الرئيسية / آخر الأخبار / فضل الله : الحكومة تقف على عتبة امتحان جدي وخياراتها أحلاها مر

فضل الله : الحكومة تقف على عتبة امتحان جدي وخياراتها أحلاها مر

مجلة وفاء wafaamagazine

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بالاستهداء بالصفة التي تميز بها الإمام الجواد(ع) التي نعيش ذكرى ولادته في العاشر من شهر رجب، وهي صفة الجواد.. فقد كان كريماً معطاء لا يبخل على الناس بكل ما منّ الله عليه، وهذه قيمة نحن أحوج ما نكون إلى أن نستهدي بها لبناء مجتمع قوي متماسك ولمواجهة التحديات…
والبداية من لبنان الذي تقف فيه الحكومة على عتبة امتحان جدي حيث كل من في الداخل والخارج ينتظر الأسلوب الذي ستتعامل به الحكومة مع استحقاقات مصيرية سواء منها ما يتعلق بسداد الدين المعجل حيث تقف الحكومة أمام خيارات أحلاها مر أو في نوعية الحلول التي ستطرحها لمعالجة الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية..
وكيف ستتعامل مع ملفات شائكة كملف الكهرباء والنفايات والارتفاع المتزايد لسعر الدولار وودائع الناس في المصارف والنجاح في هذا الامتحان لن يكون سهلاً لحجم الملفات المتراكمة على هذه الحكومة، فهي تحمل على كاهلها أزمات العقود السابقة والتي أوصلت البلد إلى حد الانهيار، وتتحرك في ظل تعقيدات الداخل سواء من القوى السياسية المعارضة للحكومة حتى ممن يواليها أو الشارع الذي عاد لينتفض مجدداً في وجهها ولم يعطها الثقة أو لضغوط الخارج الذي لا يزال يرسم علامات الاستفهام حولها وهو بالتالي لن يقدم لها مساعدات، وإن قدم لها فلن تكون كافية للخروج من أزماته.
بالطبع فإن هذه الأوضاع الضاغطة لا تفرض عليها الاستسلام بقدر ما تدعوها إلى المزيد من العمل وبذل الجهد لمعالجة كل الملفات التي تواجهها بجدية وبعيدة عن كل المحاصصات والحسابات الخاصة، وهي كفيلة إن حصلت أن تفرض نفسها على الداخل والخارج وترد على الأصوات المشككة بها..
وهنا ننوه بالإجراءات الأخيرة التي أخذتها الحكومة من رفع السرية المصرفية على كل الذين يمارسون عملاً عاماً.. ونأمل أن تأخذ هذه الإجراءات طريقها إلى التنفيذ وأن تتبعها إجراءات مماثلة تعيد ثقة المواطنين بالدولة بعدما فقدوا الثقة بها..
وفي إطار الحديث عن المعالجات فإننا ندعو الحكومة أن لا تكون على حساب أغلبية المواطنين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل أعباء يبشرون بأنها ستطال مواردهم وأرصدتهم وحاجاتهم الإنسانية.. بل أن يتحملها كل الذين أثروا على حساب ثروات الشعب وإمكاناته، في عملية نهب وفساد غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد، والتي كان نظام المحاصصة، الغطاء الأبرز لتمريرها بدون أي رقيب أو حسيب وبتواطؤ واضح بين القوى السياسية والمالية.
في هذا الوقت، برزت إلى الواجهة أزمة المصارف في ظل القرار الذي صدر بحقها وبعيداً عن صوابية هذا القرار أو عدمه، فإننا ندعو إلى معالجة هذا الملف بكل حكمة وجدية، والذي بات من الواضح تداعياته على المواطنين، فإن كان القرار القضائي الآخر قد جمد هذا الملف فإنه لا يعني أن يغلق على زغل، فمن حق المواطنين أن يعرفوا ماذا حصل، سواء فيما يتعلق بودائعهم التي يخشون من ضياعها، أو ما يتعلق بالمال المهرب إلى الخارج..
وفي مجال آخر، وفي إطار الأزمة الصحية التي لا تزال تعصف بلبنان أسوة ببقية العالم، والتي بات من الواضح أنها تتطلب المزيد من الإجراءات التي ينبغي للدولة بكل أجهزتها القيام بها لمعالجة تداعيات هذا المرض وتأمين كل المستلزمات لمواجهته، وأن لا يمنعها عن ذلك حاجزاً أو رفضاً من هنا وهناك.. بعد أن بتنا نسمع عن ممانعة من قبل قوى سياسية وغير سياسية في بعض المناطق لتجهيز مستشفيات حكومية بما يجعلها قادرة على استقبال حالات قد تحصل في هذه المناطق أو خارجها..
وفي الوقت نفسه فإننا نهيب باللبنانيين أن يكونوا على مستوى المسؤولية لمنع انتشار هذا المرض بالالتزام بإجراء العزل المنزلي لمن المطلوب منهم العزل، والأخذ بسبل الوقاية إن من ناحية النظافة الشخصية أو بتفادي السلام بالأيدي أو التقبيل أو الاكتظاظ حيث لا تدعو الحاجة الماسة إليه، وكما أشرنا سابقاً فإن هذه المسؤولية ليست خياراً بل هي واجب ديني ووطني وإنساني وتجاه النفس والآخرين.
ونحن في هذا الوقت، وكما ندعو إلى الوقاية الصحية ندعو إلى توقي الأخبار غير الدقيقة التي تنتشر على بعض مواقع التواصل سواء التي تهول من هذا المرض أو تلك التي تقدم أخباراً مغلوطةً عن أعداد المصابين أو عن طبيعة هذا المرض والرجوع في ذلك إلى ذوي الاختصاص الذين يؤكدون أن هذا المرض بحد ذاته ليس خطيراً ولكن مشكلته تكمن في عدم اتخاذ إجراءات الوقاية وفي سرعة انتشاره.
في هذا الوقت، تطل علينا في الثامن من هذا الشهر ذكرى مجزرة بئر العبد التي سقط فيها المئات من الشهداء والجرحى بهدف اغتيال رجل كان هو عنوان المرحلة في الوعي والموقف الصلب تجاه العدو ومن وراءه، وقد حمى الله السيد فضل الله(رض) آنذاك ليؤدي دوره الرسالي ويقود حركة الوعي والمواجهة في الأمة على مختلف المستويات.
إننا عندما نستذكر هذه المحطة نؤكد على الجميع أن يستعدوا لمزيد من الوعي وتحمل المسؤولية تجاه الذين صنعوا المأساة في الماضي ولا زالوا يصنعونها في الواقع.
وأخيراً، نتوقّف عند مناسبة عيد المعلّم، لنهنِّئ المعلمين والمعلمات في عيدهم، ولنعبّر عن التقدير والشكر لدورهم في تنمية العقول، وتربية الأجيال.

عن H.A