مجلة وفاء wafaamagazine
تساءل الباحث جورجيو كافييرو عما إذا كانت قطر قادرة على الحؤول دون اندلاع حرب أميركية-إيرانية في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، وذلك انطلاقاً من الخسائر الهائلة التي ستتكبدها الدوحة إذا ما وقعت حرب مفتوحة بين البلديْن.
في تقريره، أوضح كافييرو أنّ قطر تُعدّ حليفة وثيقة بالنسبة إلى واشنطن (تستضيف الدوحة قاعدة العديد العسكرية وهي من بين الأكبر في المنطقة) وشريكة هامة بالنسبة إلى إيران (لا سيّما منذ اندلاع الأزمة الخليجية في العام 2017)، لافتاً إلى أنّ الدوحة أمضت سنوات توازِن بحذر بين واشنطن وطهران بما يخدم مصالحها. وتابع كافييرو قائلاً إنّ معيشة قطر، التي تشارك إيران أكبر حقل غاز في العالم، أي حقل بارس، تعتمد على عموم السلام في المنطقة وبقاء مضيق هرمز مفتوحاً.
وفي هذا السياق، تناول كافييرو زيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الخاطفة إلى طهران، حيث التقى بالرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعد أيام من اغتيال سليماني، وأكّد أنّ “زيارتي إلى طهران تأتي في وقت حساس في المنطقة واتفقنا مع الأشقاء الإيرانيين على أن الحل الوحيد هو تخفيف التصعيد”. ولفت كافييرو إلى أنّ آل ثاني كان الزعيم الأوّل الذي زار طهران، بعد اغتيال سليماني، معتبراً أنّ هذه الزيارة تدل إلى “موقع قطر الفريد في المنطقة نظراً إلى علاقاتها الإيجابية مع واشنطن وطهران”. وشدّد كافييرو على أهمية قبول آل ثاني دعوة روحاني لعقد اجتماع بهدف التركيز على تعزيز العلاقات القطرية-الإيرانية، مبيناً أنّ هذه الزيارة كانت الأولى لآل ثاني، منذ وصوله إلى الحكم في العام 2013. وأضاف كافييرو بالقول إنّ الزيارة تساعد على تعزيز العلاقات الثنائية الوطيدة أصلاً، مشيراً إلى أنّ توجيه آل ثاني دعوة إلى روحاني لزيارة الدوحة، بعثت رسالة واضحة بأنّ علاقة البلدين تتوطد وبأنّ القيادة في الدوحة عازمة على لعب دور على صعيد نزع فتيل التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
على مستوى إيران، رأى كافييرو أنّ زيارة آل ثاني، العازم على تقويض الجهود الأميركية الهادفة إلى عزل الجمهورية الإسلامية، تساعد طهران على أن تثبت أنّها تحافظ على علاقات جيدة مع بعض البلدان الإقليمية، بما فيها تلك المؤثرة على المشهد الدولي والمرتبطة بتحالفات وثيقة مع واشنطن، في إشارة إلى قطر. وتابع كافييرو بالقول إنّ إيران تبعث رسالة تفيد بأنّها منفتحة على العمل ومستعدة لمناقشة العلاقات التجارية والاستثمارات وسواها مع بقية دول العالم، على الرغم من الضغوط التي ترزح تحتها منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في العام 2018.
في ما يتعلق بالمسؤولين الأميركيين، اعتبر كافييرو أنّه ينبغي لهم اعتبار زيارة آل ثاني بمثابة تذكير بقدرة الدوحة على مساعدة الجهات المختلفة على رأب التصدعات، وذلك بفضل موقعها الفريد الذي يخوّلها المساعدة على خفض التوترات المتصاعدة بين واشنطن وطهران. وتابع كافييرو مشيراً إلى أنّ تعاطي القيادة القطرية الديبلوماسي مع الإيرانيين والقطريين والأوروبيين والأميركيين والكنديين دليل إلى التزام الدوحة بتعزيز الحوار في أعقاب تبعات انسحاب الإدارة الأميركية من الاتفاق النووي. وفي هذا الإطار، نقل الموقع عن صحيفة “القبس” قولها إنّ الدوحة تقود الجهود الرامية إلى تفاوض واشنطن وطهران على اتفاق نووي جديد.
كافييرو الذي شدّد على أنّ القياديتيْن الأميركية والإيرانية تتشاركان الاعتقاد بأنّ تكاليف الحرب المفتوحة أكبر من الفوائد المتصوّرة لهذا النزاع الكارثي، حذّر من أنّ عوامل عديدة، خارجة عن سيطرة البلديْن، قد تؤدي إلى مواجهة بينهما. وعليه، لفت كافييرو إلى أنّ هذه النقطة توضح سبب اضطلاع قطر بدور بارز على هذا الصعيد، مشدداً على أنّ الدوحة تدرك الخسائر الفادحة الممكن أن تتكبدها في حال اندلاع نزاع ساخن بين الولايات المتحدة التي تضمنها أمنياً، وإيران، جارتها البحرية.
المصدر: ترجمة “لبنان 24” – Responsible Statecraft