الرئيسية / محليات / إدمون صعب رحل وفي قلبه غصّة!

إدمون صعب رحل وفي قلبه غصّة!

من كان يتابع كتابات الراحل الصديق إدمون صعب، سواء في “النهار” قبل “تهجيره”، أو في “السفير” قبل أن تطوي آخر صفحاتها، كان يلاحظ ما بين سطوره تلك  “الثورة” التي لم تفارقه يومًا حتى النفس الأخير، وهو الذي لم يكن يساوم على كان مقتنعًا به، وإن كان يذهب دائمًا في أفكاره وطروحاته إلى أقصى درجات التحدّي والإستفزاز.
وعلى رغم ما كان في ما يكتبه من حدّية كان يخفي في طياته ذاك الإنسان، الذي لم يعرف ضغينة، فكان مع الكبار كبيرًا، ومع الصغار صغيرًا بالمعنى الحصري للكلمة.
إدمون صعب من جيل الصحافيين، الذين بدأوا ينقرضون، بعدما أفنوا العمر في مهنة المتاعب، فلم يأتهم منها سوى المتاعب، وهم الذين كانوا شهودًا على مرحلة ذهبية من الصحافة الورقية الآخذة بالإندثار، فكانوا من خلال ما يكتبون يحدثون الحدث، حتى يصبحوا هم والخبر واحدًا.
رحل إدمون صعب قبل أن يشهد إنسدال الستارة عن تاريخ الصحافة الورقية، رحل وفي قلبه غصّة عمّا كان عليه مجد الصحافة، التي كانت تفوح منها رائحة الحبر، والصدق والموضوعية والرصانة وعمق التحليل المستند إلى معلومات غير مفبركة وغير مرّكبة على قياس أشخاص ومصالح، بل كانت تغوص في أعماق الفكر لتطلع برأي مغاير وبمقالة تحدث الفرق وتحاول أن تجمّل الواقع الميؤوس منه لتجعل منه نافذة لأمل غير مفقود.
إدمون صعب واحد من القلائل، الذين نذروا أنفسهم في معبد الكلمة، فكان ما بينهما علاقة تتخطى الحروف الجامدة، فكانت للكلمة معه ومعهم نكهة أخرى ولون من ألوان قوس القزح، المبشر بقرب الفرج بعد العواصف.
إدمون صعب ستفتقدك الصحافة وستكون بغيابك غير ما كانت عليه يوم كنت تضج حياة وحركة وعطاء.
إدمون صعب إرقد بسلام ولا تنسى أن تكتب لنا، وإن لم تفعل فسنواصل التواصل معك. فروحك باقية معنا. منك نتعلم أن نثور على ذواتنا أولًا وعلى الواقع.

المصدر: لبنان 24

ا