
مجلة وفاء wafaamagazine
امضى الموفد الاميركي توم براك يومه الاول في لبنان متنقلاً بين بعبدا والسرايا حيث اجتمع بكل من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام على ان يزور الرئيس نبيه بري، في عين التينة. كما التقى النائب السابق وليد جنبلاط في كليمنصو، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، ويلتقي اليوم عدداً كبيراً من الشخصيات السياسية خلال مأدبة عشاء يقيمها النائب فؤاد مخزومي. وهو التقى أمس عدداً من الوزراء في السفارة الأميركية في بيروت من بينهم عامر البساط، فادي مكي، يوسف رجّي وجو عيسى الخوري.
وخرج بعض من التقاهم بانطباع خلاصته”كانَ صارماً جداً”.
بحسب ” الاخبار”:
اختصر براك كلامه بالتأكيد على ما تضمّنته الورقة الأميركية وكل ما جاء فيها، من دون أن يأتي على ذكر ما تضمّنه الرد اللبناني الأول وكأنّه ليس موجوداً ولم يطّلع عليه، ورمى مجدّداً مسؤولية نزع سلاح حزب الله على الدولة اللبنانية، مذكّراً بأن الحزب «منظّمة إرهابية» لا تتفاوض واشنطن معها.
وأعلن صراحةً عدم قدرة واشنطن على
تقديم الضمانات التي يطلبها لبنان بالقول: «ليست لدينا أجوبة عن كل الأسئلة… ولا نستطيع إرغام إسرائيل على فعل أي شيء».
وحول الضمانات التي تطالب بها الدولة اللبنانية قال: «لا أعرف الضمانات لكننا لا نستطيع أن نرغم إسرائيل على فعل أي شيء، نستعمل تأثيرنا ونفوذنا للوصول إلى نهاية، والمسألة تعود لكم، أي للحكومة اللبنانية، وللجميع عندما تكونون قد سئمتم من هذه المناكفات والمنافسات، حيث يصل الجميع إلى خلاصة، إلى ضرورة فهم أكبر وسلام مع الجيران لكي تكون الحياة أفضل».
ما قاله برّاك في العلن، على حدّته، كانَ أقل سوءاً مما قاله في الاجتماعات المغلقة، ليسَ في المضمون وحسب، إنما أيضاً في الأسلوب الذي تعامل به، علماً أنه حاول سابقاً تسويق نفسه كدبلوماسي محترف.
ويقول مطّلعون على المحادثات التي جرت أمس إن «برّاك لم يفتح باباً للنقاش مع الرئيسيْن عون وسلام، فبادر إلى تكرار موقف إدارته بما خصّ سلاح حزب الله، وأكّد أن هذا الموقف لا تراجع عنه وفي حال لم تنفّذ الدولة اللبنانية المطلوب، وتذهب الحكومة إلى اتخاذ قرار بالإجماع بنزع السلاح، وتضع جدولاً زمنياً وتلتزم به، ويُفترض أن يكون في أسرع وقت، فإن الولايات المتحدة ستسحب يدها من الملف اللبناني، ولن تعود للتدخل وستعتبر هذا الأمر شأناً داخلياً»، مهدّداً بأن «الولايات المتحدة لا تستطيع أن تفرض على إسرائيل شيئاً ولا يمكن أن تمنعها من فعل أي شيء»!
اضافت” الاخبار”:موقف برّاك، لم يمنع الرئيس عون من معاودة التأكيد على أن «موضوع السلاح هو ملف داخلي وتجري معالجته مع حزب الله»، لافتاً انتباه ضيفه إلى أنه «لا يمكن للولايات المتحدة ترك لبنان، فهي تحرص على الاستقرار فيه وهذا يحتاج إلى رعاية أميركية».
لكن برّاك ردّ بما وصفه الحاضرون بـ«صراحة حدّ الفجاجة»، فقال إن الولايات المتحدة «ليس لديها ما يجبرها على مساعدة لبنان في حال تخلّفت الدولة عن القيام بما هو مطلوب منها». ولم يكتف برّاك بذلك، بل أظهر عدم اهتمامه بأي تعليقات على أفكاره السابقة، ولم يُظهِر استعداداً للنقاش، وفهم الحاضرون أنه «لا داعيَ للردود والردود المتبادلة، فالمطلوب من قبل واشنطن معروف وواضح».
قالها برّاك، من دون أن يأتي على ذكر ما تضمّنه الرد اللبناني الأول، ولا موضوع الضمانات ولا المطالب اللبنانية، وكأنه لم يطّلع عليه.
