الأربعاء 01 آيار 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
في خضم الجدال حول التدبير رقم 3 وانقسام الرأي العام بين مؤيّد ومعارض، يجدر طرح علامات استفهام عدة: لماذا تُشنّ هذه الحملة على المؤسسة العسكرية؟ وما الذي ارتكبه الجيش اللبناني من أخطاء وخطايا حتى يتحمّل الظلم والإجحاف؟ من هنا نستعرض هذه النقاط المنطقيّة للأخطاء القاتلة في المسّ بحقوق الجيش لتصبح الصورة حول هذه القضية أكثر وضوحاً:
– أولاً، من المتعارف عليه انّ في غالبية جيوش العالم، يحتاج كل عسكري الى أربعة أشخاص لخدمته، بمعنى، انّ الوحدات القتالية ووحدات دعم القتال، المنتشرة على الحدود أو في الجرود أو في أي بقعة، هي في حاجة إلى من يؤمّن لها الطبابة، والطعام، والذخيرة والعتاد والبناء، كما بحاجة إلى من يؤمّن لها المال.
فعندما يتحدثون عن التدبير رقم 3، وأنه يجب أن يعطى للعسكر على الحدود وليس للعسكر في المكتب، مع الاشارة الى أنّ نسبة العسكر في المكاتب لا تتجاوز الـ 2 في المئة من الجيش، وهم يؤمّنون خدمة تفوق الخدمة التي تُعتبر على الدوام.
انّ دعم القتال هو شيء أساسي في الجيش كما في كل جيوش العالم، لكي تتمكن الوحدات القتالية من تنفيذ مهماتها. فإذا تعطّلت آلية مثلاً على الحدود، يتولّى معاينتها وتصليحها العسكري المتخصص، وهو يخدم خارج الدوام.
– ثانياً، طالما أنّ الجيش مكلّف بمهمة حفظ الأمن، هذا يستوجب الجهوزية بنسبة 75 بالمئة، وإذا أُلغي التدبير رقم 3 تنخفض نسبة الجهوزية وبالتالي من يتحمّل التداعيات؟
زادوا موازنات بعض الوزارات ويريدون الاقتطاع من الجيش. هذا يدلّ الى انّ هناك استهدافاً واضحاً من خلال الحملات الاعلامية ضد الجيش، وهذا يستهدف شريحة كبيرة من اللبنانيين، لأنّ كل عسكري ينتمي الى عائلة.
– ثالثاً، كان الجيش يقوم بدراسة قبل أن تندلع البلبلة، حول تمديد سن الخدمة العسكرية بضعة أعوام، وذلك كان يمكن أن يحلّ الأزمة. ولكن حالياً الأمر الخطير الذي يطرحونه، هو أنّ الموظف لا يمكن أن يخرج سوى على السن، أي أنّ العسكري من المفروض أن يخدم 20 عاماً بدل 15، الرتيب 23 بدل 18، والضابط 25 بدل 20 عاماً.
وكان الضابط قبلاً وحسب قانون الدفاع يخدم 25 عاماً، عندما أقروا مشروع الحوافز في 2012 خفّضوا الرقم إلى 20 عاماً، وحالياً يطرحون من جديد أن يصعد الرقم إلى 25 عاماً.
الخطة المطروحة عند الجيش، والتي كان يقوم حولها بدراسة لا تؤثر على الجيش، وليست كما يطرحون حالياً. لأنّ طرح تمديد السن القانوني، يصنع الفرق وهو ليس كما يطرح الجيش في دراسته.
– رابعاً، إذا دفعوا للعمداء ساعات إضافية كما يجب، سيتقاضون ثلاثة أضعاف التعويض الحالي. وتجدر الاشارة إلى أنّ المتقاعدين يتظاهرون لأنّ التغيير في موضوع التعويضات هذا سيؤثّر عليهم بشكل كبير، وذلك لأنّهم تقاضوا من قبل مبالغ تختلف عن المبالغ الحالية. فهذا التخفيض سيكون مجحفاً بحقّهم.
أمّا اقتراح توقيف التطويع لسنوات عدة، فهو موضوع خطير جدّاً بالنسبة للجيش لاسيّما مع رفع سنّ التقاعد، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى ارتفاع نسبة المتقدّمين في السن في الجيش. ففي حال لم يتم تدريب عناصر شابّة أو ضمّهم الى الجيش لثلاث سنوات، سيتقدّم العناصر في السن ويصبحون في عمر لا ينتجون فيه ولا يمكن التعويل عليهم في الميدان والمهمات العسكرية. وهذا أمر خطير لا يقدّرون أبعاده.
وبعدما استلم قائد الجيش جوزف عون، وضع سياسة لإعادة هيكلة الجيش تقوم على تخفيض عدد العمداء، فما من دولة في العالم لديها هذا العدد من عناصر الجيش كما في لبنان، وهذه أتت نتيجة تراكمات سابقة. يحاول القائد اليوم من خلال سياسته تحسين الهرمية، فاستقال كثير من العمداء ولكن لا يزال الرقم مرتفعاً. فهم حتى في موضوع رفع سن التقاعد قد عقّدوا الأمر لأنّ الأعداد قد زادت وبأعمار كبيرة.
على سبيل المثال، إذا تطرقنا الى موضوع حدود السلسلة الشرقية والشمالية، التي يبلغ طولها 375 كلم، فيما لو أجرينا عملية حسابية صغيرة، يتبين وجود 13 عسكرياً في الكيلومتر الواحد، وإذ طبقنا التدبير رقم 3 الذي هو بنسبة جهوزية 75%، وتدبير رقم 2 معروف 50 في المئة، تدبير رقم 1 هو 25 في المئة. مع الإشارة إلى انه ينتشر على تلك الحدود نحو 5 آلاف عسكري، إذا طبقنا تدبير رقم واحد أي 25 في المئة، يصبح هناك 1250 عسكرياً. فهل يحمل الوضع على الحدود الا يكون لدينا العدد الكافي من العسكر؟
وحتى لو أجرينا عملية حسابية للتدبير رقم 3، الذي من الاساس تمّ، عندما كُلف الجيش بحفظ الأمن في الداخل، عوضاً من إعطاء العسكر آنذاك زيادة كساعات إضافية، كان ليساوي تقاعده 3 أضعاف عما هو اليوم. وإذا إحتسبت الساعات الاضافية سيكون راتبه ضخماً والتعويض كبيراً جداً، لذا عوضاً من إعطائه راتباً مرتفعاً تمّ إرجاء ذلك إلى ما بعد نهاية خدمته، أي إلى فترة التقاعد.
بالنسبة إلى موضوع العسكر، الذين يتولون الامور اللوجستية والطبابة، عدد العسكريين المنتشرين على الأرض أكبر بكثير من عدد العسكريين في مكاتبهم، وفقاً للتدبير رقم 3 هناك جهوزية وأفراد يؤمنّون خدمة.
هم يطرحون الموضوع ويحاولون تسويقه، لكن الجيش لا يناسبه هذا الوضع وهو رافض لهذه الفكرة، أن يعطى التدبير رقم 3 للعناصر على الارض وعلى الحدود، مع إستثناء البقية، فذلك غير وارد أبداً لدينا وليس منطقياً.
– خامساً، لا بدّ من التذكير بأنّهم حين ينتقدون الرواتب العالية للعمداء، يغيب عن بالهم انّ اي عميد كي يبلغ رتبته فهو أمضى 30 سنة خدمة بعد تخرّجه، والعميد يوازي مدير عام في الدولة. وفي عملية حسابية صغيرة يتبين لنا ان الفرق كبير جداً.
المصدر: جريدة الجمهورية