مجلة وفاء wafaamagazine
كان لافتا الدخول الروسي على خط الازمة اللبنانية من خلال تكثيف المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف اتصالاته مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، فبعدما التقى في موسكو بمستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق امل ابو زيد، اتصل بوغدانوف بالرئيس المكلف سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط» للتشاور» حيال ازمة تشكيل الحكومة والملف الصحي المرتبط ب»كورونا».
ووفقا لمعلومات «الديار» لا توجد لدى موسكو اي مبادرة جاهزة يمكن التعويل عليها لكسر الجمود في الملف الحكومي، ولا توجد حتى الان اي رغبة روسية في التحرك طالما لا تزال المبادرة الفرنسية على «الطاولة»، لكن التحرك الروسي ياتي على خلفية ارتفاع منسوب القلق لدى القيادة الروسية من دفع لبنان «فاتورة مؤلمة» وباهظة الثمن في الفترة الانتقالية للادارة الاميركية الجديدة غير المهتمة بملفات الشرق الاوسط، الا بشقها الايراني، ودون استعجال لبلورة موقف واضح من هذا الملف الحيوي ايضا.
واسباب القلق في موسكو ترتبط بمعطيات تتجاوز الساحة اللبنانية المعرضة للاختراق بسبب «الستاتيكو» القائم راهنا والذي يشرع «الابواب» امام احداث كبرى تكون عادة مدخلا «دمويا» لكسر الجمود، وهو امر تخشاه موسكو، وسبق وحذرت المسؤولين اللبنانيين منه.
اما المعطيات الخارجية، فترتبط بحالة الارباك السائدة لدى حلفاء واشنطن في المنطقة وفي مقدمتهم السعودية واسرائيل، حيال ازمة الثقة مع الادارة الجديدة في البيت الابيض، وهاتان الدولتان تلعبان دورا محوريا مؤثرا على الداخل اللبناني، وهما الان في وضع صعب يخشى ان تكون انعكاساته سلبية على الساحة اللبنانية.
موسكو قلقة من اسرائيل
واذا كان التأثير السعودي السلبي يترجم بعدم التجاوب مع المبادرة الفرنسية لتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيل الحكومة، فان السلبية الاسرائيلية تبدو اكثر خطورة، وموسكو تراقب عن كثب التصعيد العسكري الجوي في سوريا، وباتت ترى فيها تصعيدا متدحرجا يقترب من «الخطوط الحمراء» المرسومة والتي قد تؤدي الى تصعيد غير محسوب في المنطقة، ولبنان غير بعيد عن هذه التداعيات خصوصا ان ثمة اتجاها لدى القيادة الاسرائيلية «للفت» انتباه واشنطن الى المنطقة واجبار بايدن على الانغماس بقضايا الشرق الاوسط التي لا تبدو اولوية لديه، وهذا الامر لا يحصل الا في حالة واحدة عندما تتحدى إسرائيل الوضع القائم عبر محاولة فرض امر واقع يغير من الاستراتيجية الاميركية.
واذا كانت الجبهة الايرانية صعبة الاختراق عمليا، ورموسكو تلعب دور الضامن لعدم انفلات الوضع في سوريا، فان الجيهة اللبنانية تبقى «الخاصرة الرخوة» التي يخشى الروس ان تستخدمها اسرائيل لجذب انتباه الاميركيين. ولهذا كثفوا تحركاتهم في الساعات القليلة الماضية لتنبيه الجانب اللبناني الى هذه المخاطر، وتقديم النصيحة بضرورة تحصين الوضع الداخلي والاسراع بتشكيل حكومة جديدة.
الديار