الأخبار
الرئيسية / سياسة / علي إبراهيم: أنا القاضي والمتّهم أنا!

علي إبراهيم: أنا القاضي والمتّهم أنا!

مجلة وفاء wafaamagazine 

رضوان مرتضى 

أن يُمارس المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم أكثر من وظيفة في وقتٍ واحد، فذلك شأنه، طالما أنّ القانون يسمح له بذلك. أما أن يقوم بدور القاضي والمشتبه فيه في الوقت نفسه، فذلك ما لا يُمكن تفسيره. كيف تناط بالرجل مهمة التحقيق في ملف الصرافين ومصرف لبنان، بجرم التلاعب بالعملة الوطنية ورفع سعر صرف الدولار، فيما يشغل منصب عضو هيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال، التي يرأسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يرد اسمه في التحقيقات، على أنه أعطى الأوامر لمدير العمليات النقدية في المصرف المركزي مازن حمدان، لشراء الدولار وبيعه للصرّافين؟ ليس هذا فحسب، مارس إبراهيم سلطة الادعاء العام صباحاً ضد الموقوفين في قصر العدل في بيروت، قبل أن ينتقل إلى مقر المصرف المركزي للمشاركة في اجتماع هيئة التحقيق الخاصة برئاسة سلامة، ويشارك في إصدار بيان يُبرّئ فيه المصرف المركزي من التهمة التي ادّعى بها!

يشير البيان الذي شارك إبراهيم في صياغته، إلى أنّ «من البديهي، وبعد النظر إلى المبالغ المذكورة، أنه وعكس ما أشيع، لم يكن هناك أي تلاعب في سوق الصرافين ناتج من عمليات مصرف لبنان!». ويضيف البيان إنّ «المبالغ المذكورة هي لفترة شهر وليست بأحجام التقلبات التي شهدتها أسعار القطع خلال هذه الفترة». ألم يكن الأجدر بالقاضي إبراهيم التنحّي تفادياً للحرج، طالما أن خيط التحقيق مع الصرّافين أوصل إلى مصرف لبنان وحاكمه؟ كيف يُعقل أن يُسائِل هذا القاضي رئيسه سلامة في هيئة التحقيق الخاصة، وهي الوظيفة التي رفض إبراهيم تركها والانتقال إلى ديوان المحاسبة، بسبب التعويضات التي تؤمّنها له عضوية الهيئة؟ فحتى شكلاً، يبقى سلامة متقدماً على إبراهيم في الهيئة،

كما يظهر الهيكل التنظيمي للهيئة صورة سلامة فوق صورة إبراهيم! لا يكفي القضاء «ذُلّاً»، حتى يذهب المدعي العام بنفسه إلى حاكم مصرف لبنان بعد التوقيفات عوضاً عن استدعائه للتحقيق ومساءلته. وفي هذا السياق، يقول خبير قانوني لـ«الأخبار»، إن «هناك تضارب مصالح رغم عدم وضوح القانون في هذه النقطة». ويُشير إلى أنّ «قانون هيئة التحقيق الخاصة ينصّ على أنها هيئة مستقلة عن مصرف لبنان»،

لكنه يسأل: أي استقلالية طالما أن رئيسها هو نفسه حاكم مصرف لبنان؟ وأي استقلالية في بيان أمس يصدر ممهوراً بشعار مصرف لبنان؟ وعن موقف المدعي العام المالي، يُعَلِّق الخبير القانوني بالقول إن «القاضي يتنحّى عن ملف لمجرد إبدائه رأياً فيه، فما بالك أن يكون يتقاضى راتباً من هيئة يرأسها حاكم المصرف الذي وضعته التحقيقات في دائرة الشبهة في ملف التلاعب بسعر الصرف؟».

أي استقلالية للهيئة طالما أن رئيسها هو نفسه حاكم مصرف لبنان؟


بدأت القضية بتوقيف صرّاف، فكان بمثابة رأس الخيط الذي أوقع بنقيب الصرّافين محمود مراد. جهود المحققين أوصلت إلى توقيف 20 صرافاً ووسيط صرافة، قاد اثنان منهم إلى مدير العمليات النقدية في المصرف المركزي مازن حمدان وموظف سابق هو وسام سويدان، على اعتبار أنهما يبيعان الدولار ويشتريانه بشكل غير قانوني. ثم يأتي أحدهما ليعترف في محضر التحقيق بأنه كان ينفّذ أوامر حاكم المصرف، إلا أن إبراهيم، وبدل التوسع في التحقيق لمساءلة الحاكم، يطلب ختم التحقيق وإيداعه إياه.
لم تنته القضية هنا. غداً سيخرج القضاء ليخفّف من وطأة الفعل المرتكب. قد يأتي بما يُشبه الاعتذار عن توقيف مديرٍ في المصرف المركزي ليدّعي عليه بالإهمال الوظيفي. وبالتالي، سيكون هناك «جثة» من دون أن ينكشف القاتل، فتُسجّل الجريمة ضد مجهول!

 

 

 

 

الأخبار