
مجلة وفاء wafaamagazine
وقع الاعلامي والكاتب الدكتور قاسم قصير كتابه الجديد، بعنوان “حزب الله – الفكرة والمسيرة من الآباء المؤسسين إلى طوفان الأقصى”، في احتفال حاشد أقيم في قاعة “مجمع الحسنين” في حارة حريك، برعاية الوزير والنائب السابق محمد فنيش ومشاركة الدكتور السيد جعفر فضل الله، وحضورهما وحشد من الشخصيات الدينية والحزبية والسياسية والثقافية والأكاديمية والاجتماعية والاعلامية.
فضل الله
استهل الاحتفال بكلمة للدكتور فضل الله، شكر فيها قصير على “دعوته للمشاركة في هذا اللقاء المميز والمتنوع، حول هذا الموضوع الأكثر حساسية في الظرف الراهن وعلى المدى المنظور لهذه المرحلة التاريخية التي نمر بها”، مشيرا إلى “الشخصية الانفتاحية والحوارية التي يحملها المؤلف وإلى الغنى والشفافية في تجربته المهنية”، وقال: “الكتاب هو حوار صحافي وليس تاريخا لمسيرة حزب الله والمقاومة، ما يملي عدم التوسع في الموضوع، لأن الاطلالة على هذا التاريخ لا يمكن حصره في ندوة وحتى في كتاب”.
ورأى أنه “يمكن ادراج الكتاب ضمن ما يعرف بالتاريخ الشفوي الذي يعكس رؤية المحاور ونظرته وتجربته تجاه حقبة تاريخية ملأى بالأحداث والمواقف والعلاقات، وحيث لا يمكن معالجة هذه الحقبة بشمول أو عمق في حوار صحافي يقتضي بطبيعته تركيزا على قضايا أو أحداث دون غيرها وان كان يمكن للمتابع لو أطل على مجمل كتابات المؤلف أن يقدم رؤية أشمل لأفكار الكاتب”.
ولفت الى ان “تقديم خلاصات فكرية لتجربة الحركة الاسلامية يتطلب التوقف بدقة عند كل محطة من محطاتها في ظروفها ووقائعها ونتائجها، ليس فقط في نجاحاتها الكبيرة أو مساراتها الصائبة بل حتى في الاخفاقات وما اكتنفها من أخطاء، ومثل هذه القراءة ضرورية جدا، لا سيما حين تجري وهي متحررة من تموضعات الحاضر واكراهاته ومن ضغوط موازين القوى الحالية ومن رغبات وأهواء أو مخاوف وقلق، وبذلك يمكننا التوصل إلى خلاصات تخدم توجهاتنا ومسارنا المستقبلي”.
ودعا إلى “تقديم وجهات النظر الأخرى حول كل العناوين والأحداث والعلاقات والشخصيات التي وردت في الكتاب، وذلك لكي تتكامل عناصر الدقة في عكس الواقع كما هو. وهذا ما تحتاجه المرحلة والأجيال التي يتشكل عقلها الآن وهي التي ستنخرط في اتون التجارب المستقبلية”.
وتحدث فضل الله عن “قوة النموذج الذي مثلته التجربة التي يحاول الكتاب عرضها في عناصر عدة، خصوصا في ما رسخته من القواعد الفكرية التي تنفتح على كل النسيج اللبناني والعربي والاسلامي والتي كان ينتجها مفكرون اسلاميون فاعلون خلال سياق تاريخي مهم، وهؤلاء واكبوا التجربة تأسيسا ونهوضا وهي لازالت تحمل الكثير مما طرحوه وقدموه وهو ما ظهر في تجلياتها التي تجاوزت الساحات الطائفية والمذهبية والمحلية لتكون عابرة للكثير من الحواجز، وهذا هو سر قوتها، وهنا أدعو إلى تأصيل هذه القواعد الانسانية التغييرية التي تحررنا من كل الأسوار التي تريد أن تحاصرنا”.
