مجلة وفاء wafaamagazine
عماد مرمل
شكّلت العقوبات الأميركية في حق الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، إشارة واضحة الى انّ واشنطن انتقلت في معركتها ضدّ «حزب الله» إلى التصويب المباشر على حلفائه واصدقائه في البيئتين المسيحية والشيعية، سعياً الى إطباق الحصار عليه وتجفيف «ينابيعه السياسية». فكيف يعلّق رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على هذا التطور، الذي أصابت شظاياه احد قياديي «المردة»؟
لعلّ واشنطن تفترض انّ إدراج شخصيات من خارج الإطار التنظيمي لـ»حزب الله»، على لائحة العقوبات، سيؤدي شيئاً فشيئاً الى إحداث شرخ بينه وبين حلفائه واصدقائه، الذين لا يملكون قدرته على تحمّل العقوبات والتكيّف معها.
والأرجح، انّ «العاصفة الأميركية» ستهبّ لاحقاً على شخصيات أخرى، في إطار محاولة «القضم» المتدرّج للمساحات الداخلية التي «تحتضن» الحزب، وسط قلق في بعض الاوساط من ان يترك السلوك الأميركي انعكاسات على زخم المبادرة الفرنسية التي تستند اساساً الى «استراتيجية الاحتواء».
«مش مستحيين»
يقول رئيس» المردة» سليمان فرنجية لـ «الجمهورية»، انّه «طالما انّ الاميركيين عاقبونا بتهمة اننا نساعد المقاومة سياسياً، فهذا امر لا يحرجنا، ونحن «مش مستحيين» بتأييدنا السياسي للمقاومة، بل نفتخر بهذا الموقف الثابت».
ويعتبر فرنجية، انّ العقوبات الأميركية في حق فنيانوس تنطوي على استهداف سياسي مباشر، «وفي رأيي، انّهم اتخذوا قرار العقوبات ثم راحوا يبحثون عن الاسباب لتبريرها».
قصة المتعهدين
ويشير فرنجية الى «انّ الذرائع التي استند اليها القرار الأميركي هي واهية وهزيلة»، موضحاً «انّ المتعهدين يتعاونون مع وزارة الأشغال منذ عشرات السنين، فلماذا استفاقت واشنطن عليهم الآن؟». ويلفت الى «انّ هناك انتماءات او اتجاهات سياسية لمعظم المتعهدين في لبنان بحكم الواقع الداخلي المعروف، والوزير فنيانوس لزّم مشاريع بموجب مناقصات الى متعهدين من بشري لديهم لون «قوّاتي»، وآخرين من الجبل لديهم لون «اشتراكي»، وكذلك أعطى تلزيمات لمقربين من «تيار المستقبل»، ولاشخاص يحملون الصبغة العونية تولّوا تنفيذ مشاريع في مناطق مسيحية».
ويضيف: «ضمن السياق نفسه، من الطبيعي ان يكون معظم المتعهّدين في الجنوب وبعلبك- الهرمل مؤيّدين او منتمين الى «حزب الله» وحركة «امل»، وبالتالي، فإنّ تلزيمهم مشاريع لا يشكّل دعماً للحزب في حدّ ذاته، علماً اننا، وكما أكّدت، لا نخجل من وقوفنا في السياسة والخيارات الاستراتيجية الى جانب المقاومة».
ويتابع فرنجية مبتسماً: «بعد شوي، يمكن الحراك يصير عندو متعهدين كمان..». ويشدّد على أنّ «مزاعم الفساد التي تضمنها القرار الأميركي ليست سوى غطاء ركيك لمضمون سياسي واضح، ومحاولة للتمويه على حقيقة انّ العقوبات صدرت في حق فنيانوس بسبب انتمائه السياسي بالدرجة الأولى».
«تفنيصة» التسريب
اما في ما خصّ الاتهام الأميركي لفنيانوس بأنّه سرّب معلومات تتعلق بالمحكمة الدولية الى «حزب الله»، فإنّ فرنجية يلفت الى انّ فنيانوس كان محامي احد الضباط الأربعة، وبالتالي يحق له في إطار الدفاع عن موكله ان يطلع على مستندات او ان يلاحق ثغرة في الملف.
ويتساءل فرنجية: «هل «حزب الله» في حاجة اصلاً الى فنيانوس ليحصل على معلومة تتعلق بالمحكمة الدولية.. هذه تفنيصة».
«تحالفنا صلب»
وعمّا اذا كانت العقوبات ستدفع تيار «المردة» الى مراجعة حساباته، يؤكّد فرنجية انّ «إقتناعنا بالمقاومة وبالتحالف معها هو إقتناع صلب لا يغيّر فيه شيء، بل انّ هذا الضغط علينا يزيدنا تمسّكاً بموقفنا، ولن نتراجع»، مشيراً الى انّه «اذا كان الهدف من العقوبات ابعادنا عن المقاومة لتضييق الخناق عليها، فإنّ هذه السياسة لن تحقق الغرض منها، بل ستفضي الى مفعول عكسي».
«وين بعد في حسابات»
وعن مفاعيل العقوبات التي ستؤدي الى إقفال الحسابات المصرفية لفنيانوس، وربما لقريبين منه ايضاً، يجيب فرنجية ضاحكاً: «ليش وين بعد في حسابات بالبنوك اصلاً عقب الانهيار المالي الذي وقع.. لقد وصل الأميركيون متأخّرين».
وعمّا اذا كانت العقوبات الأميركية المستجدة ستؤثر على المبادرة الفرنسية ومسعى تشكيل الحكومة، يستبعد فرنجية مثل هذا التأثير، لكنه يلفت الى انّه يتفرج من بعيد على الطبخة، «وعندما يستشيروننا، نعطي رأينا»، موضحاً «انّ دخولنا الى الحكومة من عدمه يتوقفان على طبيعة تركيبتها».
الحكومة المطلوبة
ويوضح فرنجية، انّه يعارض تشكيل حكومة اللون الواحد، «اما المستقلون والحياديون فليسوا موجودين اساساً»، مشدّداً على «أنّ المطلوب حكومة فعّالة تضمّ وزراء فعّالين، يكونون قادرين على تحقيق الانجازات والفارق في الوزارات التي سيتسلمونها». ويعتبر «انّ نجاح الحكومة لا يتوقف فقط على اشخاصها وإنما قبل كل شيء على وجود قرار سياسي بإنجاحها عند القوى التي ستغطيها».
الجمهورية