الرئيسية / آخر الأخبار / بدأ عهد فرض الضرائب: المحروقات تموّل منحاً للعسكريين

بدأ عهد فرض الضرائب: المحروقات تموّل منحاً للعسكريين

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت : “الأخبار”

قرر مجلس الوزراء، في جلسته أول من أمس، زيادة الضريبة على استهلاك المحروقات عبر تجميد أسعارها على مستويات أعلى من المستوى الذي يفترض أن تبلغه مع انخفاض الأسعار العالمية. وأدّى ذلك إلى زيادة في سعر هاتين المادتين على المستهلك بنسبة 7% على البنزين، و14% على المازوت. ويأتي ذلك بحجّة تسديد منح مالية شهرية للعسكريين بقيمة 14 مليون ليرة لمن هو في الخدمة الفعلية وبقيمة 12 مليون ليرة لمن هو متقاعد، علماً بأنه تتراكم أموال في الخزينة منذ ثلاث سنوات في حسابها لدى مصرف لبنان المعروف بحساب الـ36 بقيمة تزيد على مليار دولار، فضلاً عن أن هذا الحساب يزداد شهرياً، ما يثير التساؤلات عن السبب الحقيقي الذي دفع الحكومة إلى فرض ضريبة لتمويل إعطاء العسكريين «منحاً» وليس زيادة على أساس الراتب، وهو أمر لم تقم به مع سائر العاملين في القطاع العام.

ينص قرار مجلس الوزراء على «اعتماد أسعار المحروقات السائلة (باستثناء الغاز السائل والبوتان والبروبان والفيول أويل بنوعيه) على القيم التي كانت معتمدة بتاريخ تشكيل الحكومة في 8 شباط 2025». وهو ما يعني عملياً إعادة رفع الأسعار بشكل اصطناعي، بعد الانخفاض الذي شهدته أخيراً نتيجة تراجع أسعار النفط عالمياً. وقد ورد في نص القرار أن «يُدرج هذا الفارق ضمن خانة المعاملات الجمركية في جدول تركيب الأسعار»، ما يشير إلى أن هذه الزيادة تُحصّل كضريبة مباشرة من المستهلك.
وقد أدّى القرار إلى ارتفاع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بقيمة 100 ألف ليرة ليبلغ مليوناً و489 ألف ليرة، و98 أوكتان إلى مليون و529 ألف ليرة. كما ارتفع سعر صفيحة المازوت 174 ألف ليرة، ليبلغ مليوناً و393 ألف ليرة.

هذه الزيادة ليست مجرّد رشوة عادية، بل هي رشوة تمييزية، إذ إنها تُمنح للعسكريين من دون أن تعطيهم ما يطالبون به فعلياً لجهة زيادة أساس الراتب بما ينعكس مباشرة على تعويضات التقاعد، وهي تميّزهم عن سائر العاملين في القطاع العام الذين يستحقون زيادات نتيجة انخفاض رواتبهم إلى مستويات متدنية جداً قياساً على ما كانت عليه قبل خمس سنوات.

أيضاً تؤثر هذه الزيادة بشكل مباشر على إنفاق الأسر، باعتبار أن المحروقات تمثّل عنصراً أساسياً في متطلباتها اليومية. فالقرار ينعكس على كلفة النقل، سواء عبر السيارات الخاصة أو وسائل النقل المشترك التي لم تتمكن من خفض أسعارها رغم انخفاض سعر البنزين سابقاً، ليقضي القرار الجديد على هذه الإمكانية. كما سيطال الأثر قطاع الطاقة المنزلية، إذ يعتمد اللبنانيون بنسبة تصل إلى 75% على مولدات الأحياء، إذ يستمدون الطاقة منها لمدة 18 ساعة يومياً على الأقل، والتي يشكّل المازوت وقودها الأساسي، ما يلغي أي أمل في خفض تسعيرة الكيلوواط ساعة من قبل أصحاب المولدات.

أما على المستوى العام، فإن كلفة النقل تدخل في تكوين أسعار معظم السلع والخدمات في السوق، ما يعني أن زيادة أسعار المحروقات ستؤدّي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، وبالتالي إلى تسارع في وتيرة التضخم. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ معدل التضخم في لبنان خلال عام 2024 نحو 45%. ورغم أن خفض التضخم يُعدّ أولوية في توصيات كل من صندوق النقد والبنك الدولي للبنان، إلا أن قرار الحكومة يتناقض مع هذه التوصيات في وقت تسعى فيه هذه الحكومة إلى التفاوض مع المؤسستين الدوليتين، ما يثير تساؤلات حول اتساق السياسات الحكومية مع أهدافها المُعلنة.

وتُعد هذه الضريبة ضريبة على الاستهلاك، أي إنها ضريبة تراجعية تطال الفئات الفقيرة بنسبة أعلى من الأغنياء، ما يؤدي إلى تفاقم الفقر وتعميق التفاوتات الاجتماعية، تحت ذريعة زيادة إيرادات الدولة. وهو ما يستدعي إعادة النظر في السياسة المالية التي تعتمدها الحكومة، بدءاً من الامتناع عن الإنفاق، وصولاً إلى فرض ضرائب غير عادلة من هذا النوع. فهذه الخطوة تشكّل مؤشراً واضحاً على النهج الذي تتبعه الحكومة الحالية.