أما المفاجأة الكبرى، فكانت في كلام برّاك عن سوريا التي لفت إلى أن «الولايات المتحدة تعمل على معالجة الأمور فيها»، من دون أن يعطي مجالاً للتباحث في التطورات السورية وارتداداتها على لبنان، لكنه انطلاقاً من الساحة السورية أكّد أن «بلاده لن تقدّم شيئاً للبنان قبل تنفيذ المطلوب والإجابة عن سؤال متى سيبدأ نزع سلاح حزب الله، فما فعلناه في سوريا لن يتكرر في لبنان»، وبدل أن ينتظر فتح الملف السوري من قبل المسؤولين اللبنانيين، حيث كان ينتظر أن يقول له اللبنانيون إن النموذج السوري لم ينجح بدليل ما فعلته إسرائيل، سارع برّاك إلى القول إن «الولايات المتحدة دعمت الإدارة الجديدة في سوريا، ورفعت عنها العقوبات، وسهّلت لها التواصل مع العالم، لكنّ الأمور سارت على عكس ما كانت تتمناه الولايات المتحدة، ويبدو أن هناك من لم يلتزم بما طلبناه منه، فكان ما كان. وعليه فإننا لن نكرر التجربة مع لبنان، ولن نقدّم شيئاً أو نعطي شيئاً قبل أن يقوم لبنان بتنفيذ المطلوب».
كتبت” نداء الوطن”:
تصاعد الدخان الأسود أمس من مدخنة قصر بعبدا في اليوم الأول من زيارة الموفد الرئاسي الأميركي توم براك والتي تستمر حتى يوم غد الأربعاء. لكن الدخان الأكثر اسودادًا من المتوقع أن يتصاعد اليوم من مدخنة عين التينة التي تمثل محطة التواصل الرئيسية مع “حزب الله”. وعلى الرغم من أن براك، وفي إطلالته مساء في حديث مع تلفزيون لبنان امتدح فيه المحادثات التي أجراها نهارًا مع الرئيسين عون وسلام إلا أن الثابت في هذه المحادثات أن لا تلاقي بين الجانبَين حول ما يسمى “ضمانات” يريدها الجانب اللبناني من إسرائيل، كما لا يوجد تلاقٍ حول ما يتصل بـ “التلازم” الذي يريده أيضًا لبنان في ما يتصل بانسحاب إسرائيل في وقت يجرى فيه البحث في نزع سلاح “الحزب”. من هنا السؤال: هل من مسرب في عين التينة اليوم غير الانسداد في بعبدا والسراي؟
وما لم يحدث تطور غير متوقع خلال محادثات براك مع رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا النهار فمعنى ذلك “أن العد العكسي قد بدأ كي ينتقل زمام المبادرة مجددًا إلى إسرائيل” وفق معلومات لـ “نداء الوطن” من مصادر دبلوماسية ترافق زيارة الموفد الأميركي الثالثة للبنان.
الجو العام طغت عليه السلبية خصوصًا في لقاء براك مع رئيس الجمهورية جوزاف عون. وقد تعقدت الأمور عندما طالب عون باسم الدولة اللبنانية بالضمانات فكان رد براك سلبيًا ورفض منح ضمانات مؤكدًا أن المطالب واضحة وقد قام بعمل كبير من أجل إنجاح المهمة وإيجاد حل، وبالتالي يبدو أن الأمور تتجه نحو العرقلة”.
من جهة ثانية علمت “نداء الوطن” أن “حزب الله” صعّد مواقفه وأكد في الساعات الماضية تمسكه بالسلاح ما يضع الدولة في موقف المحرجة وغير القادرة على فعل شيء.
أكدت مصادر السراي الحكومي لـ “نداء الوطن”
أن لقاء براك مع رئيس الحكومة نواف سلام، “اتّسم بالإيجابية”، حيث أكد الموفد الأميركي “أهمية مواكبة لبنان ومتابعته لكل الأحداث التي تشهدها المنطقة وألا يكون بعيدًا منها، مع التشديد على ضرورة الانتقال سريعًا إلى المرحلة العملانية في تطبيق قرار حصر السلاح بيد الشرعية”.
وخلصت الأوساط إلى القول “إن المبادرة بعد لقاء براك – بري اليوم تصبح بيد إسرائيل إلا إذا استدرك “حزب الله” وطلب عبر بري استمهاله لفترة 24 أو 48 ساعة. لكن في نهاية المطاف، بدأ العد العكسي لكي تصبح المبادرة بيد تل أبيب وهذا تحديدًا ما أبلغه توم براك أمس للمسؤولين”.