنتهي من كل الالتزامات الموجودة في الاتفاق، وبعد ذلك لكل حادث حديث.‏وهنا أمريكا تتحمل المسؤولية، لأنها هي التي ترعى استمرار العدوان، كما رعته في بدايته، هنا وفي غزة ‏وفي كل مكان.‏يجب أن تتحرك الدولة بفعالية أكبر، طالبوهم، أسكتوهم، اصرخوا في وجوههم، لبنان يجب أن يكون قوياً ‏واثقاً حراً مع أبنائه ومع شعبه. لا تخافوا من شيء، ماذا سيفعلون بكم إذا رفعتم الصوت؟ إذا تحدثتم في ‏مجلس الأمن؟ إذا أرسلتم إلى كل الدول؟ إذا تحركت الدبلوماسية اللبنانية؟ إذا كان مجلس الوزراء في كل ‏جلسة يرفع صوته؟ إذا كان كل واحد من المعنيين يتحرك؟ هذا يجب أن يحصل، حتى نَصرعهم بكثرة ‏المواقف والضغوطات. الدولة هي المسؤولة. ‏نحن قلنا ونكرر، إذا فشلت الدولة في أدائها، وهي لديها الفرصة، فالخيارات الأخرى موجودة. لا تسألوني ‏عن الخيارات الأخرى ما هي، لكن يمكنكم أن تعرفوا أن المقاومة لا تسكت على ضيم، والمقاومة لا تستسلم. ‏الآن تصبر، تتحمل، أخذت موقف أن الدولة هي التي ستتصدى، هذا أمر يحتاج إلى بعض الوقت، نحن ‏نعطي بعض الوقت، لكن يجب التحرك.‏شهداء هذه المرحلة هم شهداء أولي البأس، من الناس ومن المقاومين، والجرحى، وكل الأضرار التي تحصل ‏الآن هي أضرار بسبب استمرار العدوان. نحن نعتبر إلى اليوم أن الحرب لم تنتهِ بعد مع العدو الإسرائيلي، ‏لأنه لم يلتزم. كل التحية لهؤلاء الذين يقدمون.‏أن تستغل إسرائيل القوة العسكرية للضغط علينا بعدوانها المستمر، تأكدوا أن هذا سيزيدنا تصميماً وصموداً ‏وعزيمة. لا يظنن أحد أن ما تفعله إسرائيل سيؤدي إلى تراجعنا.‏اليوم انظروا إلى هذا النموذج الرائع في اليمن، أمريكا بكل قوتها وعرضها لم تستطع أن تستمر في عدوانها ‏على اليمن، فانسحبت أمام هؤلاء الأبطال الشجعان الذين قدموا من أجل غزة وفلسطين، ومن أجل الكرامة ‏العربية والإسلامية والإنسانية.‏انظروا إلى أهل غزة، قدموا لعشرين شهراً العطاءات، الدم، الدمار، واعتدى عليهم الإسرائيلي اعتداءات لا ‏تخطر على بال، إبادة جماعية، تدمير، عمل لا إنساني، انفلات وحشي غير عادي، بدعم أمريكي طاغوتي لا ‏إنساني وجبروتي. ولكن لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم، رغم كل هذه الجرائم الكبيرة.‏الجرائم الموجودة في غزة، حتى جماعة إسرائيل ممن يسمونهم بالمعارضة، سواء كان غولان، أو باراك، ‏أو أولمرت، أو كثير من السياسيين، حتى من داخل الليكود، يقولون الإسرائيلي، نتنياهو ومن معه، يصنعون ‏مجاعة ويقتلون الناس ولا يحققون الأهداف. فأين العالم؟ طبعاً، الآن ترك لهم الأمريكيون المجال حتى ‏يستمروا، وهذا خطر، خطر كبير.‏فليكن واضحاً، برأينا، وهذه سنة التاريخ، إسرائيل ستسقط، “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ ‏زَهُوقًا” تقولون لي متى ستسقط؟ لا أعلم، لكن هذا الظلم الكبير لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن يستقر. قد ‏تسقط إسرائيل بخلافات داخلية، قد تسقط إسرائيل بنمو جديد للمقاومة وقوة حقيقية، قد تسقط إسرائيل لأن ‏أمريكا أصبحت عاجزة عن دعمها، لا نعلم كيف تأتي الأمور لتسقط إسرائيل، لكننا واثقون أن الظلم لا يمكن ‏أن يستقر على الأرض.‏أمريكا اليوم، بالنسبة للبنان، تتجاوز حدود سيادة بلدنا. لتتوقف أمريكا، كفى تباهي بالنفس أنها تعطي ‏تعليمات للمسؤولين، وتحاول الضغط على لبنان، أنتم تعملون بطريقة خاطئة. إذا كانت تعتقد أمريكا أنها ‏بالضغط على المسؤولين اللبنانيين وعلى لبنان تستطيع أن تحقق الشروط الإسرائيلية، أقول لها: لن تحققوا ما ‏لم يتحقق في الحرب، وهذه الشروط لن تتحقق مهما بلغت التضحيات وكلفتنا المواجهات. لا أحد يهددنا، نحن ‏لا نُهدَّد. أمامنا خياران لا ثالث لهما: إما النصر وإما الشهادة، إحدى الحسنيين، ونحن مستعدون لهما. لكن ‏تهديد، وانسحاب، واستسلام، وتسليم؟ هذا غير وارد على الإطلاق. نحن أبناء الحسين، سلام الله تعالى عليه، ‏الذي أعطى كل شيء، وأخذ كل شيء، أخذ النصر العزيز على امتداد الأمة، وعلى امتداد التاريخ والمستقبل. ‏نحن أبناء سماحة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، وهذا لا يمكن أبداً أن يجعلنا متخلفين عن الركب، ‏بل نحن إلى الأمام.‏قال تعالى في كتابه العزيز: “وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ‏ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” النتيجة إن شاء الله تأتي.‏دعوني أعطيكم هذا الشعار الذي أعتقد أنه يحتاجه البعض، كما أنه لا أحد يستطيع أن يُزيح لبنان عن مكانه، ‏أي هل يستطيع أحد أن يرفع الأرض اللبنانية ويضعها في مكان آخر؟ لا أحد. كما لا أحد يستطيع أن يُزيح ‏لبنان من مكانه، لا أحد يستطيع أن يُزيح المقاومة عن الأرض اللبنانية، لأن المقاومة أصبحت مجبولة ‏بالأرض ودماء شهدائها، جزءاً لا يتجزأ من حبّة القمح، ومن الوردة، ومن الشجرة، ومن قوة الصمود. ‏اخرجوا من هذه الأفكار، هذه المقاومة مجبولة بكيان لبنان، وكيان لبنان دعامته المقاومة وأهلها وشعبها ‏الشريف والعزيز، وهذه الدعامة لا بدّ أن تبقى ليبقى لبنان. ‏نحن ننصح الرئيس ترامب أنه أمام فرصة العمر للتحرر من قبضة إسرائيل، طالما أنك أنت تفكر بأنك تريد ‏أن تسيطر على العالم اقتصادياً، إسرائيل عبء، كانت “ستفركشك” في اليمن، ولكنك كنت شاطرًا، انسحبت ‏من اليمن وتركت عندك بعض ماء الوجه. اليوم إعطاء إسرائيل المجال لتستمر في غزة وتستمر بالعمل في ‏لبنان، هذا سيذهب على أمريكا فرصة مهمة للاستثمار في لبنان وفي المنطقة. إسرائيل إلى الهاوية، أوقفهم ‏عند حدهم، لأنهم لا يستمرون إلا بسببك أنت. ترامب هو الذي يعطيهم الروح للاستمرار في العدوان. هذا ‏الاستمرار في العدوان – بالنسبة للبنان – هذا الاستمرار يعيق الاستقرار وقد يهز الاستقرار في لبنان.