مجلة وفاء wafaamagazine
بعد مرور أكثر من ٣٣ عاماً على خوضه أول سباق رئاسي، حقق نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن هدفه ورأى اسمه في صدارة البطاقة الديمقراطية الانتخابية للرئاسة. فالرجل البالغ من العمر ٧٧ عاماً، سوف يكون أكبر الرؤساء الأميركيين سناً في حال فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، أمر لا يخشى بايدن من مواجهته والحديث عنه. وتوجه للناخبين في أحد التجمعات الانتخابية الافتراضية قائلاً: «إن إحدى الطرق للتعاطي مع كبر السن هو بناء أساسات مؤلفة من شباب مؤهلين قد لا يتمتعون بخبرة كبيرة لكنهم قادرون على تأدية دور قيادي في الأعوام الأربعة والثمانية القادمة في البلاد».
كلام يعكس آلية تفكير بايدن وتقييمه لاختيار فريقه في البيت الأبيض، تحديداً انتقاء نائب له وهذا أكبر قرار ينتظره في المرحلة المقبلة. ويتشاور بايدن مع صديقه الرئيس السابق باراك أوباما للعثور على أفضل مرشح للمنصب. بايدن الذي تعهد مراراً وتكراراً باختيار امرأة لهذا المنصب كرر تعهده قائلاً: «أحتاج إلى امرأة في هذا المنصب تتمتع بنقاط قوة في المحاور التي أعاني من ضعف فيها». وتحدث بايدن عن نيته الإعلان عن خياره قبل الوقت الاعتيادي في المؤتمر الحزبي الوطني الذي تم تأجيله إلى شهر أغسطس (آب)، ما يعني أنه قد يعلن عن اسم مرشحته في القريب العاجل. وحتى الساعة شملت الأسماء المطروحة حاكمة ميشيغان غريتشين ويتمر ومنافستيه السابقتين إليزابيث وارن وايمي كلوبوشار، إضافة إلى زعيمة الأقلية في مجلس ولاية جورجيا ستايسي أبرامز.
وقد تحدثت أبرامز، التي ترشحت لمنصب حاكم جورجيا لكنها خسرت بفارق ضئيل من الأصوات، عن احتمال اختيارها لمنصب نائب الرئيس فقالت: «يشرفني أن أكون معه في الحملة الانتخابية كنائبة له. لكن هذا منصب لا يمكنك أن تسعى إليه عبر الترويج لنفسك، وأنا لن أقوم بذلك. أنا صريحة للغاية ومهما يكن خياره فإن نيتي هي التأكد من أن جو بايدن سيصبح الرئيس المقبل للولايات المتحدة».
وهذا ما يسعى إليه الديمقراطيون كذلك، لكنهم يعترفون أن المهمة ستكون صعبة في ظل عام انتخابي غير عادي. ويقول السيناتور السابق تيد كوفمان، وهو من المقربين لبايدن: «ما حصل له هو مرحلة مهمة للغاية في حياته. إن فوزه بترشيح الحزب إنجاز رائع. لكن هذا الإنجاز يترافق مع مشاكل ضخمة تواجهنا وتحديات كبيرة أمامنا».
فقد جرت العادة أن يمضي المرشحان الرسميان للحزبين المراحل الأولية من الانتخابات الرئاسية بين الناخبين في تجمعات صاخبة، لكن هذا اختلف كلياً هذا العام. إذ حول كوفيد – ١٩مشهد الحملات الانتخابية بشكل جذري، وأبعد المرشح الديمقراطي جو بايدن عن المشهد الانتخابي، حيث يمضي بايدن أيامه في منزله ويعقد اجتماعات عبر الهاتف مع مستشاريه الاقتصاديين والخبراء في القطاع الصحي لإطلاعه على التطورات المتعلقة بالفيروس. وهو يظهر على الناخبين عبر الشاشات من خلال استديو صغير تم بناؤه في قبو منزله. ويواجه فريق بايدن التحديات نفسها، وقد غردت نائبة مدير حملته الانتخابية كاي بدينغفيلد: «هذه أوقات صعبة، لم أتخيل يوماً أنني لن أتمكن من احتضان فريقي في اليوم الذي فزنا فيه بترشيح الحزب. لكني أريد أن أعرب عن امتناني العميق للفريق الانتخابي وأتطلع قدماً إلى نوفمبر!»
وتسعى الحملة في المراحل المقبلة إلى التركيز على رسالة موحدة: إن هذه الانتخابات هي صراع لاستعادة روح البلاد من الرئيس الأميركي الحالي. وستصور الحملة بايدن على أنه الشخص الأفضل لتسلم منصب الرئيس وذلك بفضل خبرته الكبيرة في السياسة وشخصيته المتعاطفة والحنونة. ويقول تيجاي دكلو المتحدث باسم بايدن: «دونالد ترمب يفتقر إلى التعاطف وقد أثبت من خلال هذه الأزمة عن فقدانه للكفاءة والخبرة لقيادة البلاد». وتابع دكلو: «بايدن بنى مهنته على التواصل مع الأميركيين ولديه سجلّ مهم في القيادة وقت الأزمات. سوف نركز على الفارق بين الرجلين خلال الأشهر السبعة المقبلة».
وسيساعد سجل بايدن الشخصي حملته الانتخابية على استقطاب تعاطف الناخبين، فنائب الرئيس الأميركي السابق بدأ مشواره السياسي في سن الـ٢٩ عندما فاز بمقعد في مجلس الشيوخ لولاية ديلاوير. لكن بعد أسابيع من فوزه ضربته فاجعة خسارة زوجته وابنته في حادث سيارة، وإصابة ابنيه بجروح خطرة، تعافيا منها. لكن بعد مرور أربعين عاماً توفي ابنه بو بايدن بعد صراع مع مرض سرطان الدماغ. رغم هذه المآسي الشخصية، عمل بايدن كسيناتور في الكونغرس لمدة ٣٦ عاماً حيث استقل القطار يومياً بين العاصمة واشنطن وديلاوير ليكون مع ولديه بو وهنتر. بعد ذلك انتقل لتسلم منصب نائب الرئيس أوباما لـ٨ أعوام.
وسيشكل هذا السجل تحدياً كبيراً أمام حملة ترمب الانتخابية، التي باشرت بشراء حملات دعائية مكثفة للإشادة بدور الرئيس الأميركي في مكافحة الفيروس. وقد وظفت اللجنة الوطنية الجمهورية مبلغ مليون دولار للبدء بهذه الحملة في ولايات مختلفة، وذلك بهدف الرد على حملات الديمقراطيين المنتقدة لأداء الرئيس الأميركي.