الرئيسية / سياسة / دفن محمد مرسي: كأنها جنازة عار!

دفن محمد مرسي: كأنها جنازة عار!

الأربعاء 19 حزيران 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

حتى وصيته لم تُنفذ. عائلة محمد مرسي لم تتمكن من دفنه في مقبرة أسرته بمسقط رأسه كما طلب قبل أن يرحل. دُفن الرجل في الساعات الأولى من صباح أمس، بقرار سياسي، بجوار مرشدَين راحلَين لجماعة «الإخوان» في القاهرةالقاهرة | اختار النظام المصري أن يُدفن الرئيس الراحل محمد مرسي دون حضور سوى اثنين من أشقائه، وزوجته وأبنائه. صلوا الجنازة على الجثمان داخل مسجد سجن «طره».

خرج الموكب من السجن إلى المقبرة بحراسة الشرطة التي حالت دون تصويره أو مشاركة أي شخص آخر في الجنازة. يرقد الآن جثمانه إلى جوار أربعة من المرشدين السابقين لجماعة «الإخوان المسلمون». في قريته بمركز العدوة، أدى عدد من أبناء القرية صلاة الغائب. كذلك صلى عليه عدد من أنصار «الإخوان» خارج مصر، وتحديداً في قطر وتركيا.

أخرجت الدولة جنازة مرسي تماماً كـ«جنازة العار» في الصعيد. تلك تخرج في المساء كي لا يشعر بها أحد. حتى أقاربه الراغبون في التشييع منعوا من الحضور. الاستثناء الوحيد هو السماح لنجله المحبوس على ذمة قضايا عدة بالحضور لإلقاء نظرة الوداع الأخير. أما زوجته، فاكتفت بتدوينة تحتسبه فيها مع الشهداء.
مع ذلك، يؤكد مصدر رسمي، في حديث إلى «الأخبار»، أن النائب العام سيصدر بياناً في وقت لاحق إذا تطلب الأمر تأكيده «اتباع الدولة جميع الخطوات القانونية».

يشمل ذلك ما يثار حالياً عن مسألة علاج الرئيس الراحل خلال مرضه. أيضاً هو مستعد لتقديم «سجلات تحركات مرسي بين المستشفيات المختلفة بموجب قرارات قضائية، ومن بينها تحمّل أسرته كلفة علاجه خارج مستشفى السجن والسجل المرضي له». يؤكد المصدر أن القاهرة لم تتلقَّ أي استفسارات أو مطالبات بالتحقيق من أي دولة. ويشدد على أن الأدلة «تؤكد أن الوفاة طبيعية ولا شبهة فيها». ويضيف: «مرسي تلقى معاملة حسنة خلال احتجازه، سواء قبل أو بعد انتقاله إلى طره»!


الدولة سعت طوال أمس إلى تكريس هذا التصور. تقول تصريحات وزعتها جهات رسمية إن مرسي نقل إلى مستشفى خاص في شباط/ فبراير 2017 بسبب معاناته من مشكلة في اليد اليسرى. ونُقل مرة أخرى إلى مستشفى الشرطة في العجوزة حيث عاينته لجنة طبية وتبينت إصابته بضغط الدم وارتفاع السكر والتهاب مزمن في الأعصاب.

لم يُسمح إلا للعائلة من الدرجة الأولى بحضور الجنازة القصيرة والسريعة

التقرير نفسه يشير إلى معاناة مرسي من تشنجات عصبية في الجانب الأيسر من الوجه بالإضافة إلى ورم حميد في الأوعية المبطنة بالمخ. وهو الورم الذي أُثبت في الكشوف مرتين: الأولى في مستشفى الشرطة، والثانية في 2017 على يد لجنة من 10 أطباء. منذ ذلك الحين وهو «يخضع لرعاية طبية دورية في مستشفى السجن».


مع ذلك، دعت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، وهي أحد المراكز الحقوقية المحلة المستقلة، إلى إجراء تحقيق مستقل في ملابسات وفاة مرسي، والفحص العاجل للحالات المشابهة في السجون. رأت المبادرة أيضاً أن وفاة مرسي «جاءت نتيجة التقاعس عن توفير الرعاية الضرورية، وهو التقاعس الذي يشكل قتلاً بالامتناع عن تقديم… وفقاً لقانون العقوبات المصري وغيره من المواثيق الحقوقية الدولية».


أيضاً قالت المبادرة إن الراحل وأسرته ومحاميه حذروا مراراً من تدهور حالته. بل عبّر مرسي في تسجيل صوتي خلال إحدى جلسات محاكمته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 (قبل نحو 18 شهراً على وفاته) عن قلقه على حياته، وأكد قناعته بأنه يواجه خطر الموت في حبسه نتيجة للإهمال والتعنت الذي أبداه المسؤولون عن سجن «مزرعة طرة» في ذلك الوقت.


بخلاف التقاعس عن توفير الرعاية، كانت منظمات حقوقية مصرية ودولية قد نبهت إلى تدهور ظروف حبسه وانتفاء شروط العدالة والنزاهة في محاكمته. ومعروف أن الرئيس الأسبق قضى ست سنوات تقريباً في حبس انفرادي، طبقاً لأسرته ومحاميه، دون السماح له بالخروج للتريض جيداً. ووفق البيان، شابت محاكمتَه مخالفاتٌ متعددة للنصوص الدستورية المنظِّمة للحق في المحاكمة العادلة وقانون الإجراءات الجنائية… «من حقٍّ في رؤية الدفاع والسماح للمتهم بالاطلاع على الأوراق المتعلقة بمحاكمته».


مؤسسات حقوقية رأت أن حدثاً بوزن وفاة رئيس أسبق يجب أن يحظى باهتمام محلي ودولي لهذا الإهمال المتعمد. ويجب أن يتحول إلى مناسبة لإلقاء الضوء على الأوضاع الصحية في السجون المصرية، ولا سيما التي جرت العادة على احتجاز الناشطين والسياسيين فيها، حيث «تحول الامتناع عن تقديم الرعاية الصحية إلى عقوبة إضافية».


رسمياً تتواصل التوجيهات للإعلام بتجاهل الخبر والتركيز على «عنف جماعة الإخوان الإرهابية». أيضاً ينشر الضباط عبر حساباتهم على التواصل الاجتماعي صور زملائهم الذين قضوا، ويترحمون عليهم مقابل توجيه السباب واللعنات على مرسي وجماعته. هو المضمون نفسه الذي أصدرته الخارجية السعودية أمس، في «انفوغراف» بعنوان «جماعة الإخوان المسلمين: أصل الإرهاب»، ناسبة تنظيمات مثل «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» إلى الجماعة.

المصدر: الأخبار