‏أنا سأقول لكم شيئاً: لا يوجد في لبنان استقرار في منطقة، ولا يوجد استقرار في منطقة ثانية، لا، لبنان كله ‏يستقر أو كله لا يستقر. الاستقرار ليس مجزّأً، الاستقرار كامل، ويتم بتكاتف كل المكونات وأن تطمئن إلى ‏بعضها. لا أحد يعزل أحداً، هذا وطننا جميعاً، رويناه بالدم ولن ينتزعه منّا أحد، ولن ينتزعنا منه أحد. ‏هنا أريد أن أؤكد، إعادة الإعمار دعامة الاستقرار الأولى، وأمن المواطن في كل الوطن بهذا الإعمار وبهذا ‏الاستقرار. على الحكومة أن تتحرك بفعالية أكثر. يا أخي، لا يُعقل، نسمع من الدول حتى بشكل علني، ‏العراق الأبي الشجاع الشريف أطلق من خلال رئيس الوزراء السوداني رغبة بإعطاء تبرعات من أجل ‏إعادة الإعمار في لبنان، وأنا أعلم أن كل العراق بمرجعيته وحشده وشعبه وقواه وفصائله ومسؤوليه، كلهم ‏متعاطفون مع لبنان ومع فلسطين ويريدون الإعمار. ولكن يفترض أن يبدأ لبنان، يطلق الطلقة الأولى، يضع ‏الصندوق، فليقم بإجراءات معينة.‏إيران الإسلام والعطاءات، إيران القائد الإمام الخامنئي دام ظله، إيران الشعب الذي دائماً هم كلهم معنا، مع ‏المقاومة، مع لبنان، مع فلسطين، أعلنوا مراراً وبلغوا المسؤولين أنهم حاضرون لدعمنا، ولكن لتبدأ الدولة ‏بصندوقها في إعادة الإعمار، بالطريقة التي تريد أن تجري فيها الإعمار. ‏وهناك دول أخرى تحدثت معنا، ولكنها لم تعلن، لديها تحفظات معينة بالإعلان، لكنها حاضرة مجرد أن ‏يخطو لبنان الخطوة الأولى. إن شاء الله يحصل مساعدة وإعادة إعمار.‏يجب على الدولة اللبنانية أن تشد الهمة، لم يعد لديها مبرر أن تتأخر، وهذا له علاقة باستقرار البلد. ‏هذا البلد لبنان، يتقدم بتعاوننا، نحن أساس في كل تقدم فيه، بصماتنا موجودة إيجاباً في كل الاستحقاقات، في ‏انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة والانتخابات البلدية والتعيينات، وخطوات إقرار القوانين، نحن جزء لا ‏يتجزأ من كل شيء إيجابي يحصل الآن في لبنان. إذا كان البعض يعطّل أو يريد أن يعطّل باعتبارات ‏خارجية، نحن نقول لهم: سنصنع لبنان بإرادتنا وقناعتنا وتضحيات أهلنا، وهذا أمر واضح للعيان، وسنربح ‏إن شاء الله لبنان القوي بجميع أبنائه. لبنان المستقر ينفعنا وينفع الآخرين، حتى ينفع الدول العربية والدول ‏الأجنبية، مصلحة لنا وللآخرين، لا أحد يبتزّنا بالاستقرار، لا أحد يبتزّنا بالإعمار، لا أحد يبتزّنا ليأخذ ‏استقلال قرارنا، أبداً، قرارنا سيبقى مستقلاً، فلنقف بجرأة وسيركض إلينا الآخرون.‏كفى أن يظهر البعض نفسه ضعيفاً ولبنان لا يقدر، ضع قدمك على الأرض، وأنت وراءك جيش وشعب ‏ومقاومة، لا أحد يستطيع أن يهزّنا، وإن شاء الله نحقق الإنجازات المطلوبة.‏ثالثاً وأخيراً، الانتخابات البلدية والاختيارية. منذ البداية كنا نقول نريد إجراء هذا الاستحقاق في موعده، رغم ‏العدوان على جنوب لبنان وكل لبنان، ورغم ما يحصل في منطقة الحدود اللبنانية. لكن كنا نؤكد أن إجراء ‏الانتخابات في موعدها أمر أساسي، لأننا نريد أن تقوى الدولة ونريد أن تنمو قدرات هذا الشعب باتجاه ‏الإنماء وباتجاه بناء الدولة.