مجلة وفاء wafaamagazine
نشر موقع “وور أون ذا روكس” مقالاً تحليلياً تناول فيه تأثيرات جائحة “كورونا” على أحلام منطقة الشرق الأوسط الغازية والنفطية، مسلطاً الضوء على تداعيات تفشي الفيروس على لبنان وفلسطين والاحتلال الإسرائيلي ومصر والأردن وقبرص وتركيا واليونان، وعلى الدور “القادرة” الولايات المتحدة الأميركية على لعبه في سبيل “الدفع باتجاه تحقيق تعاون إقليمي أوسع في العقد المقبل”.
واعتبر الموقع أنّ تأثير “كوفيد-19″ على أسواق الطاقة العالمية ألحق ضرراً بالظروف التي من شأنها أن تتيح لـ”دول شرق المتوسط تصدير غازها بشكل مربح” من جهة، و”دفع صنّاع السياسات إلى إعادة النظر جدياً بمسألة تحقيق أقصى استفادة من الظروف (الراهنة)”، من جهة ثانية.
على صعيد الاحتلال الإسرائيلي، رأى الموقع أنّه الجهة الأكثر تضرراً، مذكّراً بأنّ اكتشاف حقلي “تمار” و “ليفياثان” اعتُبر قادراً على تغيير “شروط اللعبة”. وتابع الموقع قائلاً إنّ حكومة بنيامين نتنياهو عملت على إبرام شراكات مع اليونان وقبرص، وأبرمت عقوداً لتصدير الغاز مع الأردن ومصر. الموقع الذي لفت إلى أنّ وزير الطاقة الإسرائيلي شتاينيتز أمضى السنوات الخمس الماضية يروّج لـ”خط أنابيب شرق المتوسط”، وهو عبارة عن خط أنابيب (يُقدّر طوله بـ1900 كيلومتر) من شأنه أن يربط الاحتلال الإسرائيلي بإيطاليا عبر اليونان وقبرص تحت البحر، علّق مؤكداً أنّه لطالما كان خط الأنابيب هذا مشروعاً سياسياً أكثر منه مسعى تجاري جدي؛ (يصبح أطول خط أنابيب تحت البحر في العالم بعد الانتهاء من مدّه). وأوضح الموقع فكرته مبيناً أنّ الخط المقترح يمر عبر مياه متنازع عليها بين تركيا واليونان وقبرص، إلى جانب فوالق جيولوجية ناشطة وأغوار عميقة.
وفي حين اعتبر الموقع تجاوز هذه التحديات الجيوسياسية والتقنية مسألة ممكنة “نظرياً”، أشار إلى أنّ الخبراء في هذا المجال حذّروا من أنّ العائق الأساسي أمام خط أنابيب المتوسط يتمثّل بجدواه الاقتصادية.
ونظراً إلى أنّ كلفة المشروع تُقدّر بـ7 مليار دولار تقريباً، نبّه الموقع من أنّ ثمة شكوكاً بقدرة الغاز الإسرائيلي والقبرصي على منافسة سواه بحلول الوقت الذي يبلغ فيه أوروبا.
على مستوى اليونان وقبرص اللذيْن وقعا مع الاحتلال الإسرائيلي على اتفاق “إيست ميد” في كانون الثاني الفائت، ذكّر الموقع بإعلان شركات “إيني” و”توتال” و”إكسون موبيل” تعليق أعمال الحفر لمدة عام في أوائل أيار الماضي، قائلاً: “تغيب الضمانات التي تشير إلى أنّ المطورين سيعودون بالاهتمام السابق نفسه، ناهيك عن أنّ خيارات التصدير الأخرى مكلفة”.
وتطرّق الموقع إلى توقيع الأردن والاحتلال اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من إسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار، مشيراً إلى أنّ المملكة ترزح تحت ضغوط كبيرة لإيجاد بدائل أرخص نظراً إلى تسجيل أسعار الغاز انخفاضاً تاريخياً، وإلى كون العقد مبرماً مع دولة الاحتلال. وفي هذا الإطار، حذّر الموقع من أنّ عمان قد تضحي بالصفقة إذا مضى الاحتلال الإسرائيلي بمشروع ضم الضفة الغربية.
بالنسبة إلى مصر التي أملت في أن تتحول إلى ملتقى للطاقة في المنطقة، أكّد الموقع أنّها تعاني اليوم لإيجاد مشترين، مضيفاً أنّها جمّدت أنشطتها في أحد مواقع الغاز الطبيعي المسال وخفضت الإنتاج في حقل ظهر.
على صعيد لبنان المثقل بالديون، ذكّر الموقع بانتهاء أعمال التنقيب من دون العثور على غاز في البلوك رقم 4، داعياً الحكومة إلى البحث عن سبل أخرى لإنقاذ البلاد، وذلك مع إعلان شركات الطاقة المعنية تعليق أنشطتها في المياه القبرصية أيضاً.
