الرئيسية / آخر الأخبار / مُؤتمر «حل الدولتين» ينطلق اليوم في الأمم المُتحدة برئاسة سعودية – فرنسية ومُشاركة فلسطينية

مُؤتمر «حل الدولتين» ينطلق اليوم في الأمم المُتحدة برئاسة سعودية – فرنسية ومُشاركة فلسطينية

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب هيثم زعيتر في ” اللواء “ :

تنطلق في الأُمم المُتحِدة في نيويورك، اليوم (الإثنين)، أعمال «المُؤتمر الدولي رفيع المُستوى حول حل الدولتين»، بمُتابعة شخصية من قِبل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبالتنسيق مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
يُعقد الاجتماع على مدى يومين، ويترأسه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، ويُشارك فيه وزراء خارجية دول أعضاء في الجمعية العامة للأمم المُتحدة، مع وفد فلسطيني يترأسه رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى.

يأتي انعقاد المُؤتمر في لحظة تاريخية مفصلية تمرّ بها القضية الفلسطينية والمنطقة، بعدما جرى تأجيل موعد انعقاده المُحدد سابقاً بين 17-20 حزيران/يونيو 2025، بفعل العدوان الإسرائيلي على إيران، وما تلا ذلك من مُواجهاتٍ بين الطرفين.
وفي إطار الجهود الدولية المُشتركة، التي تُبذل لوضع الأُسس العملية لتنفيذ حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل تطورات عديدة تشهدها القضية الفلسطينية والمنطقة، ويتمثل أبرزها في:
– استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، المُتواصلة منُذ أكثر من 21 شهراً، وحصار أكثر من مليوني مُواطن داخل القطاع، ومُمارسة حرب التجويع ضدهم، حيث يسقط الشهداء، ومن لم يُستشهد بالقصف الإسرائيلي، يموت جوعاً بفعل الحصار الجائر، مع تدمير مُمنهج.

– العدوان على الضفة الغربية، من خلال عمليات القمع والتدمير، وبناء المزيد من المستوطنات واعتداءات المُستوطنين في الضفة والقدس ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
– استهداف المٌقدسات الإسلامية والمسيحية، بهدف تغيير الوضع القائم.
– قرصنة الأموال التي تُجبيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من الضرائب المُستحقة لصالح السلطة الفلسطينية، والتي فاقت قيمتها أكثر من 3 مليارات دولار أميركي.
– مُحاولة الاحتلال تنفيذ «ترانسفير» بحق أبناء الشعب الفلسطيني، المُصممين على الصمود، إدراكاً منهم بخطورة ما يُحضَّر لهم، كما جرى قي نكبة العام 1948 ونكسة العام 1967.
– القوانين التي تصدر عن «الكنيست» والقرارات عن حكومة الاحتلال، وليس أخرها، قرار ضم الضفة الغربية، بتاريخ 23 تموز/يوليو 2025، على اعتبار أنها يهودا والسامرة، وهو ما يندرج ضمن المسارات التي أعلنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب – خلال ولايته الأولى – من الاعتراف بالقدس المُوحدة عاصمة للكيان الإسرائيلي بتاريخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2017، ومن ثم إعلان «صفقة القرن» بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2020.
والعمل على حظر عمل وكالة «الأونروا» في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، بهدف إلغاء المُؤسسة الدولية الشاهدة على نكبة فلسطين، مع التمييز العنصري والتطهير العرقي.
في المقابل، فإن الموقف الفلسطيني واضح، بفعل الدبلوماسية التي يقودها الرئيس محمود عباس، وأدّت إلى اعتراف الأُمم المُتحِدة بدولة فلسطين بصفة – عضو مراقب – بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بتأيد 138 دولة، وارتفاع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 149 دولة، وهو إنجاز بأن تُصبح أكثر من 75% من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المُتحدة (وعددها 193 دولة)، يعترفون بالدولة الفلسطينية وحقّها المشروع بالسيادة الكاملة، غير المنقوصة على أرضها، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وقد جرى تدعيم ذلك بالرأي الاستشاري الصادر عن «محكمة العدل الدولية»، بتاريخ 19 تموز/يوليو 2024، حول «التبعات القانونية الناشئة عن السياسات والمُمارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المُحتلة»، وذلك بناءً على طلب الجمعية العامة للأُمم المُتحدة، بالتأكيد على الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
أيضاً، هناك تطور ملحوظ باعتراف المزيد من الدول بدولة فلسطين، وليس آخره إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون، بتاريخ 24 تموز/يوليو 2025، نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال انعقاد الدورة الـ80 للجمعية العامة للأُمم المُتحدة في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر 2025، بما يعني ذلك من اعتراف أول دولة غربية كبرى من بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، بالدولة الفلسطينية الجديدة.
وهذا يُشكّل دعماً هاماً داخل الاتحاد الأوروبي، لاعتراف دول جديدة، بعد ما سبق أن اعترفت كل من: إسبانيا والنرويج وإيرلندا خلال شهر أيار/مايو 2024.
ويأتي الاعتراف الفرنسي تمهيداً لاعتراف بريطاني مُتوقع، ما يُؤكد أهمية مثل هذه الاعترافات، ووضوح حقيقة الرواية الفلسطينية في مُواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والاقتناع بأنه لا يُمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط من دون نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، خاصة أن الرئيس «أبو مازن» قام بخطوات هامة لتفعيل وتطوير عمل مُؤسسات «مُنظمة التحرير الفلسطينية» والسلطة الفلسطينية على طريق قيام الدولة الفلسطينية كاملة السيادة.
لقد بات العالم أكثر قناعة بضرورة إزالة آخر احتلال استعماري في عصرنا الحديث، والمُتواصل مُنذ 77 عاماً، ويرفض تنفيذ القرارات الدولية، علماً بأن القرار الدولي 181، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المُتحدة بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، تحدّث عن دولتين، فلسطينية تقام على 45%، وإسرائيلية على 54%، مع وضع القدس تحت إدارة دولية.
وقد طُبِّق الجزء المُتعلق بقيام الكيان الإسرائيلي، والذي كان مشروطاً بالاعتراف بالجزء الآخر، المُتعلق بالدولة الفلسطينية، وهو ما لم يتم.
إنها خطوة هامة وشجاعة يقودها ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي، بالتنسيق مع الرئيس الفلسطيني، لوضع حدٍ لمُعاناة الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المُستقلة، كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، وفقاً للقرار الدولي 194، الذي تبنّته هيئة الأُمم المُتحِدة، بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 1948.