‏الحمد لله، كان الإقبال مهماً، عندما رأيت السيارات تصعد يوم الجمعة من بيروت إلى الجنوب، تذكّرت ‏المشهد الذي كان سنة 2000 وكانت السيارات تصعد من بيروت إلى الجنوب. وتذكّرت أيضاً عندما حصل ‏وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني سنة 2024 بعد معركة “أولي البأس”، كيف كانت السيارات تصعد، ‏المشهد واحد. هؤلاء الناس في الانتخابات، في التصدي لإسرائيل، في الوقوف والصمود، في التمسك ‏بالأرض، دائماً هم في الطليعة. في الحقيقة أنا أحيّيهم، أحيّي أهل الجنوب اللبناني كلهم، أن عطاءهم الذي ‏قدموه، والموقف الذي وقفوه، دليل على قوة وشموخ وعزّة واستقلال واستعداد لأن يكونوا دائماً في المقدمة ‏من أجل تحرير البلد.‏هناك أربعة استنتاجات سأتحدث عنها بخصوص الانتخابات البلدية:‏أولًا، المشاركة الفعالة التي حصلت، وخاصة لجمهور حزب الله وحركة أمل، تحت عنوان لائحة التنمية ‏والوفاء، كانت مشاركة مهمة جداً مع الحلفاء ومع العائلات. بل أنا أقول لكم، حتى الذين شكلوا لوائح مخالفة، ‏أيضاً أوجّه لهم الشكر، لأنهم ساهموا بإنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي.‏كل الشكر والامتنان للعاملين، للماكينات الانتخابية، للأهل، للدولة اللبنانية التي أنجزت هذا الاستحقاق، للناس ‏الذين ساهموا وشاركوا. كل الشكر على هذا الفوز الصاخب، يعني فوز استثنائي. عندنا تزكية بشكل غير ‏عادي، يزيد في بعض المحافظات عن 50% من عدد البلديات، هذا إنجاز غير عادي، البعض لا يعجبه ‏التزكية، أخي، التزكية تعني تفاهم، لا تريد تفاهم لأنك تبحث عن كرسي؟ أخي لن تحصل على كرسي حتى ‏لو لم يحصل تفاهم، فليكن التفاهم أفضل. على كل حال، لا مانع، حيثما توجد منافسة، فلتكن المنافسة، لكن ‏إذا كانت هناك إمكانية للتزكية، فلماذا لا؟ نحن مع هذه التزكية.‏أنا هنا أريد أن أشكر أهلنا المؤمنين، الأوفياء، الشجعان، المضحين، في البقاع، عرين المقاومة والعزة ‏والكرم والشجاعة والفخر. في بيروت، قلعة الأحرار وطرد الاحتلال الإسرائيلي. في الضاحية، خزان ‏التضحية والفداء والعطاءات، والتي كانت دائماً قبلة الأحرار. والجنوب اللبناني، طليعة التحرير والصمود ‏والإباء والكرامة. وجبل لبنان، في موقع المؤازرة والدعم. والشمال، موطن المناصرة والتكاتف.‏كل المناطق اللبنانية، سواء في الانتخابات التي شاركنا فيها مباشرة، أو التي شارك فيها الآخرون بسبب عدم ‏وجود لوائح لنا أو أشخاص لنا، نعتبر أن كلهم لهم الشكر والامتنان على هذه المشاركة.‏هذه الانتخابات البلدية مدماك لانطلاقة إدارة الدولة ومؤسساتها الإنمائية، ويجب على الدولة أن تدعم البلديات ‏من أجل أن تنطلق بشكل صحيح.