الرئيسية / سياسة / إستعدادات سياسية وأمنية لـ«الثقة».. ورأيان يتجاذبان «اليوروبوند»

إستعدادات سياسية وأمنية لـ«الثقة».. ورأيان يتجاذبان «اليوروبوند»

مجلة وفاء wafaamagazine 

وسط توقعات بنيل الحكومة «ثقة هزيلة» نسبة الى بيانها الوزاري الذي يتعرّض للانتقادات منذ كتابة حروفه الاولى الى حين إقراره في مجلس الوزراء، وستتوالى هذه الانتقادات فصولاً في مجلس النواب لدى مثول الحكومة أمامه الثلاثاء المقبل طالبة الثقة على أساس هذا البيان، ينتظر الخارج العربي والدولي ما ستنتهي إليه هذه الجلسة وكيف سيكون أداء الحكومة بعدها قبل اتخاذ اي قرار في شأن التعامل مع لبنان المأزوم سياسياً والمهدد بالانهيار مالياً واقتصادياً.

وفيما تنتظر الأوساط كيف ستترجم الولايات المتحدة الاميركية لحلفائها الغربيين والعرب موقفها الانتظاري من حكومة الرئيس حسان دياب، علمت «الجمهورية» من مصادر مطلعة على الموقف الاميركي ان ليس هناك اي قرار اميركي بإيفاد مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر الى لبنان حتى الآن، وانّ واشنطن وحلفاءها يترقبون كيف ستتصرف حكومة دياب مع ملف الاصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة وملف تطبيع العلاقات مع سوريا، وانّ هؤلاء يرون انّ «هذا التطبيع قد يجعل من الاصلاحات غير ذي معنى».

 

وفي اي حال ينتظر ان تشكّل عطلة نهاية الاسبوع الممزوجة بعيد شفيع الطائفة المارونية القديس مار مارون فرصة للمعنيين للتحضير لجلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة، التي ستمتد على يومين ابتداء من الثلاثاء المقبل.

 

ويشير طالع المواقف السياسية حتى الآن الى انّ البيان سيتعرض لنقاش طويل ولانتقادات ستَرد في مداخلات الكتل والنواب الذين يؤيدون الحكومة والذين لا يؤيدونها على حد سواء، في وقت ترددت امس معلومات عن احتمال إقدام رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضغط الوقت عبر الطلب من كل كتلة ان يتكلّم نائب واحد باسمها لفترة ربع الى نصف ساعة وللنواب المستقلين لربع ساعة، بما يؤدي الى اختزال المناقشة بيوم واحد، لكنّ هذه الفكرة ما تزال قيد الدرس ولم يتخذ قرار في شأنها بعد.

 

إجراءات

وقبل 4 ايام على الجلسة قرّر المجلس الأعلى للدفاع، في اجتماعه في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور جميع أعضائه، مجموعة من الاجراءات الامنية والعسكرية لضمان امن الجلسة النيابية وتمكين الحكومة والنواب من الوصول الى مقر المجلس في ساحة النجمة بلا اي معوقات، وذلك في مواجهة ما يُحكى عن تحركات شعبية دعت اليها الإنتفاضة رفضاً للحكومة ولمضمون بيانها الوزاري، ومن اجل تعطيل الجلسة بمنع وصول النواب الى المجلس.

 

وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ عون شدّد على الربط بين الأمن والاقتصاد لتكاملهما معاً في سبيل ضبط الوضع والمحافظة على الاستقرار والسلم الاهلي من جهة، وعدم التهاون مع اي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقرّاتها الرسمية .

