الرئيسية / آخر الأخبار / في حضن السوق العتيقة مع ملكة جمال لبنان … ندى كوسا : وطني لا يشبه سواه

في حضن السوق العتيقة مع ملكة جمال لبنان … ندى كوسا : وطني لا يشبه سواه

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت ” النهار”:

في زوايا السوق العتيقة في بلدة زوق مكايل الكسروانية، بين حجارة تختزن ذاكرة الزمن وعطر الخشب والحرف اليدوية والتراثية، اختارت ملكة جمال لبنان لعام 2024 ندى كوسا أن تلتقي بنا، في مكان تعتبره جزءاً من ذاكرتها الشخصية وحبّها العميق لوطنها.

لمست في شخصية ندى طيبة لبنان واحتضانه، فهي تجمع بين الابتسامة والترحاب وذكاءٍ يدرك أن الجمال وحده لا يكفي، بل إنّ الجوهر الإنساني الأصيل هو ما يجعلها تشبه وطنها في تنوّعه وغناه.

ندى، القادمة من بلدة رحبة العكارية، تحمل في لهجتها دفء الشمال وفي عينيها حبّاً صادقاً للبنان، ذاك الحبّ الذي حاولت مراراً أن تترجمه للعالم خلال مشاركتها في مسابقات الجمال العالمية. تقول بثقة وهي تجول بين المحالّ القديمة: “أول صورة تخطر في بالي عندما يذكر اسم لبنان هي صورة المزيج الذي نتميّز به: البحر والجبل، الانفتاح والتقاليد، وهذا ما يجعل هذا البلد متفرّداً”.

اليوم الذي أمضيناه مع ندى كان بسيطاً وعفوياً: هواء نقيّ، حرارة شمس صيفيّة. خطواتها كانت مألوفة في السوق العتيقة التي تربطها بها علاقة قديمة. تستعيد بحنين أصوات الضحكات والموسيقى التقليدية وأيام المهرجانات الصيفية، والأنشطة التي كانت تجمع الناس من كلّ حدب وصوب في هذا المكان العابق بروح لبنان الأصيلة.

وتضيف: “كلّ زاوية هنا تحمل ذكرى. لطالما حضرت المهرجانات مع عائلتي وأصدقائي. أعتقد أن الإنسان يحتاج دائماً إلى فسحة من التغيير، أن يتعرّف إلى أماكن جديدة أو يعيد اكتشاف الأماكن التي أحبّها في طفولته”.

وتكمل: “يتميّز لبنان بأنّه يقدّم لك كلّ شيء في مكان واحد: بحر وجبل، تاريخ وطبيعة، دفء الناس وكرمهم. ولهذا السبب أدعو الجميع دائماً لزيارته. لبنان ليس فقط ما يسمعونه عنه في الأخبار، هو أيضاً بلد الفرح، بلد الشفاء النفسي”.

ندى، التي تخصّصت في علم النفس، ترى أن الراحة النفسية تبدأ حين يتمكّن الإنسان من التواصل مع محيطه ومع الطبيعة. وهي تجد في عكّار، مسقط رأسها، المكان الأمثل لإعادة شحن طاقتها، وتقول: “هناك في عكار أشعر بأن كلّ شيء بسيط وصادق: الناس، البيوت، الهواء. لكن الجميل في لبنان أن هذا الإحساس يمكن أن تجده أينما ذهبت”.

عن علاقتها بالموسيقى التي تجسّد هوية لبنان، تقول ندى: “أحب أغنية ‘لبيروت’ للسيدة فيروز. ربما يعتبرها البعض خياراً تقليدياً، لكنها تلخّص مشاعري تجاه هذه المدينة بكل ما فيها من جمال ووجع”.

وفي لحظة طريفة تتذكّرها من مشاركتها في مسابقة ملكة جمال الكون، تروي: “كانت المشتركات من دول مختلفة يتعلّمن مني كلمات لبنانية بسيطة مثل ‘حبيبي’ و’يلا’. في إحدى اللحظات النهائية على المسرح، لم يتمكّنّ من التعبير سوى بكلمة ‘يلا’، وهذا الموقف جعلني أضحك من القلب. الهويّة ليست فقط كلمات أو زيّاً فولكلورياً، بل هي قصّة شعب”.

ندى أيضاً تعشق ربيع لبنان، وتقول بابتسامة: “الربيع هو فصلي المفضّل. أشعر بأن الطبيعة كلها تحتفل. الألوان، الطقس، طاقة الناس… كل شيء يصبح أجمل”.

أما طعامها اللبناني المفضّل فتقول من دون تردد: “أعشق ورق العنب أو ورق العريش المحشي. حتى في مسابقة ملكة جمال الكون لم أتمالك نفسي حين قدّموه في أحد البوفيهات. وضعت كل ورق العنب في طبقي وعدتُ فخورة. حتى إن المشتركة اليونانية دخلت في نقاش معي حول أصل الطبق!”.

وتضحك بابتسامة تعكس التمسّك بالمطبخ اللبناني: “لم نختلف في النهاية… توصّلنا بعد بحث عبر الإنترنت إلى أنّ الطبق ينتمي إلى المطبخ الشرق أوسطي”. طابع لبناني يتّسم بالتمسّك العميق بالهوية والتراث عندما يدور النقاش حول الأصالة والجذور.

روينا عطشنا بمشروب لبناني أعدّ لنا، تغلّب على الجوّ الحارّ، فختمنا اللقاء بحبّ لبنان. تقول ندى كوسا: “أتمنّى للبنان الاستقرار. أتمنّى أن يرتاح الشعب اللبناني نفسياً وأن يؤمن بقدراته. لبنان يستحق أن يُرى كما هو فعلاً: وطن الحياة والفرح، وطن لا يشبه سواه”.

ولعلّ السوق العتيقة، بشمسها ونسيمها، كانت خير شاهدة على يوم بسيط ولكنه مليء بالمعنى مع ملكة هي اليوم، لكنها في الواقع شابّة لبنانية تحمل حبّ وطنها أينما ذهبت.