الرئيسية / آخر الأخبار / الموفدة تغادر موقعها والإنقسام اللبناني ثابت.. نسق الحزب المتصدِّع يقاوم نسق الدولة الجديدة!

الموفدة تغادر موقعها والإنقسام اللبناني ثابت.. نسق الحزب المتصدِّع يقاوم نسق الدولة الجديدة!

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت اللواء :

تندفع الساحة إلى العودة، وهي لم تخرج قط، إلى تداعيات ما ترتب على اشتراك حزب الله، أو تدخله في الحرب التي اندلعت في 7 ت1 (2023) تحت مسمى «طوفان الأقصى» والذي خطط له ونفذه رئيس أركان حركة «حماس»، كبرى حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة، ذي الإتجاه الراديكالي الإسلامي، داعياً أطراف المحور، من المركز (إيران) الفصائل المسلحة من حزب الله إلى الأطراف العراقية وصولاً إلى اليمن، ولم يذكر سوريا- نظام الأسد- التي آثرت الابتعاد عن المسرح العسكري، وحتى السياسي أو الإعلامي، واكتفت بنشر بيانات والتنسيق مع الفريق الإيراني، ممثلاً بالحزب..
لا حاجة لاستعادة وقائع الارتباط الذي أراده الحزب عضوياً مع «الطوفان» من زاوية «شهيد على طريق القدس»، والتسمية اقترحها الأمين العام التاريخي السيد حسن نصر الله، الذي سقط شهيداً على الطريق نفسه، وهو في عزِّ حرب الإسناد، التي آلت إلى ما آلت إليه، وانتهت نظرياً في 27 ت2 (2024) باتفاق وقف إطلاق النار، الذي رتَّب تفاصيله آموس هوكشتاين، الذي قيل أن الرئيس نبيه بري أصرّ عليه بضرورة إنجاز الاتفاق لحسابات متعددة، بعضها الميداني، وبعضها اجتماعي، يتعلق بالنازحين من الجنوب والضاحية، وضرورة الاسراع بإعادتهم إلى منازلهم، لئلا نتعاظم مشاكل الحساسيات مع المناطق المضيفة في العاصمة أو الجبل أو حتى الشمال، الذي سجَّل استقبالاً مشرفاً لهؤلاء، كما باقي المناطق، فضلاً عن عتبة الحرب، وانعدام الحاجة لمعارك الإسناد.

لم يخفِ الاحتلال الاسرائيلي انتظاره الفرصة للإنقضاض على المقاومة الاسلامية في لبنان، ثأراً للمشاركة في الطوفان أو ثأراً للإنسحاب- الهزيمة من الجنوب والبقاع الغربي في ايار 2000، وصولاً إلى إعلان عيد «المقاومة والتحرير» الذي تحوَّل مع التجاذبات الداخلية الى عيد التحرير بلا «مقاومة»، فاتحاً الباب أمام خلافات من المؤكد أنها تمسُّ جوهر النظرة الى دور لبنان في مرحلة ما بعد الحرب، في ظل متغيرات، تجاوزت ما هو مألوف الى ما هو غير مألوف، ويتعلق بمتغيرات استراتيجية كبرى، بدءاً من سقوط نظام بشار الأسد (الذي وصفه السيد نصر الله ذات مرة بأنه حضن المقاومة) إلى انسحاب الفصائل العراقية من المواجهة، إلى تصاعد الخطاب الفلسطيني المعادي لحركة «حماس» فلسطينياً، إلى انبثاق ادارة جديدة للوضع اللبناني، بحلول أطراف دولية وعربية (اللجنة الخماسية) بالاشراف على ترتيبات المرحلة الجديدة، التي يحتل العنوان الأول فيها إنهاء دور سلاح حزب الله، على الأرض اللبنانية، وهذا الأمر يشكل عملية بالغة الصعوبة، أو تحتاج لحرب جديدة، لا تُبقي ولا تذر..
تتصرف اسرائيل بأنها هي من كسبت الحرب مع الحزب في لبنان، وليس في الجنوب وحده، أو جنوب خط الليطاني، بالترتيبات الجارية، سواءٌ بالاحتلال أو ملاحقة السيارات والمنازل ومنع النشاط الحياتي والمهني والاقتصادي في قرى وبلدات الحافة الأمامية، والإشهار بأن الحرب مع الحزب لم تنتهِ، وأن الاحتلال الاسرائيلي، يسعى إلى إنهاء دور سلاحه، ليس في منطقة عمليات «اليونيفيل» بل شمالي النهر، وصولاً إلى الضاحية والبقاع، وحيث انتشرت الشيعة أو أقامت تجمعات أو إيواء لعناصر الحزب، والذين هم من الشيعة، الذين آمنوا بخط «المقاومة وتبعاته»..
يعترف حزب الله بأنه مُنِيَ بخسائر جمَّة، على مستوى خسارة قادة كبار فيه وفريق الصف الأول من قدامى المقاومين، فضلاً عن خسارة موقع استراتيجي يتعلق بالأنفاق والاستحكامات العسكرية والدفاعية أو الهجومية على مقربة عشرات الأمتار أو مئات الأمتار على المستوطنات الشمالية، من «كريات شمونة» إلى مسكاف عام، امتداداً إلى نقاط أبعد في الجليل الأعلى..
ومع ذلك، يُصرُّ الحزب أن سلاحه لم يحن بعد وقت تسليمه أو إخراجه من المعادلة، لاعتبارات تخص الحزب، وبعض من مجريات المواجهة الحاصلة على طول جغرافيا الحرب، الذي التزم لبنان بمترتبات وقف النار، ولم يلتزم الاحتلال الاسرائيلي بشيء من هذا القبيل.. فبقيت مسيّراته تلاحق «سيارات الرابيد»، والمنازل المصنعة، والمواطنين عند قرى الحافة الأمامية، وكأن لا وقف لإطلاق النار، ولا من يحزنون.
مع النتائج التي ترتَّبت على الحرب تشكلت أوضاع سياسية في الدول ذات الصلة بلبنان، ففضلاً عن تلزيم «جبهة النصرة» أو «هيئة تحرير الشام» مفاصل السلطة، بكل مكوناتها في سوريا، وبتطبيع مع الولايات المتحدة، وانفتاح على اسرائيل، ورعاية عربية – تركية، للحكم الجديد..
وفي لبنان، جاءت إدارة خارج زمن ما قبل الحرب، وسقطت مرحلة بكاملها، من «الثلاثية» إلى ثنائية القرار الأمني والعسكري، إلى سائر الأنشطة، بقبول نسق حزب الله، كنظام حياة (سلماً أو حرباً) ونسق الدولة المشتت، والموزع بين حسابات الزعامات والطوائف و«التشبيحات» على اختلافها..
كان لبنان الرسمي ينتظر عودة مورغن أورتاغورس، التي كشفت القناة- 12 الاسرائيلية انها على وشك مغادرة موقعها كمسؤولة عن «حقيبة لبنان» في الخارجية الأميركية، مع إبعاد شخصيات يهودية عن موقع القرار في دوائر الشرق الأوسط الأميركية.
يتبدل المشهد الاقليمي والدولي كل يوم، فإسرائيل التي عبثاً تقاتل في غزة، وتستقوي على لبنان، تفقد ميزة الأفضيلة لدى دونالد ترامب (الرئيس الأميركي) حول السلاح غير الشرعي.. ينتظر مخاضاً جديداً.. ولبنان المنقسم على خلفية تثبيت الانقسام ، حتى على مستوى القرار فيه!