الرئيسية / آخر الأخبار / الراعي: الجمود بات جريمة ونحذر من تعريض لبنان لحروب جديدة

الراعي: الجمود بات جريمة ونحذر من تعريض لبنان لحروب جديدة

مجلة وفاء wafaamagazine

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، رفع خلاله الصلاة لراحة نفس المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، في الذكرى الثانية لرحيله، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وبيتر كرم، أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، في حضور النائب زياد حواط ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، مجلس إدارة “مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية” برئاسة الدكتور الياس صفير والسيدة ميلاني بريدي، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك الفخري، عائلة الراحل باسيل باسيل وعدد من الفاعليات والمؤمنين، التزموا الإجراءات الوقائية.

بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “الآن مجد إبن الإنسان، ومجد الله فيه”، قال فيها: “خرج يهوذا الإسخريوطي من ذاك العشاء الفصحي الأخير، ليسلم يسوع للآلام والموت. فاعتبرها يسوع ساعته الأخيرة التي يبلغ فيها ذروة المحبة، ويكتمل مجده كإبن للانسان ومجد الله. فقال: الآن مجد إبن الإنسان، ومجد الله فيه (يو 13: 31). في هذا السياق، أعلن يسوع لتلاميذه وصيته الجديدة: أحبوا بعضكم بعضا، كما أنا أحببتكم (يو 13: 34). وأرادها في العالم علامة فارقة للتلمذة له (راجع يو 13: 35). فضيلتان نلتمسهما اليوم من كلام الرب يسوع: التفاني في بذل الذات الذي يشركنا في المجد الإلهي، والمحبة لكل إنسان التي تشهد لمحبة المسيح وتجتذب إليه”.

أضاف: “نحيي في هذا الأحد عيد سيدة الزروع الذي صادف نهار أمس الخامس عشر من أيار. تعتبر السيدة العذراء حامية الزروع ولا سيما القمح. فنلتمس شفاعتها كي يبارك الله المزروعات ويحميها من الأضرار، ويبارك جهود المزارعين. أما الأساس اللاهوتي فهو أن مريم بقبولها كلمة الله في قلبها فقد قبلته خبزا سماويا في حشاها، فكان للبشرية خبز الحياة، مثل حبة القمح في الأرض الخصبة. في عيد سيدة الزروع سنة 1920 أبصر النور في بلدة ريفون الكسروانية المثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، وانتقل إلى بيت الآب في 12 أيار 2019 وهو على مشارف المئة سنة من العمر. تحضر معنا شقيقته السيدة ميلاني وأنسباؤه ومجلس إدارة مؤسسة البطريرك صفير الخيرية. نذكره في هذه الذبيحة المقدسة راجين له الراحة الأبدية في السماء، وللجميع العزاء. كما نذكر بصلاتنا المرحوم باسيل باسيل الذي ودعناه مع عائلته الحاضرة معنا اليوم منذ 25 يوما. نصلي لراحة نفسه، وعزاء أسرته”.

وتابع: “لمناسبة عيد سيدة الزروع، يحضر معنا المدير العام لوزارة الزراعة الأستاذ لويس لحود، مع وفد من المسؤولين في هذا القطاع، بهدف التشجيع على الزراعة. نود توجيه الشكر لسعادة المدير العام على تعاونه مع البطريركية والأبرشيات والرهبانيات ومع الكليات الزراعية والجمعيات والنقابات والتعاونيات، بهدف تعزيز الزراعة وتطويرها وإبقاء المزارع في أرضه، وخلق فرص عمل للشبيبة، فإن أكثر من ثلث سكان لبنان يعيش من القطاع الزراعي المتنوع. تولي الكنيسة إهتماما خاصا بزراعة الأرض التي سلمها الله الخالق للانسان لكي يحرثها ويعيش من ثمارها، مأكلا ومشربا، على اساس من العلاقة الروحية الصافية والعلاقة العلمية المتطورة مع الارض التي تشكل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية. تحقق الزراعة الأمن الغذائي من خلال تأمين حاجة لبنان من الغذاء والمواد الأولية للمصانع الغذائية والحد من استيراد الحاجات الغذائية الذي يتجاوز 75%، ومن خلال زيادة الصادرات الزراعية من أجل إدخال العملة الصعبة الى لبنان. إننا في المناسبة نطالب الدولة بدعم القطاع الزراعي لكونه قطاعا أساسيا في الاقتصاد الوطني، وإعادة النظر بالاتفاقات بهدف فتح الاسواق امام الانتاج الزراعي اللبناني، وتحسين سبل عيش المزارعين والمنتجين، وزيادة الطاقة الانتاجية وتعزيز قدرتها التنافسية بالشكل العلمي. ونناشد اللبنانيين المنتشرين ومؤسساتهم الاعتناء بتسويق المنتجات الزراعية اللبنانية والمونة والمطبخ اللبناني، ودعم القطاع الزراعي، من أجل إنهاضه وتأمين شبكة الأمن الغذائي وتطوير نظامه ليكون أكثر صمودا وشمولية وتنافسيا واستدامة”.