 

وبعد سلسلة مداخلات لرئيس الحكومة الذي شدّد على أهمية توفير الأمن لتنطلق الحكومة في عملها، لفت الى المؤشرات الإيجابية التي تلقّاها من اجل مساعدة لبنان على تجاوز الأزمات التي يعانيها. وشدد عدد من الوزراء، كوزيرتي الدفاع والعدلية زينة عكر وماري كلود نجم، على أهمية التنسيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية توصّلاً الى تنفيذ الخطط. وتمنى وزير الخارجية ناصيف حتي ان يزود بالتقارير التي توثّق وتثبت مشاركة اي من القوى الخارجية او اي أجهزة استخبارية في تمويل بعض المجموعات التي قامت بأعمال شغب لمواجهة المراجع الدبلوماسية المختصة، رغم تبلّغه بأنّ هناك من أجرى سلسلة اتصالات على هذا المستوى للتحذّر من تجدد ما حصل سابقاً في بيروت وطرابلس ومناطق مختلفة من لبنان ومخاطره على علاقات لبنان ببعض الدول.

 

وبعدما عرض قادة الاجهزة الامنية المعطيات والمعلومات المتوفرة لديهم، تبلغ المجتمعون انّ امام القوى الأمنية والعسكرية مهمات أخرى تتصل بمواجة الإرهاب بعدما تمكنت القوى العسكرية متعاونة من تفكيك 3 شبكات إرهابية في مناطق مختلفة من لبنان، وإحداها في جبل لبنان.

 

وابلغ مرجع أمني الى «الجمهورية» انّ «القوى مجتمعة ستكون على استعداد لمواجهة ايّ تحرّك خارج عن المألوف قبل انعقاد الجلسة وفيها وبعدها، ولن تسمح بما يعوق عقد الجلسة ولا بأعمال التخريب والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة».

 

إجتماع أمني

وبعد اجتماع مجلس الدفاع، تقرّر ان يعقد قادة الأجهزة العسكرية والأمنية اجتماعاً مشتركاً لتقويم الموقف ووَضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات النهائية التي سيُباشر تنفيذها غداً الأحد لدى مواكبة القداس الذي سيقام في عيد القديس مار مارون في وسط بيروت، وسيشارك فيه رئيس الجمهورية والمسؤولون الكبار، فيما ستتيح العطلة الرسمية بعد غد الاثنين البدء باتخاذ التدابير الأمنية تحضيراً للجلسة النيابية لضمان انعقادها في أفضل الظروف.

 

وزارت وزيرة الدفاع زينة عكر قائد الجيش العماد جوزف عون، وعقدت اجتماعاً خصّص لاستكمال البحث في الترتيبات العسكرية التي اتخذت في اجتماع مجلس الدفاع.

 

جديد العلاقات بين دياب ودار الفتوى

على صعيد آخر، برز جديد على مستوى العلاقة بين رئيس الحكومة حسان دياب ودار الفتوى، حيث تلقّى في الساعات الماضية دعوة الى المشاركة في اجتماع المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى اليوم في دار الفتوى، في اعتباره عضواً أصيلاً فيه الى جانب رؤساء الحكومات السابقين وأعضائه المنتخبين ومُفتي المناطق وقضاة الشرع.

 

وقالت مصادر مطلعة على موقف دياب لـ»الجمهورية» انه «اعتذر عن المشاركة في الإجتماع قبل ان تنال حكومته الثقة، مع العلم انّ نيلها ليس شرطاً لينضَم تلقائياً الى عضوية المجلس لمجرد انه اصبح عضواً كامل المواصفات في نادي رؤساء الحكومات».

 

ولفتت المصادر الى انّ الإتصالات كانت وستبقى قائمة الى موعد انعقاد هذا الاجتماع ظهر اليوم في دار الفتوى، في اعتبار انّ توجيه الدعوة الى دياب قد يشكل بداية لمسار العلاقات الطبيعية التي يجب ان تقوم بينه وبين دار الفتوى ومقدمة لترتيب الأوضاع داخل البيت السني، بعد الجفاء الذي رافَق تكليفه وعدم دعوته الى الإجتماع السابق الذي انعقد بعد تكليفه وقبل ان يشكل الحكومة».