في المقابل، اعتبر الموقع أنّ تركيا تستغل الفوضى الإقليمية عبر مواصلتها استكشاف وتنقيب مياه المتوسط، واضعاً عملية إرسال السفن الاستكشافية في إطار سياسي أكثر منه تجاري، ومحذراً من أنّ الاستراتيجية التي تتبعها أنقرة على هذا المستوى وضعتها على طرفي نقيض مع اليونان وقبرص والولايات المتحدة الأميركية.
فوائد “كوفيد-19”
في ظل التوقعات القاتمة لمستقبل مشاريع الغاز في المنطقة، تحدّث الموقع عن إمكانية اتجاه صنّاع السياسات إلى إعادة تقييم توقعاتهم الإقليمية، ملمحاً إلى أنّ “كوفيد-19” أنقذ دول الشرق الأوسط من استثمارات قصيرة النظر.
واستناداً إلى هذه المعطيات، تناول الموقع استراتيجيات ما بعد الوباء، متحدثاً عن ضرورة إعطاء الأولوية لإبقاء الغاز ضمن نطاق محلي بدلاً من تصديره إلى أوروبا. وتابع الموقع: “بالنسبة إلى دول الشرق الأوسط، يقضي التحدي بتنويع بنيتها التحتية المحلية واقتصادها ليصبحا صديقيْن للغاز بشكل أكبر”.
وبعدما بات واضحاً أنّ الغاز لن يحقق طفرة سريعة كما كان متوقعاً، افترض الموقع أن ينظر اللاعبون في المنطقة في إعادة الالتزام بالديبلوماسية الإقليمية وحل النزاعات.
وفيما ذكّر بالحرب الليبية والخلافات المائية المندلعة بين اليونان وتركيا، اعتبر الموقع أنّ دور منتدى غاز الشرق الأوسط يبرز هنا، إذ يمكن أن يمثّل منبراً للنقاش حول مسائل مختلفة مثل السياحة وحماية البيئة وصولاً إلى التنسيق على مستوى الطاقة والأمن.
واشنطن.. إلى شرق المتوسط در
في هذا الصدد، رّكز الموقع على دور الولايات المتحدة، مؤكداً ضرورة اضطلاعها بدور محوري في هذا المسار، لكونها “الوسيط المفضل في عدد كبير من نزاعات المنطقة”، أضف إلى ذلك تمتع مسألة تطوير موارد النفط والغاز البحرية وتعزيز التعاون الإقليمي في شرق المتوسط بإجماع “نادر” جمهوري وديمقراطي في إدارتي الرئيسيْن باراك أوباما ودونالد ترامب؛ يرى هؤلاء غاز المنطقة وسيلة لتعزيز موقع حلفاء واشنطن في شرق المتوسط وتقليص الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي.
إلى ذلك، تحدّث الموقع عن إمكانية إرشاد الولايات المتحدة شركاءها نحو مستقبل أكثر تعاونية ومساعدتها على تطوير آليات لخفض التصعيد وإحباط تدخلات اللاعبين الخارجيين مثل روسيا وإيران والصين.
وهنا، تطرق الموقع إلى إمكانية عمل واشنطن على إشراك دول شرق المتوسط بعملية ترسيم الحدود المائية، لا سيما في ما يتعلق بتركيا وليبيا واليونان وقبرص. أمّا بالنسبة إلى لبنان، فرأى الموقع أنّه يتعين على الديبلوماسيين الأميركيين “دعم” الاحتلال الإسرائيلي ولبنان لحل مشاكل الحدود البحرية العالقة، لقدرة ذلك على طمأنة الشركات الأجنبية عند التنقيب في المياه اللبنانية. وهنا، رأى الموقع أنّ قيام واشنطن بجمع اللاعبين الإقليمين على طاولة التفاوض في وقت واحد يشكّل ظرفاً مثالياً.
توازياً، تحدّث الموقع عن توسيع قانون “شراكة الأمن والطاقة شرق البحر المتوسط” (يُعرف بمشروع قانون منديز-روبيو) بما يضمن مشاركة مصر والأردن والسلطة الفلسطينية ولبنان وتركيا، وبالتالي إفساج المجال أمام تواصل واشنطن مع مختلف القطاعات في شرق المتوسط، بما يعزز المصالح الاقتصادية والثقافية والاستراتيجية.
ختاماً، كرر الموقع ضرورة حفاظ الولايات المتحدة على ديبلوماسية متعددة الجوانب وتوسيعها، على الرغم من أنّه يبدو أنّها ملتزمة بتقليص وجودها على الساحة العالمية.
لبنان 24 – War on the Rocks