وشدد على أن “الحرب القائمة حاليا والتي أصابت هذه التجربة بزلزال كبير لم تقتصر على استهداف حزب الله والمقاومة فحسب لإحداث الانقلاب في الساحة المحلية أو المنطقة بل يمكن النظر إليها على أنها محاولة لفرض نظام عالمي جديد، وتغيير موازين القوى على المستوى الاقليمي والعالمي، لا لتعزيز السلم وترسيخ العدالة بل لتعزيز منظومة الاستعلاء والنهب والظلم للبنان والمنطقة والتي ارتفع مستوى الخطر الذي يستهدفها تقسيما وتفتيتا إلى مستوى الخطر الوجودي”.
واكد اننا “معنيون ببناء البلد ضمن سياج أمن حقيقي”، مستحضرا ما كان يردده المرجع فضل الله من “ضرورة سد كل الثغرات السياسية والثقافية والروحية التي يستغلها العدو للنفاذ إلى أعماقنا، لا سيما تأكيده أن الساحة لا تحتمل الفراغ، إذا لم تملأه أنت فسيملؤه غيرك وان نحن لم نملأ الفراغ نحن فقد نصبح نحن الفراغ بكل أسف”.
فنيش
ثم تحدث فنيش فاعرب عن سروره لرعايته هذا الاحتفال، منوها بدور الكاتب، وقال: “الإعلامي الهادئ والمنطقي والملتزم والمنفتح على الآخر وأفكاره”، مؤكدا أن “ما هو أمامنا ليس كتابا تاريخيا كما ذكر المؤلف، بل هو حوار جرى معه فيه الإضاءة على بعض المحطات التاريخية التي تركت آثارها في السيرة الذاتية التي أحاطت بنشأة الكاتب وساهمت في بلورة وعيه وتكون شخصيته”.
أضاف: “يمكن القول أنها الظروف هي نفسها التي مر بها من أصبح جزءا من الحالة الإسلامية في لبنان في مختلف مراحلها وتطور دورها وهذا يؤكد ان (المنتمين) المؤسسين والعاملين من الذين اسهموا بتشكيل وبروز دور حزب الله والمقاومة الإسلامية والحالة الإسلامية بشكل عام بأطروحتها العقائدية ومفاهيمها ونظرتها للحياة ودور الإنسان ومسؤوليته، هم أبعد عن كل انتماء عصبوي أو فئوي أو مذهبي بل هي قناعات وجودية وفكرية واستراتيجية تكونت لدى المؤسسين في هذه الحالة انطلاقا من المعاناة المشتركة لما تعرضت له المنطقة ولبنان من ضغوط الاحتلال والنظام السائد والاستجابة للمسؤولية الشرعية والاسلامية والوطنية والإنسانية”.
وأكد فنيش “دور الإمام موسى الصدر وآية الله السيد فضل الله والشيخ شمس الدين مع الأخذ في الحسبان التمايز وتنوع الأدوار في إطار الرؤية الاسلامية”، وأشار إلى أن “اللجان المساندة للثورة هي صيغة ضمت العديد من الشخصيات والقوى وهي كانت قائمة وتتمتع بحضورها ومع اشتعال الثورة الاسلامية في إيران أعلنت تأييدها لها، وهذا دليل أن التفاعل مع الثورة انطلق من قناعة لبنانية راسخة تطورت ثم تجلت في تشكل حزب الله علما أن فعل اللجان كان سابقا لهذا التشكيل قبل الاجتياح وفي خلاله وقد تجلى في ذلك الحضور الفاعل في محاور المواجهة مع قوات الاحتلال وعلى خطوط التماس ابتداء من خلدة إلى الأوزاعي والليلكي وبرج البراجنة”.
وتحدث فنيش عن “أهمية نهج الإمام الخميني في بلورة طرح اسلامي تغييري مرتبط بمفهوم الولاية كامتداد لولاية أئمة أهل البيت ع من خلال دور الفقيه المجتهد الجامع للشروط ونجاح مشروعه في إقامة الدولة الإسلامية في المنتصف الثاني من القرن العشرين”.
