مجلة وفاء wafaamagazine
في الشارع أظهرت الأيام القليلة الماضية عودة مجموعات الحراك المنظمة، لمحاولة استعادة وهجها، بتعويض غياب المشاركة الشعبية بتكثيف التحركات، ورفع سقف الشعارات وتصعيدها، وقالت مصادر أمنية إن المعلومات تتحدث عن توسيع نطاق التحرك في أكثر من منطقة والتوجه نحو أكثر من مقر ومؤسسة حكومية، وإن عشرات المجموعات الصغيرة المكوّنة من عشرات الناشطين تقيم فيما بينها تنسيقاً للقيام بتحركات مفاجئة غير معلن عنها، بالتوجه نحو المقار الرئاسية والحكومية، ونحو مؤسسات ذات رمزية خاصة كمصرف لبنان وشركات الاتصالات. واعتبرت المصادر أن التعامل مع هذا الوضع لا يشكل أزمة للقوى الأمنية ولا للحركة الاقتصادية، التي تستعيد نشاطها بالتدريج، ما لم تدخل على الخط أعمال الشغب والتخريب أو أعمال مثل قطع الطرقات على حركة الناس والبضائع.
وفي موازاة النجاح الحكومي في عدد من الملفات، برزت التحركات الشعبية والتوترات المتنقلة وأعمال الشغب التي تقوم بها مجموعات من المتظاهرين تشير مناطق انطلاقهم وشعاراتهم والأماكن التي يتظاهرون فيها الى هويتهم السياسية لا سيما افتعال الاشكالات في عين التينة قبل أيام وأمس أمام القصر الجمهوري الذي شهد عمليات تدافع وكرّ وفر بين المتظاهرين وأنصار التيار الوطني الحر من جهة ومع الجيش اللبناني وعناصر أمن الدولة من جهة ثانية.
وحذرت مصادر أمنية رسمية من تداعيات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الاستقرار الأمني متوقعة أن تشهد عدد من المناطق اللبنانية تحركات شعبية واسعة النطاق ستؤدي الى توترات أمنية في الشارع، كاشفة عن «استعدادات لوجستية في بعض المناطق لتنفيذ تظاهرات واعتصامات وقطع للطرقات العامة لا سيما في صيدا التي سبق وشهدت سلسلة أحداث أمنية وهجمات واعتداءات طاولت الأملاك العام والخاصة لا سيما مصرف لبنان ولم توفر عناصر وضباط الجيش اللبناني وآلياته العسكرية»، وتكشف أن الجيش والقوى الأمنية يُجرون «استعدادات ايضاً لمواجهة اي محاولة لافتعال اعمال شغب واعتداء على الأملاك العامة والخاصة كما سبق وحصل في مصرف لبنان في صيدا».
وتكشف معلومات «البناء» أن الجهات التي تحرك اعمال الشغب في صيدا هي خليط متناقض من قوى وشخصيات سياسية وحزبية من بينها أتباع لأحمد الاسير والجماعة الاسلامية وبعض العناصر الفلسطينية الى جانب بعض المنتمين الى تيار المستقبل، وتشير الى أن صيدا تشكل نموذجاً لما سيحصل في عدد من المناطق. وبحسب المعلومات فإن تيار المستقبل يقف خلف اعمال الشغب وقطع الطرقات والاعتداءات التي تحصل في البقاع والطريق الساحلية بين بيروت والجنوب والطريق الجديدة – قصقص ومنطقة طرابلس الى جانب أنصار اللواء أشرف ريفي والرئيس نجيب ميقاتي.
وتشير المصادر الأمنية الى أمرين يعيقان جهود الجيش لضبط الوضع، الأول وجود تعليمات لجميع وحدات الجيش بعدم استخدام العنف مع المتظاهرين والثاني تعرض الجيش لضغوط من جمعيات ومنظمات إنسانية محلية وأجنبية تسعى لإطلاق سراح كل الموقوفين لدى الجيش والقوى الأمنيّة وتحرّض بعض المصابين من المتظاهرين على إقامة دعاوى على الجيش، ومشيرة الى أن الجيش يواجه مواقف وحالات صعبة في التصدي للمتظاهرين الذين يعتدون عليه بالعصي والحجارة والمولوتوف ما يؤدي الى وقوع إصابات في صفوف ضباط وعناصر وآليات الجيش وتكشف عن اجتماعات وحوارات عدة بين قادة وحدات في الجيش مع مجموعات من المتظاهرين واجتماعات أخرى مع منظمات حقوقية وإنسانية دولية شرح خلالها الضباط خطورة ما يجري على الأرض والصعوبات التي يواجهها والتصرفات غير المسؤولة والعشوائية التي يمارسها بعض المتظاهرين وعدم قدرتهم على التمييز بين مسؤولية ووظيفة الجيش لحفظ الأمن وبين الطبقة السياسية والحكومة المسؤولة عن حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها».
كما حذرت المصادر من افتعال أحداث ساخنة في بعض مناطق الشمال لا سيما طرابلس التي تشكل بؤرة الفقر والحرمان والأرض الخصبة للتيارات المتطرفة والإرهابية، مشيرة الى أن الاعتداءات شرسة التي تعرض لها الجيش خلال المواجهات مع مثيري الشغب خلال الأسابيع الماضية، إلا أن المصادر تشير الى أن «التحقيقات حتى الساعة مع مثيري الشغب لم تكشف وجود بصمات لجهات استخبارية خارجية مع تغليب العامل الداخلي والحسابات المحلية، لكن الساحة مشرعة لاستدراج جهات خارجية لها مصلحة بالاستثمار في الأرض الخصبة والظروف الاجتماعية الصعبة لتحقيق مصالح خاصة».
وعلى وقع التصعيد التدريجي في الشارع، عاد مسلسل افتعال الأزمات الحياتية الى الواجهة، فبعد أزمة الدولار والخبز استحضرت امس أزمة محروقات جديدة، لكن لم يعرف ما إذا كانت حقيقية ومفتعلة ام إشاعات لإثارة الشارع ودفعه للعصيان والمطالبة بإسقاط الحكومة، ما يعيد مشهد الضريبة على الواتسآب التي شكلت شرارة اندلاع احداث 17 تشرين الماضي!