الجمعة 17 آيار 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
يبدو رئيس مجلس النواب نبيه برّي مُستعجلاً للتخلص من القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية عام 2018. لذا فتح ورشة العمل باكراً في سبيل قانون جديد يعتمد النسبية وفق الدائرة الواحدة، ويلغي «سيف» الصوت التفضيلي. غيرَ أن آلية الفوز في اقتراح القانون الذي تسوّق له كتلة «التنمية والتحرير»، يشكّل ثغرة خطيرة قد تكون «عواقبها أمرّ» من «التفضيلي». فهذا الاقتراح يسمح للوائح قوية بالتآمر على مرشحين أقوياء، كبرّي نفسه مثلاً، او الوزير جبران باسيل! الثغرة الكبيرة في هذا الاقتراح وجد لها حلاً، الخبير الانتخابي عبدو سعد، في اقتراح له قبل 22 عاماً!
«التنمية والتحرير» تفتح معركة قانون الانتخاب: اقتراح يسمح بالتآمر على بري!
باكراً، أدرَج رئيس مجلس النواب نبيه برّي قانون الانتخابات بنداً أساسياً على جدول أعمال السياسة. صحيح أن النية لتعديله ظهَرت مع الإعلان عن بدء حركة الوفد النيابي الذي يضُم كلاً من النواب: إبراهيم عازار، أنور الخليل وهاني قبيسي باتجاه الكتل السياسية لمناقشته، لكن المعلومات تحدّثت عن أن ورشة العمل افتُتحت بعدَ أربعة أشهر على إقفال صناديق الاقتراع في أيار 2018.
هذا الأمر هو إشارة بحدّ ذاته، إلى مخافة رئيس المجلس تكرار خطأ إقرار قانون تحت الضغط. فلا هو يُريد الوصول الى ربع الساعة الأخير قبلَ موعد الاستحقاق، تضطر معه القوى السياسية الى الاتفاق على قانون «يُسلق سلق»، كما لا يريد العودة الى القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات الأخيرة. الواضح بحسب الأفكار المطروحة للنقاش، أن أساس ما يريده رئيس حركة أمل، النسبية وفق لبنان دائرة واحدة، وإلغاء الصوت التفضيلي، علماً بأن البدائل المطروحة لكيفية احتساب النتائج في اقتراح القانون المقدّم قد تكون عواقبها أمرّ عليه وعلى باقي القوى. في هذا الشقّ التفصيلي تحديداً، يدور النقاش. فوفقَ اقتراح القانون المعروض يُمكن تحديد سقف تأهيل للفوز وهو أن تحصل اللائحة على نسبة 5% من عدد المقترعين، وهذا يسمح بفوز اللوائح الصغيرة وأن تتمثل بنائب أو أكثر).
وإذا افترضنا انتخابات تتنافس فيها ثلاث لوائح، كل منها من 128 مرشحاً، وحصلت اللائحة الأولى على 50 في المئة من الأصوات، فإنها تحصل على نصف مقاعد مجلس النواب (64 مقعداً). وإذا حصلت الثانية على 25 في المئة من الأصوات، تحصل على 32 مقعداً. وإذا حصلت الثالثة على 25 في المئة تحصل بدورها على 32 مقعداً. كيف يتم اختيار المرشحين الفائزين؟ ينص اقتراح حركة أمل الجديد على اعتماد الترتيب المُسبق للمرشحين.
وينبغي في هذه الحالة أن يفوز أول 64 مرشحاً من اللائحة الأولى، وأول 32 مرشحاً من اللائحة الثانية، وأول 32 مرشحاً من اللائحة الثالثة. لكن، وفي ظل اعتماد التقسيم المذهبي والمناطقي للمقاعد، قد يحدث أن يكون المرشح الأول على اللائحة الأولى ينتمي إلى نفس مذهب وقضاء المرشح الأول من اللائحة الثانية. فمن منهما يفوز؟ اقتراح «التنمية والتحرير» ينص على أن يتم التوزيع بالمداورة: يفوز الأول من اللائحة الأولى، ثم الأول من اللائحة الثانية، ثم الأول من اللائحة الثالثة. وفي حال شغل رأس اللائحة الأولى مقعداً كان رأس اللائحة الثانية مرشحاً عليه، يؤول الفوز إلى المرشح الثاني على اللائحة الثانية. وتُعتمد هذه الآلية إلى أن تستوفي كل لائحة عدد المقاعد الذي فازت به.
