
مجلة وفاء wafaamagazine
تضاربت الأنباء، أمس، بشأن موقف حركة «حماس» وحكومة العدوّ الإسرائيلي من المقترح الذي قدّمه مبعوث الإدارة الأميركية إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للتوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة. إذ تحدثت تقارير عن قبول «حماس» بمقترح لإنهاء الحرب، إلا أن الطرفين بدا وكأنهما يتحدثان عن طرحين مختلفين نسبياً.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول فلسطيني قالت إنه مقرّب من «حماس»، أن الحركة وافقت على مقترح يتضمن «إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء على دفعتين، مقابل هدنة لمدة 70 يوماً، وانسحاب تدريجي جزئي من قطاع غزة، إضافة إلى إطلاق سراح أعداد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بينهم مئات من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات»، على أن «تبدأ مفاوضات غير مباشرة حول هدنة طويلة الأمد».
وبدورها، أفادت قناة «الجزيرة» بأن «حماس» وافقت على ما سمّته «مقترح ويتكوف»، والذي ينص على «إطلاق سراح 5 أسرى إسرائيليين في اليوم الأول من الاتفاق، و5 آخرين في اليوم السبعين، وهو اليوم الأخير من التهدئة». وأضافت القناة أن المقترح يتضمن «إدخال مساعدات إنسانية بواقع ألف شاحنة يومياً، وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق الشرقية والشمالية والجنوبية لقطاع غزة في اليوم الخامس من سريان التهدئة»، وفقاً لما ذكره مصدر من الحركة.
غير أن تقارير عبرية لاحقة كشفت أن المقترح المتداول هو في الواقع مبادرة رجل الأعمال الفلسطيني – الأميركي، بشارة بحبح، والتي رفضتها إسرائيل بشكل قاطع. وهذا ما أكده أيضاً تصريح ويتكوف نفسه؛ إذ عبّر عن «خيبة أمل» من رد «حماس» حتى الآن، معتبراً أن «ما رأيته من حماس مُخيب للآمال وغير مقبول بتاتاً». ومن جهتها، نقلت «القناة 14» العبرية عن مصدر إسرائيلي قوله إن «المقترح الجديد مرفوض بالكامل، ولن تقبله أي حكومة في إسرائيل، ونحن متمسكون بمقترح ويتكوف»، مشدداً على أن المقترح البديل «بعيد جداً عن الصيغة المقبولة إسرائيلياً، ويعد عملياً بمثابة استسلام لحماس»، كونه يتضمن «الإفراج عن عشرة رهائن أحياء مقابل وقف دائم لإطلاق النار»، إضافة إلى بحث ترتيبات «اليوم التالي» في قطاع غزة.
التزمت القاهرة الصمت الكامل إزاء تأكيد زيارة الوفد الإسرائيلي
وتساوق هذا الموقف مع ما نقله موقع «أكسيوس» الأميركي عن ويتكوف، الذي أكد أن ما تلقّاه من «حماس» «حتى الآن غير مقبول»، مضيفاً أن إسرائيل وافقت على مقترحه، الذي من شأنه أن «يؤدي إلى مفاوضات ذات مغزى تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار». وأشار ويتكوف إلى أنه «وافق على قيادة هذه المفاوضات، وهذه الصفقة مطروحة على الطاولة وعلى حماس أن تقبلها». كما تضمّن كلامه إيحاءً بتوفير «ضمانة» أميركية لتنفيذ وقف إطلاق النار، وهو بند يبدو أن مقترح بحبح شمله، ما قد يفتح الباب أمام إمكانية صيغة وسطية، يظل القبول الإسرائيلي بها مستبعداً في ظلّ غياب ضغط أميركي مباشر.
في موازاة ذلك، كشفت مصادر مصرية مطّلعة على مسار المفاوضات أن «القاهرة والدوحة تشهدان اتصالات دبلوماسية مكثفة لتثبيت الاتفاق، وسط مؤشرات متزايدة إلى اقتراب حماس من الموافقة على مقترح ويتكوف»، مشيرة في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «المفاوضات دخلت مرحلة دقيقة تتطلب توافقاً دقيقاً حول بعض البنود الفنية والسياسية».
وأضافت المصادر أن «وفداً إسرائيلياً كان من المفترض أن يصل إلى مصر مساء أمس، في أول زيارة من نوعها منذ فترة، لمواصلة النقاش بشأن مشروع الاتفاق»، غير أن القاهرة التزمت الصمت الكامل إزاء تأكيد الزيارة أو مضمون اللقاءات. ولفتت المصادر إلى أن «التحرك المصري – القطري المشترك يأخذ طابعاً عملياً، ويركز على إغلاق الفجوات المتبقية، خاصة في ما يتعلق بترتيبات تبادل الأسرى، وتوقيت وقف إطلاق النار، وضمانات التنفيذ».
كذلك، تحدثت المصادر عن «رغبة أميركية في دفع الأمور نحو اتفاق قابل للتطبيق»، لكنها شددت على أن «القاهرة لا تعتبر هذه الرغبة ضمانة كافية، بل تضعها في سياق التحرك السياسي الأميركي التقليدي في لحظات الحسم، على أمل تحقيق نتائج هذه المرة بعد إخفاق زيارة ويتكوف الأخيرة منتصف الشهر الجاري». وترى القاهرة، بحسب المصادر، أن «وجود ويتكوف في قلب العملية التفاوضية يعكس إدراكاً أميركياً لأهمية التوصل إلى حل، غير أنه لا يعني بالضرورة التزاماً إسرائيلياً كاملاً، خصوصاً مع استمرار تخوف مصر من مناورات محتملة قد يلجأ إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اللحظات الأخيرة».
وفي غضون ذلك، قال نتنياهو في تصريح متلفز مقتضب، إن «إطلاق سراح مختطفينا هو في صدارة أولوياتنا، وآمل جداً أن نتمكن من الإعلان عن شيء بهذا الشأن، إن لم يكن اليوم فغداً». وأثار هذا التصريح حماسة كبيرة لدى عائلات الأسرى الإسرائيليين، والتي توجهت إلى منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، طالبة توضيحات، وفقاً لما أوردته «القناة 7» العبرية.
لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت عن مصادر إسرائيلية مطّلعة قولها إن «نتنياهو قصد القول إننا نعمل بجد، وإن لم تتم الصفقة اليوم، فلن نستسلم»، مضيفة أن «المقصود كان المستقبل القريب وليس اليوم أو غداً بالضرورة». وبعد وقت قصير، عاد نتنياهو وتراجع عن تصريحه؛ إذ أوضح مكتبه في بيان أن «المقصود لم يكن الإشارة بشكل ملموس إلى اليوم أو الغد، بل إلى الجهود المتواصلة المبذولة للتوصل إلى صفقة». وردّت عائلات الأسرى ببيان قالت فيه: «نشعر بأنهم يعذبوننا، كل تصريح من هذا النوع يجعل قلوبنا المكسورة تقفز».