مجلة وفاء wafaamagazine
اعرب النائب الدكتور اسامة سعد في مؤتمر صحافي، عقده في صيدا، عن استغرابه من “أمر الجلسة النيابية التي خصصت لمناقشة وإقرار موازنة الـ 2020 التي قدمتها الحكومة السابقة وكأن تلك الحكومة لم تسقط بفعل انتفاضة الشعب اللبناني”.
وقال: “الشعب اللبناني وثوار الانتفاضة أسقطوا الحكومة، كما أسقطوا سياساتها والورقة الإصلاحية التي طرحتها، فهل نقبل بالموازنة التي تعكس تلك الورقة وتلك السياسات؟ النهج الذي يقف وراء الموازنة هو النهج ذاته الذي حملته الحكومات المتعاقبة منذ ثلاثين سنة حتى اليوم. هو النهج الذي قاد لبنان إلى الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي، وإلى تردي مستويات المعيشة وسقوط أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، هو النهج الذي يهدد بانفجار اجتماعي يضرب الأمن والاستقرار ومستقبل الوطن، فهل نقبل بموازنة وفق هذا النهج؟”.
اضاف: “لقد أسقطت الانتفاضة الحكومة السابقة، ومع سقوط الحكومة ينبغي أن يسقط معها نهجها وسياساتها وأوراقها وموازنتها. فهل الحكومة الجديدة هي مجرد استمرار للحكومة السابقة حتى تتبنى موازنتها؟ وهل الحكومة ستواصل سياسات وممارسات الحكومة السابقة؟ وأين ادعاءات التجديد والتغيير وحكومة المستقلين؟ وهل يمكن التجاوب مع مناشدة البعض لاعطائها فرصة؟”.
وسأل: “من سيتولى طرح توجهات الموازنة والدفاع عنها؟ في الوقت الذي لا يجوز لحكومة لم تنل ثقة المجلس النيابي أن تقوم بذلك؟ إنه انتهاك إضافي للدستور يضاف إلى انتهاك آخر يتمثل بإقرار الموازنة قبل إقرار قطع الحساب للموازنات السابقة، إلى غيرهما من الانتهاكات التي لا حدود لها”.
وتابع: “أما الموازنة المطروحة بحد ذاتها فهي ليست أكثر من موازنة وهمية، واردات منفوخة ومضخمة، وديون مخفية ومخبأة، مثل الديون المتوجبة للضمان الاجتماعي التي جرى شطبها، ومثل تحميل مصرف لبنان أعباء دفع الفوائد المستحقة ما يزيد الضغوط على الليرة ويؤدي إلى المزيد من تدني قيمتها. لذلك لا نستغرب قول وزير المالية الجديد باستحالة استعادة الليرة لقيمتها السابقة”.
وأشار الى ان “الموازنة كما هو واضح هي مجرد محاولة لإخفاء الواقع المأساوي بواسطة عمليات تجميل مفضوحة، وهي إمعان في الغرق في المستنقع، المزيد من الاستدانة وبيع الأصول التي تملكها الدولة من ذهب ومرافق ومؤسسات مربحة، والمزيد من الإفقار وتدمير الاقتصاد وتفشي البطالة، والاستدانة دونها شروط وإملاءات سياسية، فهل تقبل الحكومة الجديدة بإملاءات المؤسسات المالية الدولية والمجتمع الدولي، وتقدم لها فروض الطاعة، في مقابل ديون جديدة؟”.
ولفت إلى أن “الموازنة المطروحة قد حظيت بتأييد كل أطراف الحكومة السابقة، بمن فيها الأطراف التي لم تتمثل في الحكومة الجديدة، لذلك فإنه من المستغرب أن تعترض هذه الأطراف على الموازنة اليوم، بينما هي كانت مؤيدة لها داخل الحكومة السابقة الأمر الذي يدل على ازدواجية منافقة في مواقف تلك المعارضة المستجدة”.
ورأى أن “اليوم في ظل الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي، وفي ظل تردي الأوضاع المعيشية وازدياد معدلات الفقر والبطالة وخطر الانفجار الاجتماعي، بات من الضروري وضع موازنة جديدة تعبر عن سياسات مالية ونقدية واقتصادية واجتماعية مختلفة. لقد بات من الضروري وضع سياسات للانقاذ من الانهيار، سياسات تحافظ على الليرة اللبنانية وتمنع انهيارها، وتحمي ودائع المواطنين في المصارف، ولا سيما صغار المودعين، كما تمنع تسلط المصارف على هذه الودائع وحرمان أصحابها من سحبها. المطلوب سياسات تحافظ على مستوى معيشة اللبنانيين، وتضع حدا لمسار التردي والانهيار. والمطلوب أيضا إعادة الحياة لقطاعات الاقتصاد الإنتاجي وتوفير فرص العمل للشباب اللبناني”.
وقال: “من الضروري وضع موازنة للانقاذ من الانهيار، والمطلوب تخفيض الدين العام وفوائده، ليس عبر السعي نحو المزيد من الاستدانة أو بيع أملاك الدولة ومؤسساتها، بل من خلال وضع حد للفساد وسرقة المال العام، ومن خلال استعادة الأموال المنهوبة واستعادة الأموال التي أهدرت على الهندسات المالية والفوائد المضخمة وغيرها. ومن غير المقبول تحميل ذوي الدخل المحدود تبعات الانهيار، بل ينبغي تحميل هذه التبعات للذين راكموا الثروات من أموال الدولة وأملاكها”.
وأضاف: “الانهيار الحاصل هو نتيجة سياسات الطغمة الحاكمة منذ ثلاثين سنة حتى اليوم، طغمة تحالف القوى الطائفية مع أصحاب المصارف وأرباب الريوع والاحتكارات، وهي تتحمل المسؤولية عن هذا الانهيار، ويتوجب عليها الاعتراف بالفشل. وهذه السلطة عاجزة عن الإنقاذ، وعليها الاعتراف بهذا العجز. ثوار الانتفاضة تحركوا، ويواصلون التحرك من أجل التغيير الشامل على كل المستويات، التغيير على صعيد تركيب السلطة وعلى صعيد النهج والممارسة.
ودعا إلى “تجذير الانتفاضة، وإلى التغيير السلس والآمن، كما ندعو إلى مرحلة انتقالية، وحكومة وطنية انتقالية مستقلة عن منظومة السلطة السياسية والمالية. كما ندعو إلى رفع يد قوى السلطة عن الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وعن المجتمع وهيئاته وعن النقابات والجمعيات والإعلام، وإلى قانون جديد للانتخاب يتماشى مع الدستور، ويساعد على الانتقال نحو آفاق سياسية جديدة تمهد الطريق أمام قيام الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية العادلة”.