مجلة وفاء wafaamagazine
الحدث السياسي يوم أمس كان اعتصام التيار الوطني الحر ضد سياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وكان يفترض أن يكون هذا الحدث هامشياً. غير أن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط سلّط الأضواء نحوه، منصّباً نفسه حارساً للمصرف المركزي. كذب الأخير على مناصريه، مروّجاً أن حياته في خطر، فتداعى الحزبيون على عجل لدرء الخطر عن البيك المرتاح في قصره وهو يلعب بالسلم الأهلي
أمس، بدا جنبلاط مستعداً للعب بالسلم الأهلي وتحريض طائفة ضد أخرى وإراقة الدماء وكأنه لم يخلع يوماً عباءة الميليشيا. الفارق هنا أنه انتقل من حماية زعامته وما اعتبره «إمارته» يومها، الى حماية حاكم مصرف لبنان والمصارف والوقوف علانية معهم ضد المواطنين. ببرودة أعصاب، أصدر بياناً طمأن فيه مناصريه إلى أن لا خطر على حياته، مشيراً إلى أن «الهجوم على المصرف المركزي سهل وأنا أفهم جوع الناس» ليحوّر الحديث بعدها نحو الكهرباء. كرر النائب القواتي أنطوان حبشي الكلام نفسه مساء. بات من الواضح أن حملة شرسة تقودها ما كان يسمى بقوى 14 آذار ضد التيار العوني بعد فسخ الاتفاق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وتشكيل حكومة جديدة بدونه. وللصدفة أيضاً، اتصل الحريري على عجل بالبيك، مؤكداً تضامنه معه. في موازاة ذلك، دعا جنبلاط مناصريه للتوجه الى منزله، بعدما أدّوا الدور المراد منهم.
على المقلب العوني، تابع التيار اعتصامه بكلمات ممثلين عن مختلف القطاعات؛ من الرياضة والشباب الى الصناعة الى المرأة، تمحورت جميعها حول حق المواطنين في الحصول على ودائعهم وحول ضرورة الكشف عن وجهة الأموال المهرّبة ومالكيها ومصدرها. حمل العونيون لافتات تشير إلى أن 40 في المئة من البنوك مملوكة بطريقة مباشرة وغير مباشرة من السياسيين، وأخرى تقول: «بدنا بنك مركزي ينظّم القطاع مش يتواطأ مع الإقطاع». هناك من حنّ الى زمن التسعينيات، فراقص صورة الرئيس عون بالبدلة العسكرية، على أنغام «راجع يتعمرّ لبنان». بجانبه هتف العونيون: «يا رياض ويا رياض وين حوّلت الدولارات». غاب وزراء ونواب التيار عن النشاط، هؤلاء بأغلبيتهم اختاروا الصمت في الأسابيع السابقة تلافياً للتعليق على الوضع المصرفي.
يستهجن العونيون الربط بين التمديد لسلامة وانتقادهم لسياسته
«تركنا الساحة لغيرنا حتى لا نتسلق على اعتصامات المجموعات الأخرى، لا بشعاراتها ولا بأرضها ولا بساحتها»، يقول عضو المكتب السياسي المحامي وديع عقل ردّاً على سؤال عما دفع التيار إلى الاعتصام اليوم وليس قبل شهر مثلاً. ماذا عن مشاركة التيار في التمديد لسلامة، ثم التظاهر ضده؟ يجيب: «نحن الطرف الوحيد الذي ناقش بموضوع التمديد ومن دون أي حليف، والواقع أن يداً واحدة لم تكن لتصفق. ذلك لا يعني أننا سنسكت عن التجاوزات، ولذلك نطالب المدعي العام التمييزي بالتحرك لاستعادة الأموال المنهوبة. أموال أولادنا وأولاد من يقطعون الطرقات علينا».
قيل آنذاك إن التجديد للحاكم جرت مقايضته بهندسة مالية لمصلحة بنك «سيدروس» الذي يرأس مجلس إدارته الوزير السابق رائد خوري؟ «لسنا معنيين بسيدروس، وكان خوري قد استقال من مجلس الإدارة؛ أصلاً، يصعب على خوري التأثير في أمر على هذا المستوى». من جانبه، يشير عضو المكتب السياسي زياد نجار إلى أن التيار «لم يطلب من سلامة السماح بتهريب الأموال الى الخارج، سائلاً هل أصبح انتقاد سلامة محرّماً علينا إن مددنا له؟ نتعامل معه على القطعة، إن قام بعمل صائب نصفق له، وإن خالف القوانين ومسّ بودائع الناس وجنى أعمارهم ننتقده ونواجهه شعبياً وقضائياً وبكل الطرق. هذا هو العمل السياسي، وبالأمس أخطأ سلامة. يحكى عن تحويلات هائلة ستنعكس تداعياتها على المواطنين العاديين والموظفين والطبقات الوسطى والفقيرة. نريده أن يكشف عنها تمهيداً لاستردادها».
من جهته، سأل الناشط نعمة إبراهيم كيف لا يملك الحاكم جواباً عما تفعله المصارف وعن «الكابيتال كونترول»، فيما عرّف سيمون سلوم عن نفسه بأنه «مواطن لبناني له الحق في التظاهر لمعرفة من هرّب الأموال وخفّض سعر الليرة، ومن غطى المهرّبين سياسياً وأمنياً ومصرفياً». أما نائبة رئيس التيار للشؤون الإدارية مارتين نجم فأعلنت أن هذا التحرك هو واحد من سلسلة تحركات لمكافحة الفساد سيُعلن عنها تباعاً.
الأخبار