الرئيسية / سياسة / أوّل الغيث: "بيان وزاري تقليدي".. وتمهيد سياســي لأسبوع "الثقة والموازنة"

أوّل الغيث: "بيان وزاري تقليدي".. وتمهيد سياســي لأسبوع "الثقة والموازنة"

مجلة وفاء wafaamagazine 

إتخذ المسار الحكومي الجديد صفة الاستعجال، لإنجاز البيان الوزاري خلال فترة لا تزيد عن الثماني والأربعين ساعة المقبلة، لتدخل اعتباراً من الاثنين المقبل في «اسبوع الثقة النيابية» بها، بما يمنحها سمة الدخول الى ما يسمّيه أهلها، ميدان العمل الحثيث الذي ينتظرها على طريق معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية.

 

وكذلك الى ميدان يدفعها اليه المجتمع الدولي، لاختبار مصداقيتها وقدرتها على مقاربة الأزمة التي تعصف بلبنان، ببرنامج عمل جدّي وخطوات إصلاحية نوعية وجريئة، في مختلف القطاعات، من شأنها ان تعيد ثقة الخارج والمستثمرين بلبنان، على نحو ما اكّدت عليه الحركة الديبلوماسية الغربية في اتجاه السراي الحكومي خلال الساعات الماضية.

ظلّت السراي الحكومي، مقصداً للسفراء الأجانب في زيارات استكشافية لخريطة الطريق التي ستسلكها حكومة حسان دياب، فيما عُقد لقاء في عين التينة ليل أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس حسان دياب، في حضور النائب علي حسن خليل. وتمحور البحث حول المسار الحكومي وعملية صياغة البيان الوزاري وما يتصل بجلستي إقرار الموازنة والتصويت على الثقة بالحكومة.

 

وقد تقاطعت مواقف السفراء والديبلوماسيين، الذين قصدوا السراي امس، حول ضرورة ان تنحى في اتجاه اتخاذ خطوات اصلاحية نوعية وجريئة، تثبت مصداقية الحكومة الجديدة وتعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وتشكّل مفتاحاً لباب المساعدات الخارجية للبنان.

 

ولفت في هذا السياق، اعلان ممثل البنك الدولي الإستعداد لمساعدة لبنان شرط إجراء الإصلاحات المطلوبة والملحة، التي اكّد عليها ايضاً ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وكذلك ما نُقل عن شخصية ديبلوماسية اميركية في لبنان، التي اكّدت امام بعض النواب اللبنانيين على ما مفاده «أنّ لا أحد في العالم يريد ان يسقط لبنان، او يرغب في ان يرى هذا البلد يسقط، بل يريد مساعدته، الّا انّ هذه المساعدة مرهونة بالإصلاحات التي يجب ان يُجريها، وبخطة واضحة في هذا الاطار، وكذلك يرؤية اقتصادية واضحة».

 

إشتباك بمفعول رجعي

 

على انّ الصورة السياسية في المقابل، شهدت اشتباكاً بدا انّه بمفعول رجعي، على خلفية القاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسؤولية الأزمة المالية على وزارة المال ومصرف لبنان، من دون ان يوفّر الرئيس سعد الحريري.

 

وقد أحدث هذا الاتهام صدى سلبياً في بيت الوسط، وايضاً في عين التينة، باعتبار وزير المال السابق علي حسن خليل من فريق رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتساؤلات «حول الغاية من هذا الاتهام غير المفهوم وغير المبرّر وغير الصحيح على الإطلاق، في هذا الوقت بالذات، وخلق توترات سياسية، في وقت يحتاج البلد الى أن يعي من يفترض انّهم في موقع المسؤولية، حجم الوضع المأساوي الذي يعانيه، على كل المستويات، وان يتفرّغ الجميع للشراكة في إنقاذ البلد، وليس افتعال اشتباكات لا طائل منها، ومعارك حتى مع طواحين الهواء».

 

والسلبية ذاتها حيال الكلام الرئاسي، عبّر عنها الرئيس السابق للحكومة بقوله، «انّ الحريري لا يوزع الحصانات على أحد، ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام. وكان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكر المحميات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها».

 

جلسة الثقة

 

وفيما تبدو لجنة صياغة البيان الوزاري مسرعة لإنجازه بصورته النهائية اليوم او غداً، على ان يُقرّ في جلسة يعقدها مجلس الوزراء ربما الاثنين المقبل، ويُحال الى المجلس النيابي، عندها يدعو رئيس المجلس الى جلسة لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة منتصف الاسبوع المقبل.