وأشار إلى ان “ما قدمه الكتاب من عناوين تصلح لتكون مادة دراسة وتوثيق وتحليل عقائدي ديني تاريخي مستفيدين من هذه التجربة بما حملته من غنى في الفكر والعمل، والانطلاق منها سواء على المستوى العقائدي لجهة بلورة المفاهيم مضمونا ودلالة وصياغة، أو على المستوى السياسي من ناحية التأسيس للمواقف وأساليب المواجهة وادارة الصراعات محليا واقليميا ودوليا”.
وتابع: “هو جهد ااكاتب مقدر لاظهار وابراز مراحل تطور ونشأة مواقف ونهج حركة لا تزال حاضرة في ساحة الصراع وتحمل المسؤوليات الجسام بأبعادها المختلفة، لاسيما على المستوى المحلي حيث نعمل في فضاء سياسي نلتزم الضوابط التي تحكمه، وان كنا بعد التجارب المريرة ندعو إلى ضرورة اصلاحه وتحت السقف الذي اتفق عليه اللبنانيون في اتفاق الطائف كاطار لتنظيم للعلاقات بين مكونات المجتمع وحيث المصلحة الوطنية تقتضي تطبيق ما تضمنه هذا الاتفاق من بنود اصلاحية تأخر البلد كثيرا في الالتزام بها، وهو ما يحتاج حكما إلى اعتماد آليات التفاهم والحوار تمهيدا لاقرارها وتطويرها”.
وأكد ان “الصراع مع العدو لا يتوقف، وإن كانت المقاومة قد أصيبت بخسائر وبذلت التضحيات الكبيرة وعلى رأسها سماحة لشهيد السيد القائد حسن نصر الله وأخوه السيد هاشم وسائر الشهداء لاسيما القادة منهم، إلا أنها سوف تبقى تستمد عزما مما خاضته من مواجهات أظهر مجاهدوها خلالها ثباتا وصلابة وإرادة تكاد تكون أسطورية”.
ولفت إلى أن “المقاومة لم تحمل يوما مشروعا انقلابيا سلطويا إنما كانت حركتنا لمواجهة واقع مرير تمثل في المواجهة العدوانية والاطماع الصهيونية والاحتلال للأرض والسلب للحقوق بعد أن أظهر النظام عجزه وفشله إن في المواجهة لطرد الاحتلال، أو في معالجة قضايا الشعب ومشكلاته”.
واردف: “لن يبعدنا العدو عن متابعة دورنا لاستعادة أرضنا ووقف العدوان ومباشرة الاعمار، وان كنا نمنح الفرصة لقيام مؤسسات الدولة بدورها في هذا المجال، والزام الدول التي رعت اتفاق وقف الأعمال العدائية بتنفيذ ما يتوجب على المحتل بعد قيام المقاومة بتنفيذ التزاماتها في جنوب الليطاني، أما خارج الجنوب فهذا أمر تجري معالجته في اطار مصلحة لبنان وبالاستفادة من كل القدرات الوطنية لمواجهة اهداف المشروع الصهيوني ومخاطره والتحديات المرتقبة على خلفية التأسيس لارادة وطنية شاملة تتطلع بصدق إلى تعزيز مصلحة الوطن واستقراره وأمنه وسلامة أراضيه ومواطنيه وحقوقه في مياهه وثرواته وسيادته على أرضه”.
قصير
وفي الختام، شكر الكاتب قصير الحضور على تلبيتهم الدعوة، مؤكدا حرصه على “مسيرة التواصل والحوار مع كل اللبنانيين، على أساس ان هذا الوطن هو واحة للحوار والتفاعل الرسالي والإنساني، ولا يمكن أن يترسخ الاستقرار والأمن ما دام هذا العدو يحتل جزءا من ارضنا”، مشيرا إلى أن الكتاب هو عبارة عن حوار صحافي أجراه معه صحافي إيراني “ولا يمكن اعتباره أنه كتاب يؤرخ لمرحلة تاريخية لمسيرة حزب الله والمقاومة”، مبديا الاستفادة من “أي ملاحظة بناءة على هذا الحوار والاستعداد للعمل بها”.