
مجلة وفاء wafaamagazine
تتقاطع الضغوط في الداخل بين متطلبات الإصلاحات والملفات السيادية. رئيس الجمهورية جوزاف عون يُصرّ على مقاربة ملف السلاح بواقعيّة، مع التمسك بمبدأ حصره بيد الدولة، لكن من دون تجاهل التوازنات الداخلية، حيث يشدد على الحوار مع حزب الله لتجنب أي انزلاق نحو المواجهة. في المقابل، يتمسّك الحزب بسلاحه كضمانة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، مشددًا على ضرورة وجود ضمانات دولية، وهو ما يعقّد الملف، في ظل تأخّر الحسم الأميركي في هذا الشأن.
اما رئيس الحكومة نواف سلام فيدفع نحو مسار مغاير، يركز على بناء دولة القانون والسيادة، مع التأكيد على إنهاء ثنائية السلاح التي عطلت مشروع الدولة لعقود، مجددًا الدعوة للانتماء العربيّ ورفض الارتهان للمحاور.
وفي هذا السياق كشفت مصادر نيابية ل”البناء” عن عزم الثنائي الوطني على خوض معركة إعادة الإعمار بوجه تلكؤ الحكومة ورئيسها، بعدما صار واضحا للثنائي أن التركيز على سلاح المقاومة يجري لحساب التغطية على التهرب من المسؤوليات في إطلاق ورشة إعادة الإعمار، ولم تستبعد المصادر ان تخرج الى الواجهة تحركات شعبية ضاغطة.
وكتبت” نداء الوطن”: من هتافات أنصار «حزب الله» في المدينة الرياضية: «نواف سلام صهيوني»، إلى رد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، من منبر قصر
بعبدا، أنه لن يرد على الرئيس نواف سلام، «حفاظاً على ما تبقى من ودّ موجود»، يبدو أن العلاقة بين رئيس الحكومة نواف سلام، و«حزب الله»، على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، خصوصاً بعد موقفين متلاحقين للرئيس سلام، الأول قاله لمحطة «سكاي نيوز عربية»، (وهو الذي استدعى رداً من «حزب الله»)، وفيه:»لن نسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة»، أن «عصر تصدير الثورة الإيرانية قد انتهى». والثاني تضمَّنه خطابه في دبي، في «قمة الإعلام العربي 2025»، والذي قال فيه :»إن مشروعنا يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة التي تستوجب حصرية السلاح، أي أن نتحرّر من ثنائية السلاح التي كانت تؤدي إلى ثنائية القرار وضياع مشروع الدولة الوطنية. نريد لبنان الذي يمتلك قراره في السلم والحرب».
مصادر سياسية متابعة أكدت أنّ الردّ الأفضل على كلام رعد، جاء من رئيس الحكومة نفسه من دبي، واستغربت تبدّل موقف «حزب الله» الذي سبق ووافق على البيان الوزاري ومنح الحكومة الثقة على أساسه، حيث أنّ مضمون الفقرة المتعلّقة بالسلاح واضحة جدّاً في البيان الوزاري ولا يمكن تأويلها.
والسؤال الذي يطرحه المراقبون هو: إلى أين سيصل واقع «القلوب الملآنة» بين الرئيس سلام و«حزب الله؟» وكيف سيتم التوفيق بين «العلاقة المميزة» بين «الحزب» ورئيس الجمهورية، والعلاقة المتوترة بين «الحزب» ورئيس الحكومة؟
وكتبت“الديار“:
يتوقع ان تنجع الجهود في تأمين لقاء بين وفد من حزب الله ورئيس الحكومة «لغسل القلوب» واستيضاح بعض ما ورد في حديثه مع محطة «سكاي نيوز»، بعد الامتعاض الذي اثاره في بيروت، ولدى بيئة الحزب تحديدا، في ظل اجواء التشنج التي خلفتها الهتافات التي رافقت وصول الرئيس سلام الى ارض ملعب المدينة الرياضية، لحضور مباراة الانصار والنجمة.
وفيما يتوقع ان يلتقي رئيس الحكومة بوزير الخارجية السورية على هامش زيارته الاماراتية، علم ان الوزير اسعد الشيباني، سيكون في بيروت قريبا، لبحث عدد من الملفات التي سبق وانطلق النقاش بشانها سابقا، وسط توقعات بتشكيل لجنة مهمتها موضوع النزوح السوري، وآليات تسويته بشكل نهائي.
وكتبت” الشرق الاوسط”:
تطرح علامة استفهام حول ردة فعل «حزب الله» ضد سلام، لا سيما أن مواقفه ليست الأولى من نوعها وتتقاطع مع مواقف رئيس الجمهورية الذي أكد في خطاب القسم حصرية السلاح بيد الدولة، فيما يبدو أن امتعاض الحزب ينصبّ على سلام، ويتجاوز السلاح إلى الإجراءات الحاسمة في مطار رفيق الحريري الدولي التي منعت وصول الأموال إليه، وتحميله مسؤولية التأخير في إعادة الإعمار الذي يربطه المجتمع الدولي بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.
تضع مصادر وزارية مواقف «حزب الله» ضد سلام في خانة «اللعب على الثنائيات عبر الفصل بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية التي لطالما قام بها (الحزب) في عهود سابقة، للقول إنه متفاهم مع الرئيس وعلى خلاف مع رئيس الحكومة».
وتجدد المصادر التأكيد لـ«الشرق الأوسط» على «أن رئيس الحكومة أتى بمهمة محددة هي إصلاح وإنقاذ البلد، ومن ضمنها حصر السلاح بيد الدولة؛ للوصول إلى استعادة ثقة اللبنانيين والعالم، واستقطاب الاستثمارات والمساعدات التي لن تتحقق من دون حصر السلاح بيد الدولة». وتلفت المصادر إلى أن «حزب الله» الذي يشارك عبر وزراء له في الحكومة، سبق أن أعطى مجلس الوزراء الثقة بناء على بيانه الوزاري الذي ينص على هذه الأولويات.
وفي رد على سؤال حول طبيعة العلاقة بين الطرفين، تقول المصادر: «لا يمكن الحديث عن انقطاع التواصل، إنما هناك تواصل غير دائم بين سلام والحزب، ولا سيما مع الوزراء المحسوبين عليه في الحكومة».
لا يبدو أن امتعاض «حزب الله» من سلام يقتصر على مواقفه المرتبطة بنزع سلاحه، إنما ينسحب على إجراءات تقوم بها الحكومة، ومنها تلك المرتبطة بمطار بيروت، ومنع وصول الأموال الإيرانية إلى الحزب.