وقال: “زارنا بالأمس وفد من مصدري الخضار والمزارعين للتعبير عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء منع دخول الإنتاج الزراعي اللبناني حدود المملكة العربية السعودية ومن خلالها بلدان الخليج. وهذا قرار يقضي على المزارعين الشرفاء. ولكننا نطالب الدولة اللبنانية بواجب مراقبة البضائع التي تخرج من لبنان، ويستغلها أصحاب الشر لتهريب المخدرات على أنواعها. كما يحضر معنا اليوم وفد من الصناعيين المتضررين هم ايضا في قطاعهم من قرار المملكة”.

أضاف: “بالعودة إلى إنجيل اليوم، نفهم أن كل إنسان مدعو لتمجيد الله بإتمام إرادته بفعل إيمان وطاعة، ولعيش وصية المحبة تجاه كل إنسان. إنه بذلك يساهم في تحقيق تصميم الحب الإلهي، والله يشركه في مجده. ما جعل القديس إيريناوس يقول: مجد الله الإنسان الحي. كم نتمنى لو أن المسؤولين السياسيين عندنا يدركون، عظمة مسؤولياتهم التي تشكل فرصة فريدة لتمجيد الله بتأمين الخير العام، وبإتاحة الفرص لكل مواطن كي يحقق ذاته، وبالتعبير في الأفعال عن محبتهم للمواطنين. ولكننا نشهد بكل أسف، المزيد من الإنهيار الإقتصادي والمالي والمعيشي والإجتماعي، والغلاء الفاحش في السلع والأدوية حتى فقدان هذه الأخيرة، والتهريب والجشع والاحتكار، ولا سلطة إجرائية، ولا قضاء ولا مؤسسات رقابة. لذا، نعلن باسم الجميع رفضنا وعدم قبولنا:
1- لا نقبل بتاتا بأن تمعن الجماعة السياسية في قهر الناس وذبح الوطن، وأن تتفرج على العملة الوطنية تفقد أكثر من 85 % من قيمتها، وعلى اللبنانيين يتسولون في الشوارع، ويتواصل الغلاء الجنوني.
2- لا نقبل بتاتا بأن تذهب أموال دعم السلع إلى المهربين والميسورين والتجار، وأن يشتبك المواطنون في المتاجر على شراء السلع وأن تفقد الأدوية والمواد الغذائية والوقود.
3- لا نقبل بتاتا بالمس باحتياطي المصرف المركزي فتطير ودائع الناس.
4- لا نقبل بتاتا بأن تبقى المعابر البرية الحدودية مركزا دوليا للتهريب، والمطار والمرفأ ممرين للهدر الموصوف.
5- لا نقبل بتاتا بأن يستمر الفساد في أسواق الطاقة والكهرباء ويدخل لبنان عصر العتمة.
6- لا نقبل بتاتا بأن تهاجر الأدمغة اللبنانية والنخب وأهل الاختصاص.
7- لا نقبل بتاتا بأن يعتم على المرتكبين الحقيقيين ويبحث عن أكباش محارق.
8- لا نقبل بتاتا بأن تضرب مؤسسات الكيان والنظام، ويستمر إسقاط النظام السياسي والاقتصادي.
9- لا نقبل بتاتا بأن يعزل لبنان للاطباق عليه بعيدا من أنظار العالم.
لكن ثقوا، أيها اللبنانيون المخلصون أن ابتسامتنا ستشرق. فنحن أبناء إيمان وإرادة ورجاء. وستتم كلمة القديس البابا يوحنا بولس الثاني في ختام إرشاده الرسولي رجاء جديد للبنان: سيزهر كليا من جديد لبنان، الجبل السعيد الذي رأى شروق نور الأمم، وأمير السلام، ، ويلبي دعوته بأن يكون نورا لشعوب المنطقة وعلامة للسلام الآتي من الله. وهكذا إن الكنيسة في هذا البلد تفرح إلهها (را. نش 4: 8)؛ (الإرشاد فقرة 125)”.

