مجلة وفاء wafaamagazine
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، نبه فيها إلى أنه “يبدو أن مرتكزات وأساسيات العمل السياسي في لبنان هي الخلافات والسجالات ومحاولات تسجيل النقاط والانتصارات، فيما المطلوب هو أن ينتصر لبنان، لأن في انتصار لبنان ننتصر جميعا، وفي سقوطه نسقط جميعا”.
وقال: “هذه قاعدة ثابتة ومؤكدة أيها الإخوة، ولكن للأسف الشديد لم ولن نتعظ، طالما ذهنية “أنا الحاكم” و”أنا السلطة” و”أنا من يأمر” و”أنا من ينهى” هي المرتكز في نفوس البعض، الذي لم يقتنع بعد بمبدأ الشراكة الوطنية، ومصر على إثارة النعرات، وتحريك العصبيات، متجاهلا أن في البلد دستورا، رغم علاته وثغراته يجب أن يطبق، وأن في البلد قوانين يجب تفعيلها والعمل بأحكامها، وسلطات يجب أن تتعاون في ما بينها، وقوى عسكرية وأمنية وأجهزة وهيئات وتفتيش وقضاء، يجب أن تتكامل في تحمل مسؤولياتها وإدارة شؤون الناس”.
أضاف: “هذا البعض ما زال مطنشا، وهو يعرف قبل غيره بأن البلد أصبح بحاجة ضرورية لقيام دولة تضرب بيد من حديد، دولة موجودة في كل الميادين، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، دولة خارج تركيبة النفاق والصفقات والسمسرات، التي تجري على حساب الوطن والمواطن الذي لم يعد يعنيه، من هو الرئيس، ومن هو النائب، ومن هو الوزير، ومن هو المدير، أكان تابعا لهذه الطائفة أو لذاك المذهب، بل همه فقره، جوعه، عمله، مدرسة أولاده، صحته، رغيف خبزه، مستقبله، ومصيره؛ هذا هو هم اللبنانيين جميعا مسلمين ومسيحيين أيها السياسيون، فكفى خطابات ومواقف وردود عبر الإعلام وعبر التويتر وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، فأنتم من خربتم البلد، ووعدتم الناس بالتغيير والإصلاح والإنماء، وبالعدالة الاجتماعية وبالبطاقة الصحية وضمان الشيخوخة وفرص العمل، وبالمحاسبة ومكافحة الفساد ووقف التهريب، وعدتم الناس بدولة الكفاءات، لكن للأسف ما كنا فيه بقي وازداد، ازدادت المدنيونية، وازداد الفقر، وازدادت نسبة البطالة حتى بلغت أكثر من 40%، وازداد الفساد وجشع التجار والاحتكار، وتجاوز القوانين، وبقيت دولة المنافع لأصحاب السلطة ولحيتان المال، وبتنا ننام على شيء من التفاؤل، ونصحو على شيء كبير من التشاؤم. فعلا إننا أمام كارثة حقيقية تهدد مصير البلد والناس، ولا زال السياسي يتعاطى السياسة على قاعدة “فرصة العمر ولو احترقت روما”.
وإذ تطرق إلى ما جرى في طرابلس، مشددا على أنه “لا يجوز التقليل من خطورته”، قال: “البلد مفتوح على كل الاحتمالات، وعصابة التكفير والإرهاب تعمل ضمن مخطط دولي وإقليمي، وموظفة لخدمة المشروع الأميركي الصهيوني، الذي يهدد منطقتنا ودولنا وشعوبنا. لذا ندعو القوى العسكرية والأمنية إلى مضاعفة الجهود والتشدد في الإجراءات والمراقبة والملاحقة، كما نطالب القضاء باتخاذ الأحكام الصارمة بحق هؤلاء الإرهابيين القتلة والمجرمين، الذين لا دين لهم ولا طائفة، وليس على طريقة “الأمن بألف خير”.
وفي الختام، توجه “بتحية الإعزاز والفخر إلى شهدائنا في الجيش والقوى الأمنية والعسكرية، وإلى شهدائنا في المقاومة الذين تكاملوا في الدفاع عن بلدهم ووطنهم لبنان، وبذلوا الدماء، ولا زالوا على استعداد لتقديم المزيد من أجل أن ينتصر لبنان وتقوم دولته القادرة والعادلة”.