‏ثانياً، هذه الانتخابات خضناها بعقلية الجمع الوطني، أي كنا صمام أمان اجتماعي وتوازن وطني بين ‏مكونات البلد.‏انتخابات بيروت شاركنا فيها بلائحة ضمّت الكثير من القوى، وبعض القوى أصلًا لا يوجد تفاهم بيننا ‏وبينها، ولا يوجد تعاون بيننا وبينها، بل هناك من يتحدث عنا بطريقة ظالمة. لكن قدّمنا مصلحة البلد في أن ‏يكون هناك توازن وفي أن يشعر المسيحيون أنهم غير مستهدفين وأن الجميع يعمل معًا في دائرة بلدية واحدة. ‏هذه التجربة قدّمناها في بيروت، وهذا يعني أننا عملنا على العنوان الوطني. ‏قدّمنا التجربة نفسها في حارة حريك، وضعنا رئيسًا مسيحيًّا وأعضاء مسيحيين، وضمنا أن تكون اللائحة ‏قادرة على الفوز، والحمد لله انتصرت. ‏في مشغرة أيضًا الرئيس مسيحي وشارك الآخرون، والحمد لله أيضًا نجحت اللائحة.‏في بعلبك، واجهنا الاتجاه الذي أراد أن يُعطي عنوانًا مذهبيًّا لهذه الانتخابات، والحمد لله تفاهمنا مع عائلات، ‏واستطعنا أن نعطي صورة إلى درجة أن لائحة التنمية والوفاء في بعلبك فازت بفارق 6000 وأكثر، وهذا ‏أيضًا تعبير عن هذا الالتفاف وهذا التعاون من الناس حول لوائحنا، لوائح حزب الله وحركة أمل والحلفاء ‏والعائلات أيضًا.‏أنا أقول لكم إننا خضنا الانتخابات برغبة وطنية، بعنوان جامع، بإحساس إنمائي، نحن لا نريد إلغاء أحد، ‏بالعكس، فتحنا أيدينا لنتعاون مع الجميع، وكنا نقدّم النموذج الأسمى. ‏ أنا أقول لكم إن حزب الله وحركة أمل أثبتا أنهما صمام أمان اجتماعي، وأنهما صمام أمان للتوازن الوطني، ‏ودائمًا يضعان هذا الأمر في المقدمة.‏ثالثًا، تحالف حزب الله وحركة أمل الانتخابي هو اتحاد وقوة وتماسك ووحدة حول المقاومة والمشروع ‏السياسي. هذا أكبر تحالف استراتيجي وكبير ومؤثر. هناك من هو منزعج منه، يا أخي لماذا أنتم منزعجون؟ ‏إذا كنتم أحبابنا وأصدقاءنا فلا ينبغي أن تنزعجوا. أما العدو فمن الطبيعي أن ينزعج، لأن هذا التحالف غير ‏قابل للكسر، وهذا التحالف يتقدّم إلى الأمام.‏الأمر الأخير، التزكية التي نحن راعينَاها هي تفاهم وتعاون مع الناس، وبالتالي نحن نقول لكم في البلديات، ‏كنّا ندعم قبل الانتخابات البلدية من تسع سنين، أي من البلدية السابقة، وليس قبل الانتخابات بشهر أو شهرين ‏ندعم مثل ما يفعل البعض، لا. كنّا ندعم سابقًا وسنستمر بالدعم. وبعد الانتخابات نعتبر أن المنافسة الحقيقية ‏بين الناس هي على الخدمة، وخاصةً المقتدرين والمغتربين الذين يساعدون في قراهم.‏ مبارك لكم عيد المقاومة والتحرير، وإن شاء الله كل أيامنا أعياد، وإن شاء الله تستمر المقاومة وتستمر ‏الانتصارات، وإسرائيل تخرج وتنهزم، لن تتمكن من البقاء معكم أيها الشعب الطيب العزيز، وإن شاء الله ‏نُعمّر بلدنا ونُعمّر قرانا ونعمل على البناء والتحرير في آنٍ معًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏الأحد 25-05-2025‏‏27 ذو القعدة 1446 هـ