وتابع: “من هذا المنطلق، يتوجب على المسؤولين تحريك مفاوضات تأليف الحكومة. فالجمود السائد مرفوض، وبات يشكل جريمة بحق الوطن والشعب. إن بعض المسؤولين عن تأليف الحكومة يتركون شعورا بأنهم ليسوا على عجلة من أمرهم، وكأنهم ينتظرون تطورات إقليمية ودولية، فيما الحل في اللقاء وفي الإرادة الوطنية. أي تطورات أخطر من هذه التي تحصل حولنا الآن؟ إن المرحلة تتطلب الاضطلاع بالمسؤولية ومواجهة التحديات وتذليلها لا الهروب منها وتركها تتفاقم. بل كلما ازدادت الصعوبات كلما استدعت تصميما إضافيا”.

وقال: “ما يحصل بين إسرائيل والشعب الفلسطيني الصامد تحول نوعي خطير في مجرى الصراع على الأرض والهوية. وما يتعرض له الفلسطينيون يدمي القلوب، ولا سيما أن بين الضحايا أطفالا ونساء وشيوخا. حان الوقت لوقف مسلسل العنف والهدم والقتل، وإقرار حل نهائي للقضية الفلسطينية بعد ثلاث وسبعين سنة من الحروب والدمار والمظالم الإسرائيلية. إننا ندعو إسرائيل إلى الاعتراف الجدي والصريح بوجود حقوق للشعب الفلسطيني، وبأنه يستحيل عليها أن تعيش بسلام من دون القبول بدولة فلسطينية قابلة للحياة. فلا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون حق. في هذا المجال ندعو السلطات في لبنان إلى ضبط الحدود اللبنانية – الإسرائيلية ومنع استخدام الأراضي اللبنانية منصة لإطلاق الصواريخ. فحذار أن يتورط البعض مباشرة أو عبر أطراف رديفة في ما يجري، ويعرضون لبنان لحروب جديدة. لقد دفع اللبنانيون جميعا ما يكفي في هذه الصراعات غير المضبوطة. ليس الشعب اللبناني مستعدا لأن يدمر بلاده مرة أخرى أكثر مما هي مدمرة. يوجد طرق سلمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني من دون أن نتورط عسكريا. فمن واجب لبنان أن يوالف بين الحياد الذي يحفظ سلامته ورسالته، ويلتزم في تأييد حقوق الشعب الفلسطيني”.

وختم الراعي: “نصلي إلى الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان، وسلطانة السلام، كي يضع حدا للحرب، وأن يغدق على هذه الأرض التي عليها تجلى نعم الخلاص والفداء”.

الحواط
بعد القداس استقبل الراعي المشاركين في القداس، وفي مقدمتهم الحواط الذي قال: “ما أحوجنا لذكرى البطريرك صفير في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها على المستويات كافة، ولنستلهم من مواقف بطريرك الاستقلال الثاني الوطنية للاستمرار في الصمود من أجل الوصول بلبنان الى بر الأمان، لبنان الحر السيد والمستقل، فنخرجه من المأزق السياسي والوطني والاقتصادي الذي يمر به”.