 

وقالت مصادر معنية بالجلسة لـ«الجمهورية»: انّه بناء على تطورات المشهد السياسي، والتطورات التي تتسارع في الشارع، فإنّ المتوقع ان تكون جلسة الثقة مزدحمة بعدد طالبي الكلام، خصوصاً من قِبل الكتل النيابية المعارضة للحكومة. وجراء ذلك، قد يتطلب العدد الكبير لطالبي الكلام تمديد الجلسة الى اكثر من يومين، وخصوصاً انّ النظام الداخلي لمجلس النواب، يمنح النائب ساعة اذا ما كان خطابه ارتجالاً، ونصف ساعة اذا كان خطابه مكتوباً، الّا اذا قرّر رئيس المجلس اعتماد صيغة بديلة لناحية تخفيض الوقت لنصف ساعة ارتجالاً وربع ساعة كتابة.

 

لجنة الصياغة

 

ويُنتظر ان تعقد لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعاً جديداً اليوم، لاستكمال مداولاتها في البيان الذي بدأته في اجتماعها في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب امس، وحضور كامل اعضائها. وقد ابلغ رئيس الحكومة اعضاء اللجنة، أن «نحن امام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، والناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب ألّا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة، وألّا نوحي للبنانيين انّ الوضع بألف خير». وأضاف: «يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان، وان نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق».

 

الى ذلك، اكّدت مصادر اللجنة الوزارية لـ«الجمهورية»، انّ النقاش في اجتماعات اللجنة يتمّ بروحية جدّية ومسؤولة، للذهاب الى بيان وزاري بحجم المرحلة الراهنة، ويقارب الأزمة على حقيقتها دون اي مواربة.

 

وقالت المصادر، انّ معظم الوزراء يسعون الى تحقيق اي خطوة ايجابية بالسرعة والجدّية اللازمتين، من اجل مواجهة الإنطباعات السلبية التي رافقت الإعلان عن تشكيل الحكومة والظروف التي رافقتها وسعياً الى استعادة نسبة من الثقة، تعوّض ما تعرّضت له من تشكيك في الشارع. وبالتالي فإن لم تقدّم الحكومة الجديدة اي انجاز خلال فترة قريبة لن تكسب الثقة التي تحتاجها، فهي من المعابر الإجبارية الى الثقة الخارجية وهي التي تعززها.

 

ولفتت الى انّ البيان لن يحتوي شعراً ولا أدباً ولن يحمل اي شعارات فضفاضة ووعوداً فارغة ومستحيلة. فالمنطق يقول، انّ ما سيتضمنه البيان يمكن ان تقوم به وتنفذه الحكومة، وترجمته بشكل شفاف وفق رؤية الحكومة واستراتيجيتها على كل المستويات السياسية والإجتماعية والاقتصادية كما الأمنية، وكيفية ترميم علاقات لبنان مع العالمين العربي والغربي، مع التشديد على التزامات لبنان على كل المستويات الإقليمية والدولية.

 

مسودة البيان

 

وكشفت المصادر، انّ مسودة البيان الوزاري تتوزع على مجموعة عناوين، حيث أفرد البيان جانباً منها للحراك الشعبي، وجاء فيه ما حرفيّته:

 

«نحن تابعنا، وتفاعلنا مع اهلنا الذين نزلوا الى الشوارع والساحات، وبُحّت اصواتهم تحت المطر وفي البرد بصدق ووجع ضد الفساد في لبنان. هذا الملف يتصدّر لائحة اهدافنا كحكومة انقاذية استثنائية في ظروف تشكيلها.

 

وبما اننا نؤمن بالتطوير من خلال المؤسسات والقانون وتحت سقف الدستور، فإنّ الممر الالزامي الوحيد الى محاربة الفساد والفاسدين يكمن في الاستناد الى سلطة قضائية مترفّعة، نزيهة، مستقلة وقادرة.

 

انطلاقاً من هذه القناعة، نثق انّ الشعب اللبناني يشاركنا فيها. فإن حكومتنا تقارب ملف الاصلاحات من خلال إحداث نقلة نوعية في السلطة القضائية، السلطة هي الف باء الاصلاح القضائي. فإننا نتعهد بالعمل مع مجلسكم الكريم في إعادة درس كل مشاريع القوانين او اقتراحات القوانين التي جرى تقديمها حتى الآن، بهدف تعزيز القضاء ومرجعيته، وان نعمل على إعداد قانون عصري يمنح القضاء استقلالية عصرية تتمتع بها بلدان، لا يقوى فيها الفساد على الصمود في وجه السلطة القوية النافذة، ولبنان لن يكون اقل شأناً في قوانينه من هذه البلدان.

 

وفي الانتقال الى الملف الاكثر اهمية وحساسية، تنوي حكومتنا مقاربة قضية الإثراء غير المشروع والجريمة الاقتصادية وتحديث اداء الدولة بذهنية مختلفة عمّا يجري الآن من محاولات خجولة لخفض منسوب الفساد والهدر».