اقتصادياً، يُفترض أن يسهم تراجع أسعار المحروقات العالمية في خفض كلفة الإنتاج، ما يعزز التنافسية ويشجّع على النشاط الاقتصادي. غير أن الحكومة اللبنانية، عبر هذه الخطوة، تعاكس هذا الاتجاه، وتضع عراقيل أمام أي محاولة لإعادة الاقتصاد إلى مسار إنتاجي. ويأتي ذلك في ظل تركيز شبه حصري على القطاع السياحي، من دون أي رؤية واضحة لتحويل الاقتصاد نحو قاعدة إنتاجية أكثر استدامة.

وكتبت” الديار”:

تبخرت المساعدات للعسكريين بعد ساعات من إعلانها في مجلس الوزراء اثر قيام شركات النفط برفع سعر صفيحة البنزين 170 الف ليرة، وبرروا ذلك بفرض الحكومة ضرائب جديدة بعد اقرار التقديمات المالية للعسكريين، مما ادى ايضا الى رفع اسعار المواد الغذائية، علما ان ارتفاع الأسعار فاق باضعاف ما حصل عليه العسكريون، فموضوع الزيادات بحاجة إلى دراسة متكاملة بدلا من اعتماد العشوائية، كون المساعدات تبخرت بساعات، واللافت، ان حصر التقديمات بالعسكريين ادى الى تحرك موظفي القطاع العام والاعلان عن الإضراب المفتوح بدءا من الاثنين، والسؤال، لماذا لم تاخذ الحكومة ما اقرته لجنة مؤشر الغلاء برئاسة الوزير محمد حيدر برفع الحد الأدنى للاجور الى 320 دولارا واقرار سلم متحرك للدرجات والزيادات.
وكتبت” اللواء”:

من وجهة نظر مصادر حكومية فإن رفع أسعار المحروقات بقيمة 100 ألف ليرة أتى انطلاقاً من اعتبار أن الأسعار الحالية للمحروقات، رغم الزيادة، ما زالت أدنى مما كانت عليه في فترات سابقة حين شهدت الأسعار العالمية ارتفاعاً كبيراً. أما ومع تراجع الأسعار عالمياً، فقد شهدت الأسعار في لبنان أيضاً انخفاضاً ملحوظاً، ما دفع الحكومة إلى استغلال هذا الهامش وفرض الزيادة بهدف تأمين إيرادات إضافية، لتمويل منح مالية للعسكريين.

وبحسب المعلومات أيضا، فإن الحكومة تعتبر أن هذه الزيادة لا تُبرّر رفع أسعار النقل من قبل التجار، لا سيما أنهم لم يعمدوا إلى خفض الأسعار سابقاً عندما تراجعت أسعار المحروقات عالمياً. وبالتالي، ترى الحكومة أن هوامش الربح للتجار لا تزال قائمة، ولا ينبغي تحميل المواطنين عبئاً إضافياً في هذا الإطار.
من جهتهم، رفضَ العسكريون المتقاعدون الزيادة التي أقرَّت لهم ولزملائهم في الخدمة الفعلية، وبالتوازي، رفضوا زيادة أسعار المحروقات. لأنّ ما أقرَّ لهم، لا زال مجحفاً، أمّا الزيادة على أسعار المحروقات، فستطالهم وستمتص القدرة الشرائية لرواتبهم الحالية مع الزيادات المقرَّة. وأشار أمين سرّ الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، عماد عواضة، إلى أنّ «الدولة تضعنا اليوم في مواجهة الناس من خلال تبرير رفع أسعار المحروقات بتأمين التمويل لزيادة الرواتب، وهو أمر مرفوض من قِبَلنا، أولاً لأنّ نسبة الزيادة المقرّة غير كافية، وكنّا قد طالبنا بزيادة لا تقلّ عن 20 مليون ليرة، على أن يليها زيادة راتبين أو ثلاث رواتب كل 3 أشهر، إلى حين وصول الرواتب إلى 50 بالمئة من قيمة رواتبنا التي كنا نقبضها حتّى العام 2019».
وأوضح عواضة أنّ ما حصل من ربط بين زيادة أسعار المحروقات ورواتب العسكريين، هو «لعبة أرادوا بها إعطاءنا الزيادات ووضعنا بمواجهة مع الناس. لكن نحن نرفض هذا الأمر، وسنقوم بتصعيد تحرّكاتنا، وأبلغنا رئيس الجمهورية ووزير الدفاع بأن التحركات المقبلة ستكون غير متوقّعة».
من الواضح ان الحكومة تسرّعت بقرارها، ولم تقم بتحديد تفاصيله التي تمنع المستغِلّين من مراكمة الأرباح على حساب المواطنين الذين هم سيدفعون الثمن في النهاية.