الرئيسية / مقالات / “الكتاب” بقلم الإعلامي محمد علي رضى عمرو

“الكتاب” بقلم الإعلامي محمد علي رضى عمرو

الأحد 05 آيار 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

محمد علي رضى عمرو

الكتاب !!

قال لي صديق لماذا تكتب اوتنشر في هذه الأيام ، ما دام الكثير من الناس لم يعودوا يهتمّون ، لا للكلمة ولا للكتاب ، وانت تعمل في هذا المجال منذ سنوات .
وقال ان العالم اليوم يختصر المعرفة كلها بجهاز ، فلماذا العذاب والتعب ،والبحث في المكتبات عن عنوان كتاب .
اجبت : تتعلم من والديك المحبة والضحك وتسديد خطاك ، ولكن عندما تقرأ الكتب تكتشف انه صار لديك جناحان يمكنك ان تحلق بهما .
وقلت للصديق الكتب سعادة الحضارة ، من دونها يصمت التاريخ ويخرس الأدب ويشل العلم ويتجمد الفكر والتأمل . وفي الكتب تكمن روح الزمن الخالي بأسره ، كل ما صنعته البشرية وفكرت فيه وكسبته موجود في صفحات الكتب ، كما لو كان محفوظا حفظا سحريا ، والكتب هي ممتلكات البشر المختارة .
الكتب يا صديقي تتعدى كونها كتبا ، انها الحياة واللب والجوهر لأجيال مضت ، والسبب الذي من اجله عاش أناس وعملوا وماتوا انها خلاصة حياتهم .

عالم الكتاب هو أروع بدائع الإنسان ، فلا شيء اخر يبنيه الإنسان يدوم مثل الكتاب ، النصب التذكارية تسقط ، الأمم تزول ، الحضارة تشيخ وتندثر ، وبعد فترة من الظلام تتبنّى شعوب جديدة حضارة غيرها ، لكن في عالم الكتاب تظل حية ، شابة نقية مثلما كانت في اليوم الذي كتبت فيه ، تظل تخبر قلوب الناس عن قلوب أناس ماتوا قبل قرون .


الكتاب هو النور الذي يرشدنا الى الحضارة ، الكتاب حديقة نحملها في جيوبنا .
اما المكتبات فاقول ومن خلال تجربتي معها ، انها ليست من كماليات الحياة ، بل من ضرورياتها ، ولا يحق للإنسان أن يربي أولاده دون أن يحيطهم بالكتب . وعندما تصبح المكتبة في البيت ضرورية كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ ، عندئذ يمكن القول بأننا اصبحنا قوما متحضرين .
أما بالنسبة للجهاز فلولا الكتاب والكتاب لما وجد هذا الجهاز ، لانه يوجد الة صغيرة تضعها في جيبك وتشغلها وتوفقها ساعة تشاء وفي الاتجاه الذي تشاء من غير أن تحتاج الى بطاريات أو مصدر طاقة اخرى ، وتستمد منها معلومات قيمة حول حضارة كاملة ..


وهنا قاطعني الصديق وقال : صدقا لم أسمع بها من قبل ، ما إسم هذه الألة .
أجبته والإبتسامة تعلو وجهي وقلت له بعد كل هذا الشرح ، ساعطيك إسمها وهي مكتشفة منذ عقود يا صديقي ، هذه الآلة تسمى الكتاب …