شكّلت الخلاصة التي توصّلت إليها لجنة المال إِشارة الانطلاق لحملة مدروسة على الخطة الاقتصادية للحكومة، تتولاها المصارف بدعم من غالبية الكتل السياسية. ترتكز الحملة على إفقاد الخطة الحكومية صدقيّتها، من خلال إظهار خطأ الأرقام التي تضمنتها. في الخطة، حُددت خسائر القطاع المالي بـ 241 ألف مليار ليرة، فيما خلصت اللجنة النيابية لتقصّي الحقائق، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، إلى أن هذه الخسائر تقارب 80 ألف مليار ليرة. الفارق الكبير يعود، بحسب كنعان، إلى مقاربة مختلفة وترقّب مغاير للأرقام وليس إلى خطأ في الحسابات. هذا نصف الحكاية، لكن نصفها الثاني أن الطبقة المهيمنة أعادت لملمة نفسها بمهمة وحيدة هي إبعاد القطاع المصرفي عن تحمّل مسؤوليته في تبديد أموال المودعين. بدت الخطة الحكومية، وخاصة في الجزء المتعلق بتوزيع الخسائر، كخطأ تكتيكي من جانب السلطة، كان لا بد من العودة عنه بأي طريقة. فهذه الخطة اقترحت استخدام رساميل المصارف (أي حصص مالكيها) لإطفاء جزء من الخسائر، وتقترح شطب جزء من الدَّين الداخلي الذي تحمل المصارف جزءاً كبيراً منه. وهنا «مربط فرس» المعترضين على الأرقام الحكومية. فاعتماد هذه الأرقام منطلقاً للخروج من الأزمة، يعني تحميل المصارف مسؤولية ما ارتكبته طوال عقود. وهذا الأمر ممنوع في قاموس «حزب المصرف»، العابر للكتل السياسية والطائفية.