مشكلة هذه الآلية، بحسب رئيس مركز بيروت للأبحاث، الخبير الانتخابي عبدو سعد، أنها تتيح للوائح الكبرى الفوز بمقاعد عن أقضية ومذاهب من دون أن يكون لديها أي شعبية في هذه المناطق وبين أبناء هذه المذاهب. كذلك يمكنها أن تتآمر في ما بينها على إسقاط مرشح محدد، رغم وجود شعبية كبيرة له في قضائه. على سبيل المثال، في مقدور تيار المستقبل وحركة أمل أن يخوضا الانتخابات كل منهما في لائحة، وأن يتآمرا لإسقاط الوزير جبران باسيل في البترون، حتى لو حصلت لائحته على جميع أصوات المقترعين في القضاء، ومن دون أن يحصلا على أي صوت فيه. كيف ذلك؟ ببساطة، يكون رأس لائحة حركة أمل في لبنان مرشحاً مارونياً في البترون، ويكون رأس لائحة المستقبل في لبنان مرشحاً مارونياً في البترون أيضاً.
وإذا نالت كل واحدة من اللائحتين أصواتاً أكثر مما نالته لائحة التيار الوطني الحر، يرسب باسيل حكماً! كذلك، وفي حال خوض حزب الله وحركة أمل الانتخابات، كل منهما على لائحة مستقلة، يمكن أن يتآمر حزب الله والمستقبل لإسقاط الرئيس نبيه بري في الزهراني، من دون أن يكون أي منهما قد حصل على صوت واحد في القضاء! (بالتأكيد، هذه فرضية نظرية، وهي مستحيلة عملياً بسبب التحالف بين حزب الله وحركة أمل من جهة، ولأن تيار المستقبل لن يخوض معركة ضد بري).
آلية تحديد الفائزين في اقتراح برّي تسمح للوائح الكبرى بالتآمر لإسقاط مرشحين أقوياء
ومن النقاط التي يتضمنها اقتراح القانون وتزيد من تعقيد آلية تحديد الفائزين، هو فرضه كوتا نسائية من عشرين مقعداً، موزعة على المذاهب وعدد من المناطق، بطريقة تجعل من النساء طائفة إضافية.
من جهة أخرى، يتضمن الاقتراح بنوداً تُعدّ مادة خلافية حتى داخل كتلة «التنمية والتحرير»، ومنها «إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات، مهمتها الإعداد للانتخابات النيابية والإشراف عليها، وهي هيئة إدارية ذات صفة قضائية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، ويكون لها مركز خاص»، إذ يدور النقاش حول ما إذا كان مجلس النواب هو من سيعينها أو مجلس الوزراء. كما يطرح القانون الذي يقوم على نسبية الدائرة الواحدة زيادة 6 مقاعد تخصص للناخبين غير المقيمين، وتشكل دول الاغتراب دائرة انتخابية واحدة وفقاً للنسبية، وتتوزع هذه المقاعد مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتتوزع وفق الآتي: مقعد واحد لكل من الموارنة والروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك والسنّة والشيعة والدروز. ويمكن أن تكون اللوائح مكتملة أو غير مكتملة، شرط أن تضمن بحد أدنى 20% من المقاعد (26 مقعداً) وأن يتمثل كل قضاء بمرشح واحد على الأقل. لكنها في الحالتين هي لوائح مقفلة، وأي لائحة غير مكتملة وحصلت على عدد من المقاعد أكبر من عدد المرشحين، تخسر هذه المقاعد التي تنتقل نسبياً الى اللوائح الفائزة.
وقد زار وفد «التنمية والتحرير» الذي يتولّى طرح هذه الأفكار معظم المكونات السياسية، باستثناء التيار الوطني الحرّ الذي لم يحدّد موعداً حتى الآن. فيما سيلتقي حزب القوات يومَ الاثنين، وحزب الله يومَ الثلاثاء لاستكمال النقاش
المصدر: الأخبار