 

قداسة البابا يلتقي الراعي

في غضون ذلك شدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من كنيسة مار مارون في المعهد الحبري الماروني في روما، على «وجوب عدم استمرار الخلافات بين بعضنا البعض في لبنان، خصوصاً اننا نعيش في هذه الايام وضعاً خطيراً جداً». وقال: «على جميع القوى اللبنانية أن تتضافر وتتعاون بعضها مع بعض، للحفاظ على وحدتنا الداخلية والسلم والأمن، وتوحيد الكلمة والعمل معاً بروح المسؤولية للنهوض بوطننا من أزماته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية الخانقة». ورأى أنّ «أساس هذه الازمات هو الانقسام السياسي القائم بين المسؤولين عندنا».

 

وكان الراعي قد التقى البابا فرنسيس أمس، مترئساً وفد بطاركة الشرق الكاثوليك. وجرى خلال اللقاء بحث في قضايا كنسية والاوضاع في الشرق الاوسط. وتسلّم البابا من الراعي مذكرة تتضمن شرحاً مفصّلاً عن الاوضاع في لبنان والمنطقة. وأعرب الراعي بعد اللقاء، عن سعادته لأنّ البابا فرنسيس «مُدرك لأمور الكنائس في الشرق الأوسط وقضاياها، وأهمية وجود المسيحيين ودورهم ورسالتهم مع شركائهم المسلمين».

 

وعلمت «الجمهورية» أنّ البابا فرنسيس ركّز خلال لقائه مع البطاركة على موضوع مسيحيي الشرق والشهادة المسيحية في المنطقة، إضافةً الى العيش المُشترك مع المسلمين.

 

إشكالية اليوروبوند

في الشق المالي، يستحوذ ملف استحقاق اليوروبوند في 9 آذار المقبل، بقيمة مليار و200 الف دولار تقريباً، على اهتمام سياسي وشعبي. وتحول هذا الملف نقطة خلاف وجدل في شأن جدوى السداد أو التخلّف عن الدفع.

 

ويعتبر المدافعون عن نظرية ضرورة السداد في الموعد المحدد انّ التخلّف سيحوّل لبنان دولة متعثرة رسمياً، وسيدفع مؤسسات التصنيف الى نقله الى لائحة الدول المفلسة، مع ما يستتبع ذلك من تداعيات على مستوى التعاطي مع الاسواق العالمية في كل المجالات.

 

لكنّ المطالبين بالتخلّف عن الدفع يركّزون على خطورة استنزاف الاحتياطي من العملات الاجنبية من اجل الحفاظ على سمعة اصبحت «مضروبة». ويشيرون الى لائحة طويلة من الدول تتخلّف عن سداد مستحقات ديونها سنويّاً، وتجري معالجة اوضاعها بالتعاون مع المجتمع الدولي.

 

وفي هذا السياق، يشنّ النائب ميشال ضاهر حملة واسعة منذ فترة لإقناع الحكومة اللبنانية بعدم سداد الاستحقاق والذهاب الى خيار إعادة جدولة الدين العام. ويؤكد «انها جريمة كبرى أن تقوم الحكومة بسداد استحقاق اليوروبوند في 9 آذار المقبل بحجّة المحافظة على سمعة لبنان المالية وذلك من أموال المودعين في المصارف، في حين تمنع هذه الأموال عن أصحابها». ويضيف: «إذا قررت الحكومة أن تدفع استحقاقاً يعني ذلك ان ليس هناك خطة إنقاذ اقتصادية لديها في ظل انكشاف وفوضى اجتماعية خطيرة وشح كبير في الموارد يهدد الكيان اللبناني برمّته».

 

وحتى الآن، لا يوجد تأكيد رسمي في شأن القرار الذي ستتخذه الحكومة حيال هذا الاستحقاق. إلّا انّ خبراء الاقتصاد يعتبرون انّ إشكالية من هذا النوع لا تتم معالجتها بخفة، وينبغي ان يتم تشكيل لجنة اخصائيين في هذه المواضيع، والحصول على استشارات قانونية ومالية، ودرس الوضع المالي اللبناني، وتداعيات السداد او التخلّف، وفي ضوء ذلك يمكن اتخاذ القرار. وكل ما عدا ذلك سيعتبر استخفافاً بمصير البلد على المستوى المالي والاقتصادي.

 

الجمهورية