 

العلاقات الخارجية

 

وفي الشق المتعلق بالعلاقات الخارجية للبنان، لحظت مسودة البيان الوزاري ما يلي:

 

«حكومتنا تعرف انّ من مصلحة لبنان الابتعاد عن الصراعات الخارجية، واحترام ميثاق جامعة الدول العربية، والتزام القانون الدولي في سياستنا الخارجية».

 

«التأكيد على احترام المواثيق والقرارات الدولية كافة، والتزام قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 وعلى استمرار الدعم لقوات الامم المتحدة العاملة في لبنان».

 

المقاومة

 

اما في ما خصّ البند المتعلق بالمقاومة، فقد نصّت مسودة البيان الوزاري على ما يلي:

 

«في الصراع مع العدو الاسرائيلي، إننا لن نألو جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراضٍ لبنانية محتلة، وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة ابنائه. وتؤكّد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الاراضي المحتلة».

 

الثروة النفطية

 

وحول الثروة النفطية، جاء في مسودة البيان الوزاري:

 

«إنّ حكومتنا ستحافظ على المكتسبات التي تحققت حتى الآن، من خلال صمود الدولة اللبنانية في المفاوضات من اجل الحفاظ على حقوق لبنان الكاملة في هذه الثروة. ومع ادراكنا اطماع العدو الاسرائيلي في محافظة التعدّي على جزء من هذه الثروة واستغلالها، سنعمل على التصدّي لهذه الاطماع، وصولاً الى ترسيم عادل لحدودنا البحرية يحفظ للاجيال اللبنانية ثروتها وحقوقها.

 

وفي الموازاة، سنعمل على تسريع مسار التنقيب عن الغاز والنفط في مياهنا، لأنّ هذه تشكّل دعامة مهمة لاقتصادنا في المستقبل.

 

وللمناسبة، نلفت الى انّ من واجبنا معالجة المالية بسرعة، لأننا لا نريد ان نقع في فخ البيع المسبق للثروة النفطية. فكما تعرفون، انّ امر الصفقات متاح، لكنه من نوع الصفقات الخاسرة المؤدية الى فقدان الدول لقسم من حقوقها وايراداتها المتدفقة من هذه الثروة.

 

واما في موضوع حماية ارضنا وثرواتنا الطبيعية، ومنها الغاز والنفط، فستكون حكومتنا حريصة على صون الأمانة. ونحن نعرف جيداً مواقع القوة والضعف في بلدنا. سنحافظ على نقاط القوة، ونحاول تخفيف تأثير نقاط الضعف. ونستوحي في سياستنا هذه، خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مؤمنين بأنّ لبنان قوي بوحدة شعبه وقدراته، والتفاف ابنائه حول جيشه الوطني، وهو مدعاة فخر واعتزاز وثقة كل اللبنانيين. انّه الرمز الذي يوحّد. ونحن من جهتنا، نتعهد بتوفير كل الدعم المطلوب لجيشنا الوطني، ومواصلة تسليحه وتزويده بالمعدات والمعنويات، كما نتعهد بدعم كل القوى الامنية اللبنانية التي ادّت الى جانب الجيش، كتفاً الى كتف في حماية امن المتظاهرين وسلامتهم».

 

جلسة الموازنة

 

من جهة ثانية، ومع استمرار الحديث عن مصير جلسة مناقشة الموازنة العامة للعام الحالي، التي ستُعقد بدءًا من يوم الاثنين المقبل بناءً على دعوة رئيس مجلس النواب، فقد حسم الرئيس بري الجدل حيالها بتأكيده انّ الجلسة قائمة في موعدها، ولا تأجيل لها.

 

وقالت مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»: «إنّ الجلسة ستُعقد، وستحضرها حكومة الرئيس حسان دياب، وإن كانت هذه الحكومة ليست هي التي اعدّت مشروع الموازنة الذي ستناقشه الهيئة العامة على مدى يومي الاثنين والثلثاء المقبلين. وبالتالي ليس هناك من سبب لتأجيلها، إلاّ إذا بادر رئيس الحكومة خلال الجلسة الى طلب استرداد مشروع الموازنة لإعادة درسه او تضمينه بعض الاضافات او حتى لإرسال مشروع بديل، عندها يُستجاب لطلبه وتتوقف الجلسة الى حين ارسال المشروع الى المجلس من جديد. علماً انّ عدد طالبي الكلام من النواب لجلسة مناقشة الموازنة قارب العشرين نائباً حتى الآن، مع احتمال اكيد ان يرتفع هذا العدد من الآن وحتى يوم الاثنين المقبل.

 

الجمهورية