الأخبار
الرئيسية / سياسة / مَن يُمسك بالشارع ؟

مَن يُمسك بالشارع ؟

الإثنين 30 أيلول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

أحد غاضب لا يمكن ان يتحول ثورة في لبنان، لكنه يشكل انذاراً للسلطة الحاكمة في كل المواقع. ومحدودية الحراك التي حكمت معظم محطات النهار الطويل أمس، لا تمنع تفلت الشارع، أو دخول طابور خامس يتسبب بفوضى أو فلتان وأعمال شغب وتخريب في أي محطة مقبلة. تحرك أمس انتهى بمناوشات ومواجهات محدودة، وقد ينحسر اذا ما تمكنت الحكومة من ايجاد حل لمشكلة الدولار أولاً، لا تكتفي بتوفيره في الاسواق، وانما تحافظ على سعر صرفه فلا يتعدى السعر الرسمي اذ يؤدي ارتفاع سعر الصرف الى تقلص قيمة الرواتب والأجور، ويضعف القدرة الشرائية للبنانيين الذين يقبضون رواتبهم بالعملة المحلية.

التحرك الذي دعت اليه مجموعات في المجتمع المدني، خرج عن السيطرة بعد دخول مجموعات مجهولة الهوية عليه تسربت من الشوارع والأحياء وعمدت الى احراق الاطارات ومستوعبات النفايات. ولولا تعدد التحركات في غير منطقة، خصوصاً في طرابلس وصيدا وقرى بقاعية، لاتخذ الحراك منحى طائفياً، وحزبياً، في ظل اعتبار فريق رئيس الجمهورية ان ثمة من يعمل على توجيه رسائل سياسية الى العهد، بان الشارع أقوى من الارادة السياسية، وان المواجهة في الشارع مكلفة على العهد وعلى الحكومة معاً. وقد امتنع تلفزيون “أو تي في” عن نقل التحركات بعدما كثرت اللافتات والنداءات التي تدعو رئيس الجمهورية والحكومة الى الاستقالة.

ورأى مقربون من الرئاسة الأولى “ان الامور تحولت نحو الفوضى، وبدأت تظهر إشارات على أن هذا التحرك بتنقله من منطقة الى أخرى، ودخول شبان من أحياء مختلفة، هو عبارة عن بروفة لتصفية حسابات بين أركان السلطة، وإمكان إحداث فوضى في البلد تذكر بشبح عام 1992 عندما أُسقطت حكومة عمر كرامي. لكن التحركات انعكست سلباً على إمكان تشكيل حالة شعبية اعتراضية على الوضع الراهن. وكان لافتاً التصويب في التظاهرة على العهد ورئيس الجمهورية، وهو ما اعتبره المصدر أنه يفيد الرئيس ولا يحرجه، ويؤكد وجهة نظره بأن هناك قوى تستهدفه وتحمله مسؤولية الأزمة”.

وغرّدت وزيرة الداخليّة والبلديّات ريّا الحسن عبر “تويتر”: “بتفهّم تذمر الناس من الوضع الاقتصادي والمالي الصعب، وأنا مع ?حرية التظاهر والتعبير اكيد، بس اللي ما بفهمو صور الحرق والتكسير والتمزيق والشتم اللي بيشوه أي تحرك مطلبي”.

وأضافت: “كوزيرة داخلية لا يمكنني الا ان أثني على القوى الأمنية في هذا النهار الطويل والمتعب وجهود عناصرها التي لم تسمح لأشخاص بأخذ التظاهرات لأماكن أخرى بعيدة عن غايتها، وبنفس الوقت لا أقبل ان يتطاول أي عنصر أمني على أي مواطن”.

وبدا ان انشغال اللبنانيين بالشارع أمس، جعل المشكلة الاقتصادية الحقيقية على الرف، مع تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة اليوم، نتيجة سفر الرئيس سعد الحريري الى باريس للمشاركة في تشييع الرئيس الفرنسي سابقاً الراحل جاك شيراك.

وفي انتظار تعميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامه غداً لتنظيم عملية تمويل استيراد النفط والطحين والدواء بالدولار الاميركي، أكد وزير سابق ونائب لـ”النهار” ان الحل “لا يلغي أصل المشكلة والتي لم تعد تعالج بالمسكنات لأنها كبيرة وعميقة، وتحتاج الى حلول جذرية وسلسلة اصلاحات واجراءات بات من الصعب المضي بها في ظل ما نشاهده يومياً من تهرب من المسؤولية وإلقاء البعض التهمة على الآخر”. وتخوف من أن ترجئ ضغوط الشارع اقرار مجلس الوزراء بعض الاجراءات الاقتصادية “الضرورية” لانقاذ الوضع موقتاً.

ولفت الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني إلى أن الورقة الاقتصادية التي درست خلال اللقاء الاقتصادي في القصر الجمهوري في بعبدا “لا تزال موضع درس في اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء”. وأبرز “ضرورة الإسراع في البدء بالإصلاحات التي لا مفرّ منها، قبل فوات الأوان بعد التلكؤ والبطء في المعالجة، وأن يتم الأخذ بكل البنود الإصلاحية وخصوصاً في ما يتعلق بالكهرباء والتزام سقف التحويلات لمؤسسة كهرباء لبنان بما لا يتجاوز الـ1700 مليار ليرة في العام 2020”.

ويذكر ان “البنود الخمسة الموجعة، التي يجري الحديث عنها في اللجنة الوزارية هي ضمن الورقة الاقتصادية التي أعدّها الخبراء الاقتصاديون، ومنها تجميد الرواتب والأجور مدة ثلاث سنوات وزيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 7 في المئة وزيادة الرسوم على السجائر بمعدل 500 ليرة للعلبة الواحدة من الإنتاج الوطني و1000 ليرة لبنانية لعلبة التبغ الأجنبي، واعتماد ثلاثة معدلات للضريبة على القيمة المضافة وخصوصاً للسلع الكمالية ووضع حدّ أدنى وحدّ أقصى لأسعار البنزين.

سياسياً، وفي ضوء الضجيج المفتعل حول اعادة ربط العلاقة مع النظام السوري، والتي دخل على خطها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد رئيس الجمهورية، يحطّ الموفد الأميركي لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل السفير ديفيد شنكر، في 14 تشرين الاول المقبل، لاستكمال وساطته في هذا الاطار، بعدما جاءت زيارته الاولى للتعرف الى المسؤولين ونقل بعض الرسائل الاميركية في ضوء الاعتداء الاسرائيلي بطائرتين مسيرتين على الضاحية الجنوبية لبيروت.

النهار